جبريل: أحد المغتربين ذهب لبنك في السعودية للتحويل، البنك قال له السودان ضمن الدول المحظورة
وزير المالية د.جبريل إبراهيم في أول حوار مع (اليوم التالي) 2-2 .. قلنا لـ(الخواجات): لا علاقة لكم بالتصنيع الحربي ودا ماشغلكم.
عقب تسمية رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، د. جبريل إبراهيم وزيراً للمالية، أشفق الكثيرون من أهل السودان على جبريل، بل ومنهم من حاول إثناءه وعدم قبول المنصب، بسبب التعقيدات الاقتصادية في المشهد السوداني، بل ومنهم من وصفه ببقايا الإسلاميين، لكنه لم يلتفت – جبريل- لكل المشفقين أو الشامتين أو المحرِّضين، ومضى بكل ثقة في رسم سياساته وخططه التي لم تخرج من منظومة مجلس الوزراء التي تضع السياسات العامة لوزارة المالية.
كان كثير من المتابعين يعتقدون أن جبريل سيكون خميرة عكننة في مجلس الوزراء ولن يوافق على سياسات رفع الدعم عن السلع وغيرها من الموضوعات التي تثقل كاهل المواطن السوداني وتزيد العبء عليه، لكنه كان متفهماً تماماً أثر تلك السياسات وتقدّم على من اعترض عليها، ودافع عنها بقوة.
(اليوم التالي) وفي إطلالتها الجديدة كان عليها ضرورة الجلوس مع وزير المالية د. جبريل إبراهيم الذي استجاب مشكوراً للحوار، للإجابة عن كثير من الأسئلة التي تدور في أذهان الشارع السوداني، وبثقة تامة ونفَس هادئ عُرف به أجاب جبريل عن أسئلة (اليوم التالي):
مازال كثير من المغتربين يعانون من إجراء التحويلات المالية رغم رفع العقوبات؟
في حاجة اسمها(over cmplanse) بمعنى هناك بنوك ملتزمة بمقاطعة السودان بأكثر مما يلزم خوفاً من العقوبات، وقبل زيارتي الأخيرة للسعودية أحد المغتربين هناك، أرسل لي رسالة ذهب لبنك في السعودية للتحويل، البنك قال له السودان ضمن الدول المحظورة، فذهبت بالرسالة إلى محافظ البنك المركزي السعودي، فقلت له ألم تخطروا بنوككم؟ قال لي تم إخطارهم، ووعد بمعالجة الأمر.
أليس هذا دور الحكومة من خلال سفاراتها بالخارج؟
نحن الآن في اتصال مع وزراء المالية والبنوك المركزية في كثير من الدول خاصة التي فيها وجود سودانيين كبير للمطالبة بتحسين فرص التعامل والتحويل بالقنوات الرسمية ومن مصلحتهم أنفسهم لكي لا تذهب الأموال إلى جهات غير معروفة لهم، فالمصلحة المتبادلة تقتضي أن تتم التحاويل بالطرق الرسمية بين البلدين، افتكر الوضع سيتحسن، الأمريكان أعلنوا في ديسمبر الماضي رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب لكن عملياً قرار وزارة الخزانة لكي يفتح التحويل للسودان صدر بعد مؤتمر باريس في 21 مايو الماضي بالتالي كل البنوك كانت منتظرة هذا القرار والآن ترتب في حالها .
هل البنوك السودانية مستعدة ومواكبة للتطورات التقنية التي حدثت في العالم؟
جزء من المشكلة البنوك السودانية ليس لديها مراسلون خارجيون وكانت هناك مشكلة في ما يسمى بـ ipan الرقم الأساسي الذي عبره يتم تحويل الأموال عبر النظام العالمي الجديد في السابق كان التحويل ببرنامج( الإسويفت) لكن الآن أصبح مربوطاً بــــ ipan ولكي نحصل عليه أخذنا زمناً طويلاً الآن استطعنا ترتيب الوضع مع البنك المركزي وأعتقد بعدها التحويلات ستنساب، لكن لدينا مشكلة أيضاً ما زالت هذه البنوك جزءاً منها يشتغل شغلاً غير طيب من بعض الموظفين العاملين في البنوك.
