بروف هاشم علي سالم يكتب … خربشات على جداريات الحوار (45) …أول لقاء مع قائد حركة مسلحة…
بروف هاشم علي سالم يكتب … خربشات على جداريات الحوار… (45)
…أول لقاء مع قائد حركة مسلحة…
كانت اللقاءات مع رؤساء الأحزاب السياسية شيئ عادي وروتيني ويكاد يكون برنامجا يوميا في الأمانة العامة للحوار وذلك لكثرة الاحزاب المشاركة فيه..
وفي أحد الأيام أتي طلب من رئيس حركة مسلحة بالاجتماع مع الأمين العام للحوار لمناقشة أمر انضمام حركته للحوار..
في هذه الحالة لابد من تجهيز كل ما يلزم للاجتماع من أهداف الحوار وخارطة طريقه ومنهجية الحوار والاستعداد للإجابة لكل الاستفسارات…
كان ميعاد اللقاء الساعة الحادية عشرة صباحا… لذا استمر عمل المكتب في مباشرة أداء مهامه الروتينية منذ السابعة صباحا إلى أن يأتي ميعاد اللقاء…
كان يوما مزدحما كالعادة ومر الوقت بسرعة وتأتي الناس للمكتب لقضاء أغراضها وتخرج ولكن لاتزال المقاعد يجلس بها منتظرون…
جاء موعد اللقاء ولكن الرجل لم يأتي ومر الوقت حتى الساعة الثانية عشرة ولم يأتي وانشغلت لتصريف أعباء المكتب على أن الرجل قد يكون لديه ثقافة السودانيين في التأخير على المواعيد..
وهذه عادة ذميمة اكرهها لأنه ليست لدي هذه العادة فإذا كان لدي موعد مع شخص الساعة العاشرة فذلك يعني عندي الساعة العاشرة وليس العاشرة ودقيقة ومازلت محتفظا بهذه العادة.. وضعت الرجل في خانة..
مواعيد سودانية.. وعند الساعة الواحدة ظهرا لاحظت أن هناك شخص وحيد مازال يجلس على كرسي الانتظار..
دعوته أن يقترب حتى اعرف مسألته.. نهض الرجل وكان طويل القامة وسيما انيقا في ملبسه وجلس تكاد الكلمات تخرج همسا منه.. انا (م. ب)…
رئيس الحركة المسلحة (ش)… نهضت من مقعدي لتحيته تحية سودانية.. وذكر أنه أتى في موعده ولكنه آثر الجلوس.. تجاذبنا أطراف الحديث وأسباب انضمامه للحركات المسلحة ومن ثم تكوينه لحركة تخص أبناء منطقته..
كان خريجا جامعيا مثقفا يعانون كما ذكر من انعدام التنمية الممكنة في منطقتهم ولا يطلبون شيئا تعجيزيا بل يطلبون الممكن الذي يحرك عجلة الاقتصاد في المنطقه وعندما لم تتم الاستجابة للممكن بعد المطالبات حملو السلاح..
هذه الحالة تكاد تنطبق على كل المناطق التي بها حركات مسلحة.. الرجل كان مقتنعا بالحوار لإيصال رسائلهم التي لم تستطع البندقية إيصالها دعك من حلها..
رحبت بالرجل وبدأنا في إجراءات انضمامهم إلى الحوار حسب الترتيبات المتبعة مع اللجنة التنسيقية العليا (7+7)..
واصلت الحديث مع الرجل وذكرت له اني رأيته عندما جلس ولكني استبعدت أن تكون صاحب الحركة المسلحة لأن الإعلام يصوركم بصور بشعة وهذا هو ديدن الساسة في كل الحكومات السودانية عندما تعارض تلك السياسة.. ذكرت له كنت متوقعا أن يأتي رجل دشن يتطاير الشرر من عيونه فخذلتني تماما وجدت رجلا وسيما انيقا مهذبا..
وكان الرجل إضافة مميزة للحوار شارك في عديد من الورش والمقابلات التلفزيونية.. استفدت من لقائه درسا مهما.. لا تضع صورة مطلقا لشخص لم تره من قبل.. فمعرفه الأشخاص تبدأ فقط عند لقائهم…
بروف هاشم على سالم