همس الحروف .. ليس غريباُ عليك ما نحسبه فيك يا غريبة .. الباقر عبد القيوم علي
*همس الحروف*
ليس غريباُ عليك ما نحسبه فيك يا غريبة
*الباقر عبد القيوم علي*
شرطة النجدة في أيام عيد الأضحى المبارك لهذا العام ترسم كرنفال فرح بهيج لتشكل به أجمل اللوحات الفنية و الفريدة في عاصمة البلاد الخرطوم حيث تم رسمها بريشة الفنان المبدع العميد شرطة عماد غريبة ، و الذي يعتبر في رسمه هذا كنقار الخشب ، ذلك الطائر الجميل الذي تسحر ألوانه الطبيعية كل من ينظر إلى شكله ، حيث يعرف كيف ينحت أصعب اللوحات في أقوى أنواع الأشجار كالصنوبر و ذلك بأقل الإمكانيات ، إنه سعادة العميد عماد غريبة و لا غرابة في كل إنجازاته التي إلتمسناها فيه خلال فترته الوجيزة التي قضاها بإدارة النجدة ، و التي من السهل على القاصي والداني الوقوف عندها ، و حيث يشهد عليها كل من يعرف هذا الرجل المميز من زملائه في العمل الشرطي ، و هو رجل لا يعرف أبداً العمل الإنفرادي ، و كما لا يحتكر السلطة المخولة له في يده ، فنجده دائماً في الخنادق مع جنوده ، و في الميدان مع كل قوته حيث يصعب فرزه في وسطهم لأنه يعمل بأداء متناغم مع جميع أفراد سربه باحترافية متناهية ، ولهذا نجده قد نال محبة كل أفراد قواته بكل سهولة و يسر في جميع الإدارات المختلفة التي عمل فيها خلال عمره في الشرطة ، لأنه يعتبر جندياً مجهولاً بين جنوده و ضباط صف الجنود ، و كما يعتبر ضابطاً عظيماً و أخاً أكبر بين الضباط الذين يرأسهم في إدارته و ذلك بكل تواضع منه و مهنية يعرف بها من خلال فنه في التعامل مع الجميع بروح المعاملة الراقية التي تؤلف بين القلوب .
في بعض الأحيان يعجز الإنسان عن وصف الجميل من المواقف حيث يصعب نقل الصورة بكل تفاصيلها الدقيقة بالطريقة التي يريد صاحب الصورة أن تنقل عنه وخصوصاً تلك التي يكون في مضمون تفاصيلها عدد من الرسائل المهمة لكافة الناس الذين يعيشون في محور حدث هذه التفاصيل ، ولهذا أجد من الصعوبة بمكان أن أنقل إليكم ذلك الكرنفال الذي لعبت فيه إدارة النجدة تحت إدراتها الرشيدة دوراً جباراً في توصيل رسالتها بفهم متطور من خلال رسم أجمل لوحات الفرح التي تحمل معاني الرسالة الشرطية و التي كان في مضمون رسالتها يكمن شعارها الذي نكرره دائماً وذلك نقلاً من النص الجاف الذي كتبت به في شكل تلك الكلمات التي تقول الشرطة في خدمة الشعب حيث في أغلب الأحيان كنا نجد أن هذا النص يخلو من الروح ، و لكن نجد أن هنالك رجال يصعب حصرهم في هذه المؤسسة الشرطية بمختلف تخصصاتها العامة و الدقيقة ، إستطاعوا أن يضخوا إكسير الحياة في هذه العبارة لينطبق النص مع المضمون الجميل وحيث لا غرابة في الأمر أن يكون لسعادة العميد عماد غريبة يد في توصيل روح تلك العبارة للشعب و ذلك لأنه إستطاع مع المجموعة أن يحركوا السكر داخل الكأس من أجل تغيير اللون و الطعم لمفهوم رسالة الشرطة بعد ثورة ديسمبر المجيدة .