نظام بائد مثلاً؟
ما بالضرورة ممكن يكونوا منتفعين متعاونين مع السوق الموازي مثلاً تأتي البنك عندك 200 دولار تريد تبديلها لجنيه يقول لك الموظف (جيب عربيتك عشان حنسلمك فئة صغيرة)، فترفض يقول لك امشِ الجهة الفلانية يسلموك فئات كبيرة، يكرِّهون الناس التحويل عبر الجهات المصرفية لأن لديهم مصلحة مع آخرين والسوق الموازي، فمديرو البنوك لابد أن يقفوا معنا موقفاً وطنياً حقيقياً يحاربون هذه المسألة في بنوكهم وإلا ستكون هناك مشكلة حقيقية، هناك معاناة مثلا يتم تحويل 200 دولار في ويسترن يونيون، فتبقى لخمس ساعات لكي تصرف وممكن يقولوا ليك لا يوجد صرف إلا غداً، والناس من صلاة الفجر يكونوا منتظرين في الصفوف، كل هذه الوسائل تعجيزية، هذا السلوك إذا لم يتغير فستكون هناك مشكلة كبيرة.
هل المغتربون على استعداد للتحاويل عبر البنوك الرسمية؟
نعم .. السودانيون بالخارج لديهم رغبة كبيرة في التحاويل بالقنوات الرسمية وجربناهم أول ما أعلنا توحيد الصرف بعد شهرين تم تحويل أكثر من مليار و200 مليون دولار عبر القنوات الرسمية لكن بعدما وجدوا مقاومة من بنوكنا ومؤسساتناوعدم تجاوب من البنوك الخارجية عزفوا عن التحويل وسلكوا الطرق الأسهل عبر السوق الأسود الذي يسلم للمغترب تحويلته في منزله، فالحكاية تراجعت لكن الآن نحن في اتجاه ترتيب الوضع الداخلي والخارجي.
كان هناك حديث عن جواز للمغتربين؟
نسعى لتحفيز المغتربين، فأي مغترب حوَّل مبلغاً محدداً يكون له قطعة أرض أو إعفاء جمركي لتشجيعهم على التحاويل عبر البنوك وسنجتهد في هذا الأمر، والعملة ستستقر بإذن الواحد الأحد وتستعيد عافيتها، ونتوقع قريباً مبالغ تدخل على السودان من جهات مختلفة تساعد في وفرة الدولار مقابل الطلب مما يساعد في استقرار السلعة.
برنامج ثمرات حوله كلام كثير: فساد، انتقائية وبطء؟
انتقائية مافي، فساد مافي، في بطء، لأن المانحين أصحاب المال مشترطون الشخص الذي يحصل على هذا المال يكون لديه رقم وطني وسجل مدني وهاتف يتم التحويل عبره أو رقم حساب بنكي، حينما بدأ البرنامج تم اكتشاف أن معظم السودانيين ليس لديهم أرقام وطنية أو ليست هناك وسيلة للوصول إليهم، تتخيل 32% فقط من السودانيين مغطين بالإنترنيت، المتبقي منهم عايشين في مناطق غير مغطية بالإنترنيت، الواحد يمشي مسافة لكي يحصل على التغطي، التحويل نفسه إلكتروني أما mopile mony أو شكل massge، في وسائل معقدة كثير، كل هذه لكي نضطبها نحتاج لقاعدة بيانات، هذه القاعدة غير متوفرة، هذا البرنامج فيه أطراف متعددة أساساً برنامج وزارة المالية لتخفيف المعاناة عن المواطنين، وتخفيف الآثار الاقتصادية مسؤولية وزارة المالية، ولدينا وزارة التنمية الاجتماعية طرف أساسي لأنهم لديهم شبكة لمحاربة الفقر ووزارة الداخلية طرف أساسي لأنهم ممسكين بالسجل المدني، ووزارة الاتصالات طرف لأننا نستخدم شبكة الاتصالات في الوصول للناس، وهناك أطراف أجنبية نستعين بها لتحقيق الأهداف.
ورد في بعض وسائل الإعلام القيمة (50) دولاراً للفرد؟
غير صحيح ..المبلغ (5) دولارات للشخص الواحد ،ويعتمد حسب عدد أفراد الأسرة 10 ، وهي لسيت قروش(هملة) ناس وزارة المالية يتصرفون فيها على كيفهم، هذه الأموال مشرف عليها البنك الدولي، فلا يحوِّل المبالغ إلا ب(القطارة) كل ما تنتهي تقدّم مستندات الصرف يدفع لك الدفعة الثانية والثالثة وهكذا، البرنامج طموح يستمر لـ (18) شهراً على الأقل.
