بروف هاشم علي سالم يكتب … خربشات على جداريات الحوار (56).. …توصيات الحريات الشخصية…
بروف هاشم علي سالم يكتب … خربشات على جداريات الحوار… (56)..
…توصيات الحريات الشخصية…
كانت لجنة الحريات من أكثر اللجان سخونة وكنا دائما ندخل إليها الخبراء حسب طلب رئيس اللجنة وهذه اللجنة أيضا من أكثر اللجان التي تعاقب عليها رؤساء للجنة.. وطلبوا أن تكون لهم لجنة صياغة خاصة باللجنة تساعدهم في صياغة توصيات اللجنة..
وهذه اللجنة من أكبر اللجان التي بها محامون وأساتذة القانون في الجامعات.. اذكر ان هناك عدد من التوصيات تم عرضها على اللجنة عن الحريات الشخصية وبلغت ثمانية عشرة توصية (18).. وجدت هذه التوصيات نقاشا طويلا من بين مؤيد ومعارض في اللجنة ولم يتم توافق كامل عليها وطال وقت التداول فيها ووصلت اللجنة إلى طريق مسدود ودخل الموفقون والخبراء وتم تغيير لجنة الصياغة أكثر من مرة ولم تصل اللجنة أيضا إلى قرار حيال هذه التوصيات..
وكان لابد من الوصول إلى قرار بشأنها اما موافقة أو رفض.. وفي صباح احد الايام أتاني باكرا في المكتب المستشار القانوني (ك. ع) عضو تلك اللجنة ووضع لي ورقة مكتوبة بخط اليد بقلم أخضر..
وذكر لي أن هذه محاولة من د. حسن الترابي لصياغة التوصيات الثمانية عشر لعرضها للجنة.. وفي الورقة تم اختصار التوصيات إلى تسع توصيات فقط.. في هذه الحالة ليست من مسؤولية الأمانة العامة التدخل في عمل اللجان أو اقتراح تقارب للأفكار فالأمر متروك فقط لأعضاء اللجنة ولكني وعدته خيرا بأن اتصرف..
أخذت تلك الورقة واخذتها معي في نهاية اليوم وفتحت دستور 2005 المعدل وفوجئت تماما بأن المكتوب في تلك الورقة هو مايوجد تماما في ذلك الدستور باختلافات بسيطة ولكنها تؤدي إلى نفس المقصود..
شجعني ذلك بأن أعرض الأمر إلى اللجنة التنسيقية العليا (7+7) واقترحت لهم تشكيل لجنة من داخل لجنة الحريات للبت في أمر المقترح الجديد..
حضرت اجتماع اللجنة الأول وأوضحت لهم بأن هذا المقترح هو الموجود فعلا في دستور (2005) المعدل وفي ذلك الوقت كان هذا الدستور هو الذي يحكم البلاد وذكرت لهم البنود التي تتضمن هذه التوصيات التسع وتركت اللجنة لتداول أمر تكليفها..
لم يمر وقت طويل ورفعت اللجنة تقريرها وبالتالي تم تحويل التقرير إلى لجنة الحريات وتم نقاشه مسنودا بما هو موجود اصلا في الدستور.. تمت ألموافقة اخيرا على مقترح التوصيات التسع وأصبحت توصيات متفق عليها بالإجماع..
هذه التوصيات التسع ترسم مسارا راقيا للحرية الشخصية وتعامل المواطن باحترام كامل في اعتقاله ومدة الاعتقال التي يقضيها واعطاؤه كل حقوقه من حيث العناية الطبية داخل المعتقل وتوفير الدواء والطبيب وتوفير محامو الدفاع..
كانت توصيات تحترم الإنسان وتعامله كمواطن من الدرجة الأولى في وطنه ويقف القانون على مسافة واحدة من كل المواطنين.. لو نفذت تلك التوصيات لنجونا من كلمة لكن.. قدر هذه البلاد أن تظل.. لكن.. غصة في حلق الوطن.. فمتى نخرجها من حلوقنا..
بروف هاشم على سالم