اغرب من الخيال … أقبح قصة حب سجلها التاريخ.. وفاءً لحبيبته عاشر جثتها 7 سنوات
وكالات اثيرنيوز
وقف أمام قبرها والحزن يعتصر قلبه، وشلال دموع يسيل من عينيه، وكل الأفكار الجنونية تتسابق في عقله مثل الكلاب المفترسة، وحدث نفسه متسائلا: «لماذا ماتت الآن؟..
أبعد كل هذا الانتظار؛ تموت هكذا دون رأفة بحالي؟ ماذا سأفعل بدونها؟؛ ومع كثرة الأسئلة التي ربما لم يتحملها جسده، تهاوى الجسد على قبرها، واحتضنه كما يحتضن الأب طفلته، في مشهد وكأنه الوداع الأخير.
استجمع ما فيه من عزم وودعها ببعض كلمات الرثاء، وأخذ قدميه يجرها نحو منزله، حاملا معه كل مشاعر الحزن ولحظات الخيبة والوجع، وما أن دلف المنزل حتى ألقى بجسده على أول أريكة تعثرت بها قدماه، وراح في نوم عميق وكأنه جثة هامدة ليس فيها روح.
▪︎نبوءة الصغر
استيقظ على كابوس الوحدة، وأخذ يلعن الأقدار التي حرمته من محبوبته التي ظل ينتظرها منذ أن كان طفلا صغيرا، تلك الطفلة التي كانت نبوءة إحدى قريباته المتوفية منذ مدة طويلة وكانت تأتيه في الحلم وتخبره بأنه سوف يقابل فتاة رائعة الجمال لها شعر أسود كسواد الليل هذه الفتاة سوف تكون شريكة حياتك و حبك الأول و الأخير.
بطل قصتنا، هو الطبيب الألماني كارل تانزلر، والذي لولا التفاصيل المتبقية من قصة حبه، لكانت مثالا على الوفاء للحبيب حتى بعد موته، ولكن كارل بعد التصرفات الغريبة التي قام بها بعد وفاة حبيبته أصبح يضرب به المثل في أبشع وأقبح قصة حب.
▪︎الطبيب الألماني
«كارل تانزلر» الذي ولد عام 1877 في ألمانيا، ثم سافر إلى النمسا لدراسة أنماط الأحوال الجوية عام 1910، وعاش فيها إلى أن انتهت الحرب العالمية الأولى، عاد إلى موطنه بعد أن وضعت الحرب أوزارها وتزوج وأنجب طفلين، ولكن ظل يراوده حلم الفتاة ذات الشعر الأسود كثيرا خلال تلك المدة.
هاجر «كارل تانزلر» بعد ذلك مع عائلته الصغيرة إلى مدينة زافيرهيلز في ولاية فلوريدا الواقعة بالولايات المتحدة الأمريكية، وبعد فترة ليست بالطويلة تخل
ى «تانزلر» عن عائلته الصغيرة، وذلك تزامنا مع قبوله لمنصب عمل تقني التصوير بالأشعة في مدينة كاي ويست، حيث عمل في مستشفى البحرية الأمريكية تحت اسم «كونت كارل فون كوزل».
▪︎الحلم يتحول حقيقة
وفي عام 1931، وخلال عمل «تانزلر» في المستشفى الأمريكية، دخلت شابة أمريكية من أصول كوبية عرفها بعد ذلك باسم «ماريا إيلينا ميلاجرو هويوس»، وما أن رآها حتى فتح فاه دهشة وتعجبا، متسائلا: «كيف للحلم يتحول إلى حقيقة؟»، إنها نفس الفتاة التي تزوره في أحلامه مرارا وتكرارا، ظن أن النهاية السعيدة لحلمه قد كتبت الآن، ولكن يبدو أن القدر كان يخبئ له شيئا أخر، فما أن أجرى الكشف الطبي عليها حتى اكتشف أنها مريضة بالسل، والذي كان لا يزال يعتبر مرضا قاتلا وفتّاكا آنذاك في أوائل القرن العشرين.
«ماريا إيلينا ميلاجرو هويوس»، التي ولدت في عام 1909 بمدينة كاي ويست لأب يمتهن صناعة السيجار الكوبي، وترعرعت بين أحضان عائلة كبيرة، كانت قد أحضرت إلى المستشفى في ذلك اليوم من طرف والدتها بعد أن كانت تشكو من خطب ما، ليُكتشف بعد ذلك أنه السل، وعلى الرغم من نقص التأهيل اللازم لعلاج مريض يعاني من هذا المرض، كان «تانزلر» عازما على إنقاذها، واستعمل في ذلك مجموعة متنوعة من المقويات وبعض الأدوية المحضرة خصيصا في محاولة يائسة منه لإبقائها حية.
▪︎المرض أقوى من الحب
خلال فترة العلاج كان «تانزلر» قد صرح بحبه لـ «هويوس»، التي بادلته الحب أيضا، وأخضعها بتلك الفترة إلى أنواع عدة من العلاجات المختلفة في بيت عائلتها، وعلى الرغم من مجهوداته الجبارة ومحاولاته اليائسة، استسلمت «هويوس» لمرضها وتوفيت في شهر أكتوبر من عام 1931، تاركة كلا من عائلتها وعشيقها المكلف برعايتها المهووس محطمي الأفئدة.