كم المبلغ المرصود للبرنامج؟
المبالغ المرصودة الآن 820 مليون دولار ويمكن نحصل عليها إذا الصرف تم بالطريقة الصحيحة والمقنعة ويمكن الحصول على مليار دولار أو زيادة، نحن أخذنا وقت لتشبيك هذا البرنامج مع كافة الجهات المعنية لكن الآن انطلقنا ونعمل بإيقاع كويس جدا، قبل أسبوعين وصلنا مليون ونصف أسرة، الآن نكاد نكون وصلنا مليوني أسرة حينما تضربها في خمسة المبلغ كبير والمسألة ستتوسع نحن نريد تغطية حوالى 80% من سكان السودان.
هناك من لم يسمع ببرنامج (ثمرات) إلى اليوم في الريف؟
نحن أتينا بالولاة وعقدنا مؤتمراً معهم طلبنا منهم التحرُّك في المحليات لحث المواطنين للتسجيل في البرنامج، عملنا حملات في البحر الأحمر وأرسلنا تيماً متحركاً بكافة الوسائل والاحتياجات من إجراءات للسجل المدني والرقم الوطني ومن الاتصالات والتنمية الاجتماعية وغيرها والبرنامج حيستمر، أدخلنا الولاة ليساعدوننا وهم مجتهدون في ذلك، أيضاً وجدنا بعض السجلات سواء من الزكاة أو بنك المزارع أو البنك الزراعي أو بنك الأسرة أو الإدخار أو منظمة الأغذية العالمية أو اليونسيف، فهناك كثير من الجهات لديها معلومات نستفيد منها للوصول للمواطنين فبإذن الله، المسألة حتأخذ وقتاً لكننا مصممون لنصل المواطن. وأريد أن أطمئن الناس مافي شخص نصيبه سيضيع إذا بدأت اليوم تستمر 18 شهراً وإذا بدأت بعد 6 أشهر أيضاً ستستمر 18 شهراً.
قرار إلغاء الدوار الجمركي أثَّر على أصحاب السيارات المشحونة في البحر أو التي وصلت الميناء؟
الدولار الجمركي بدعة.. مافي دولة تتعامل به في العالم غيرنا، حينما اتخذنا توحيد سعر العملة الرسالة وصلت كل الناس، صحيح تأخرنا في إلغائه لإننا وجدنا إلغاءه من غير ترتيبات سيؤدي لارتفاع الأسعار بنسبة 1400% فاضطررنا لراجعنا فئات الضرائب وصفرنا جزءاً منها، راجعنا فئات الجمارك صفرنا جزءاً منها، لكي نضمن أنه لو ألغينا الدولار الجمركي فالأسعار ماترتفع.
ولكن بعد الإلغاء هناك سلع ارتفع سعرها؟
هناك سلع طبيعي أسعارها ترتفع لأنها سلع كمالية بينها السيارات السجاير والكريمات وغيرها لكن السلع الضرورية للمواطن في مأكله ومشربه مافي سلعة سعرها ارتفع، جاء إلينا أصحاب السيارات محتجين وقلنا لهم احصروا إلينا مايصبح كلاماً عاماً، طالبناهم بتاريخ بواليص الشحن ومتى وصلت السيارات الميناء لنراجع الأمر.
يعني ممكن تتم معالجات؟
ممكن.. لانعد، لكن نعتقد أن الطلب فيه وجاهة ويمكن النظر فيه.
مؤسسات الجيش هل يدخل عائدها للمالية؟
لكي يفصل الناس بين الأشياء لا توجد دولة ماعندها تصنيع حربي، التصنيع الحربي جهاز وهو الجهاز الذي طور التقنية في العالم سواء في أمريكا أو روسيا أو غيرها وهم الذين دفعوا فيه أموال ونجحوا وبعدها حولوه للتصنيع المدني، إذا كان ناس التصنيع يصنعون السلاح والذخيرة ومهمات الجيش بتكلفة أقل من المستورد فأنا كوزير مالية مسؤول عن توفير تلك المواد للجيش أو الشرطة أو الأمن ولو في أي جهة صنعت بسعر أقل أنا أكون سعيد جداً، لذلك نحن نشجع أن يكون هناك تصنيع عسكري وطني ماعدا الأشياء الخاصة بالقطاع الأمني، أي شركة مملوكة للجيش أو الشرطة أو الأمن ومسجلة تسجيلاً تجارياً حسب قانون الشركات 1925 المعدل 1915 عليها أن تدفع ضرائب وإعلان ميزانياتها للعامة للشفافية وأن تخضع للمراجع العام، هذه الشروط الأساسية إذا توفرت في أي شركة من يملكها بالنسبة ليس مهماً لكن مهم جدا الدولة تعرف أموالها ماشة كيف وهذه الشركات رابحة أم خاسرة، والشعب يكون عارف عشان يحاسب، فهذا منهجنا الذي نسير عليه وغالب هذه الشركات أعلنت حساباتها وأنها خاضعة للمراجعة القانونية وتدفع ضرائب، الصناعات الدفاعية غير مطالبين بالإعلان عن كم صنعت كلاشنكوف أو كم مدفعاً، غير مطالبين وغير مهتمين بذلك وقلنا للخواجات دا ماشغلكم، وقلنا ليهم لديكم في بلدانكم تصنيع حربي لا تعلنون عنه فنحن غير مطالبين بالإعلان عنه.