في صبيحة يوم العيد تم تزين جميع عربات إدارة النجدة بتلك الصورة التي يتم بها تزيين سيارات العرسان في ليلة زفافهم و هي تحمل معها الحلوى وبعض من الهدايا لجميع أطفال العاصمة بدون فرز في لون أو عرق أو تمييز يقوم على الفوارق الطبقية في المجتمع ، و كانت هذه السيارات ترسل أصوات أبواقها و هي تجوب شوارع الخرطوم لتنشر الأمن و تبث الأمان و الطمأنينة بصورة تدخل الفرحة في قلوب الأطفال ، و كذلك من فوائد هذه المبادرة نجدها قد قامت بكسر حاجز الخوف من البوليس عند الأطفال ، و أكدت بهذا السلوك للشباب أن الأمن مسؤلية الجميع وأن الشرطة هي العين الساهرة التي تحرس ممتلكات هذا الشعب و في خدمتهم ، و كما تؤكد من خلال هذا التلاحم الشعبي معها بمثل هذه المبادرات يمكن أن يقطع ذلك الطريق أمام الجريمة بفكر راقي يوصل هيبة القانون لكل من تسول له نفسه بالتعدي على الحقوق العامة و الخاصة ، و بهذه الطريقة إستطاعت النجدة عبر ما تقوم به الآن وما قامت به في السابق في مسيرة ذكرى فض إعتصام ساحة القيادة ، حينما قاموا بتوزيع الزهور و قوارير مياة الصحة على المتظاهرين مما خلقوا بذلك جدار ثقة قوي بين شريحة الشباب و المؤسسة الشرطية ، حيث إستطاعوا أن يحدثوا بهذه المبادرات نقلة نوعية في تغيير بعض المفاهيم التي كانت مغلوطة عند الكثيرين من الشباب ليرسموا عبرها ملامح جديدة لمستقبل علاقة جديدة يكون أساسها الثقة مع أبناء هذا الوطن تغرس فيهم روح الإنتماء ، و ينعكس ذلك على سلوكهم في الحفاظ على الممتلكات العامة و الخاصة من خلال النقلة النوعية في وسائل المعاملة التي إستطاعت بها الشرطة و من خلالها أن توصيل رسالتها السامية .
في مثل هذه المبادرات لا يسعنا إلا وأن نرفع القبعات لأصحابها الذين سعوا فيها وبأمكانياتهم المتواضعة ، و إستطاعوا من خلالها أن يرموا بعدد من الرسائل المهمة في بريد كل من يهمه الأمر و هي رسائل ذات أهمية بالغة حيث تحمل في طياتها فهم جديد يمكن أن يغتح آفاقاً جديدة في إيجاد وسائل للتواصل و الحوار مع الشباب و الأطفال والتي يمكن عبرها أن نفتح أبواب حوارات واسعة في كثيرة من الملفات التي كان من الصعوبة مناقشتها في عهد الإنقاذ ، حيث يمكن من خلالها إنتشال الكثيرين من الغلو و التطرف و الإلحاد و الإدمان و عقوق الوالدين و كما يمكن بها أن يتم بناء جسور الوطنية و حب الوطن و كيفية التعامل مع مؤسسات الدولة و الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة بزرع المفاهيم التي توطن لذلك ، فتعظيم سلام لإدارة النجدة متمثلةً في قيادتها العليا و الوسيطة و الدنيا ، و عبرها إلى رئاسة شرطة ولاية الخرطوم و الإدارة العامة لشرطة السودان و وزارة الداخلية بمختلف إداراتها ، و بهذه الرسالة أريد أن ألفت نظر سعادة وزير الداخلية و المدير العام لقوات الشرطة لرعاية مثل هذه المبادرات العظيمة التي تحمل الخير الوفير في تغيير كثير من المفاهيم التي كانت تشكل عقبة في العلاقة بين الشرطة و الشباب ، و لهذا يجب تحفيز القائمين عليها حتى تنشط روح المنافسة بين جميع وحدات الشرطة في مثل هذه المبادرات و كل عام وأنتم بألف خير .