«تانزلر» أصر بعد وفاتها على على أن تسمح له عائلتها باقتناء ضريح حجري باهض الثمن في مقبرة «كاي ويست» من أجل دفن جثمان حبيبته الراحلة، وبعد استئذان والديها، استأجر متعهد دفن الموتى بغاية تحضير جثتها قبل أن تقبر داخل ضريحها الفاخر.
عائلة «هويوس»، لم تكن تعلم أن المفتاح الوحيد الخاص بالضريح سيبقى بحوزة «تانزلر»، وهو الأمر الذي لم يتباطأ في استغلاله، ما أفضي في النهاية إلى واحدة من أكثر القصص الحب ترويعا في التاريخ.
▪︎نباش القبور
وفي شهر أبريل من عام 1933، أخرج «تانزلر»، جثة «هويوس» من الضريح الذي كانت ترقد به، وأصبح منزله هو مثواها الأخير، وبدأ في مهمة الحفاظ على جثتها بأي طريقة وذلك من خلال تحويله لهيكل طائرة قديمة كان قد سبق وأن اشتراها وحولها لمختبر طبي، وفي تلك الطائرة شرع لاختبار كل السبل للحفاظ على جسد حبيبته، ولجأ إلى عدد من حيله الشخصية بما في ذلك استخدام الجبس، وأعين زجاجية من أجل المحافظة على شكل الوجه سليما، بالإضافة إلى استخدام شماعات الملابس وبعض الأسلاك من أجل تثبيت هيكلها العظمي.
وعمد «تانزلر» كذلك إلى حشو صدرها بحشوات من القماش في محاولة للمحافظة على شكله وهيئته الأصلية، وغطى رأسها بالفرو وبعض من شعرها الحقيقي، وأضاف الكثير من العطور، والزهور، والمطهرات وبعض المواد الحافظة من أجل الإبقاء على رائحة التعفن في أدنى مستوياتها، وكان يطبق الشمع الذي يستعمله متعهدو دفن الموتى على وجه الجثة بشكل روتيني من أجل الإبقاء على ملامحها.
«تانزلر»، ألبس جثة «هويوس» ثيابا وقفازين ومجوهرات، ووضعها على فراشه الخاص الذي تشاركه معها للسنوات السبع التي تلت ذلك، بل وتعدى جنونه بها إلى أنه كان يعاشرها معاشرة الزوج لزوجته خلال تلك السنوات السبع.
▪︎أبشع وأقبح حب
الأقاويل انتشرت في البلدة حول «تانزلر» ذلك الرجل المتوحد الذي يشاهد غالبا يتبضع ويقتني ملابس نسائية والكثير من العطور، وفوق هذا شاع أن صبيا كان قد رآه يرقص مع ما بدا له وكأنه دمية كبيرة، ومنه بدأت على إثرها عائلة جثة «هويوس» تشك في كون أمر غريب يحدث.
شقيقة «هويوس» كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، وفضحت سر السبع سنوات، وما أن قررت زيارة منزل الطبيب الألماني في عام 1940ـ بدأ الغموض ينجلي عن القصة، حيث عثرت على ما كانت تعتقد أنه تمثال كبير لشقيقتها الراحلة، تمالكت نفسها من هول الصدمة وقامت بالاتصال بالسلطات الذين فور وصولهم أدركوا أن هذه الدمية العملاقة لم تكن في الواقع سوى جثة الشابة «هويوس» نفسها.
قامت السلطات باعتقال «تانزلر» على الفور بتهمة سرقة القبور، وأظهرت عملية تشريح الجثة التي أجريت على «هويوس» التعقيدات التي تخللت عمل الطبيب عليها، والتي تضمنت إقحام أنبوب ورقي بين ساقيها مشكلا من خلاله «مهبلا» مصطنعا، على الرغم من كون «تانزلر» لم يعترف أبدا بقيامه بممارسة الجنس على الجثة، أو ما يسمى بـ«جماع الأموات».
▪︎ثغرة البراءة
التقييم النفسي الذي خضع له «تانزلر»، كشف أن الأخير كان مؤهلا للخضوع لمحاكمة عادية، على الرغم من كون التقارير تبرز أن خطته الأسمى كانت تتضمن: «جعل هويوس تطير عاليا إلى طبقة الستراتوسفير أو الغلاف الجوي الطبقي حيث ستعمل الإشعاعات الصادرة من الفضاء الخارجي على الولوج إلى داخل أنسجتها، ومنه إعادة بعث الحياة في هيئتها المخدرة مؤقتا».
على الرغم من الجرم الذي ارتكبه الطبيب الألماني إلا أنه نال حكماً بالبراءة، وذلك لثغرة قانونية اعتمادا على قانون التقادم المُسقط، والذي يسقط الحكم في حادثة أو جريمة مر عليها وقت طويل مما أفضى لإخلاء سبيله.
الكثيرون تعاطفوا مع «تانزلر»، بعد أن ذاع صيته خلال فترة المحاكمة، حتى إن البعض رأى فيه إنه شخصا رومانسيا يائسا، ارتكب ما ارتكب وفاءً وحبا لحبيبته الراحلة.