هل هناك اتجاه لرفع الدعم عن بقية السلع المدعومة؟
مبدأ الدعم المطلق نحن ضده، لكن دعم الأسر المتعففة واجب على الدولة، لازم نجد طريقة لزيادة دخل الناس، هذا يحتاج لقاعدة بيانات للوصول للأسر المتعففة المستحقة للدعم إلى أن نصل تلك المرحلة نحن نفتكر أن هناك بعض السلع او القطاعات ستستمر في الدعم كالخبز والغاز والدواء، نحن نريد الدعم نقداً لمستحقيه او كتأمين صحي او تعليم مجاني من غير دعم عام للغني والفقير.
استقرار سعر العملة هذه الأيام سياسات مدروسة أم صدفة؟
مدروسة طبعاً، نحن اتبعنا سياسات تجارية، سياسة صادر ووارد، حزمة من السياسات أدت إلى استقرار سعر الصرف، ومتجهين لكثير من الإجراءات في الفترة القادمة ستساعد في استقرار العملة، نحن ليس مهم لدينا ينزل سعر الدولار قدر شنو، بقدر مايهمنا الاستقرار للمدى الطويل لأربع أو خمس سنوات لا يكون فيها اضطراب في سعر الصرف، خلينا نخطط للبلد بصورة طيبة وحينما نعمل موازنات للبلد تكون موازنات حقيقية، رب الأسر يستطيع أيضاً أن يخطط لأسرته بصورة جيدة، المستثمر كذلك يخطط والمغترب الذي يريد تحويل أمواله للسودان يكون على دراية بقيمة أمواله تلك، لذا استقرار سعر الصرف أمر في غاية الأهمية بالنسبة لنا، ويساعدنا في التحكم في التضخم في البلد. وهناك سياسات متبعة وهناك المزيد منها، وعلى رأسها الآن البنك المركزي ينظم مزادات للدولار بصورة مستمرة.
الترشيد الحكومي هل حقق أهدافه؟
البرنامج بدأ حديثاً، والحكومة صغيرة، لا تتوقع تحقيق فائض كبير من 26 وزيراً، كم منهم يسافر شهرياً والنثرية التي يصرفونها قدر شنو؟، أنا ماشايف يحصل توفير كبير، لكن الفكرة في أساسها أنك توفر ولو قليلاً في أي مكان هذا هو المبدأ، وليس هناك أموال ضخمة ستتوفر، أنا بالنسبة لي الترشيد الأكبر هو كيفية ضبط الصرف في الوقود وهو الأمر المتعب بالنسبة لنا ونحن في وزارة المالية لدينا مساعٍ ومقترحات لمعالجة وتقليل صرف الوقود الحكومي.
هل هناك رقم محدد بهذا الصرف؟
لايوجد، لكن ندرس الأمر والواضح 75% من الوقود المصروف صرف حكومي.
أنت ساكن في بيتك الخاص هذا من باب الترشيد؟
هذا ليس منزلي، هذا المنزل أجره لي أحد أصدقائي، والحكومة ليس لديها منازل جاهزة، أنا حينما كنت في جوبا وصيت ناس يبحثوا لي عن منزل، أنا حكاية زول قادم من التمرد يريد من الحكومة أن تسكنه وتعمل ليهو أي حاجة دي ما مقتنع بيها ،افتكر الأصل الزول ينزل عن أهلو في راكوبة او قطية أو غيره، غير موظفي الدولة ـأو الدستوريين الدولة غير مسؤولة عن تسكينهم، كل الأمر ضيافة لكن في الأصل الناس تعتمد على أنفسها، هذا لايعني أنني غير محتاج لسكن حكومي أو الحكومة تؤجر لي لأنو صديقي هذا لا يستطيع أن يؤجره للعام القادم أو الذي يليه، فالإيجار حينما ينتهي الحكومة ستؤجر لي.
أخيرا .. هل أنت متفائل؟
رغم هذا المعاناة .. أنا متفائل جدا وينتظرنا خير كثير.. أبشر.