بروف هاشم علي سالم يكتب.. خربشات على جداريات الحوار… (18) … انسحاب حركة من الحوار
بروف هاشم علي سالم يكتب..
خربشات على جداريات الحوار… (18)
انسحاب حركة من الحوار
كانت الحركات المسلحة المشاركة في الحوار 37 حركة مسلحة مع 100 حزب سياسي.. و 75 شخصية قومية كان يتم اختيارهم مشاركة بين أحزاب الحكومة والأحزاب المعارضة لها والمشاركة في الحوار…
بعد فترة من انتظام فعاليات الحوار انضمت حركة مسلحة أخرى وكالعادة يتم توفير السكن لهم داخل الخرطوم في احد الفنادق أو الشقق السكنية وأحيانا في بيوت عادية داخل الأحياء…
رئيس تلك الحركة منذ الأيام الأولى كان يطالب بأشياء فوق قدرات إمكانيات الأمانة العامة للحوار… بدأ اولا برفض الغرفة في الفندق وطلب أن يسكن في جناح كامل وليس في غرفة.. تناقشنا معه بأن هذا الفندق اصلا لا توجد به أجنحة وان رؤساء الحركات المشاركة أيضا يسكنون في غرف وليس في أجنحة.. بصعوبة اقتنع بالغرفة وانتهينا من المطلب الأول… كان الحضور من مواقع السكن إلى موقع اجتماعات اللجان يتم بترحيل أعضاء الحركات المسلحة بواسطة عربات يتم تأجيرها وللأمانة لا يتم ترحيل ممثلوا الاحزاب السياسية بل يأتون إلى قاعة الصداقة بتكلفة يدفعونها من حر مالهم للمواصلات..
اتصل على باكرا منسق الترحيلات وقال لي أن رئيس هذه الحركة رفض الركوب في العربة ويريد تغييرها.. ذهبت إلى مكان سكنهم ووجدت فعلا طلبا غريبا بأنه يجب أن نوفر عربة سوداء…
تخيلت في البداية انها مسألة لون العربة فقط.. قلت له لا مشكلة نأتي بعربة سوداء ولكن تفسيري كان خاطئا.. المقصود بالعربة السوداء عربة من القصر الجمهوري.. وطلب صغير آخر أن يكون هناك موتر تشريفي أمام العربة ليفتح الطريق..
شرحت الأمر بأن هذا لا نستطيع فعله لأن ذلك متاح فقط لرئيس الجمهورية ونائبه وحتى السرينة ذلك الصوت المزعج لا يسمح به حتى للوزراء.. بعد أخذ ورد وعلى مضض تم القبول بالامر.. أمر الغرفة وأمر العربة العادية التي تقلهم إلى مقر الاجتماعات..
وطوينا ذلك الخلاف.. وبعد فترة ليست كبيرة أتى رئيس تلك الحركة وأبدى رغبته في الانسحاب من الحوار..
فوضحت له بأن له مطلق الحرية في اتخاذ القرار فمنذ البداية كان يملك قرار المشاركة والان أيضا يملك قرار الانسحاب ولا غضاضة في ذلك فهذا حوار حر لمن يريد الانضمام إليه وحر أيضا بالسماح لمغادرة من يريد الانسحاب منه.. وذكرت له أن مسؤوليتنا تمتد حتى نطمئن عليك وانت في كرسي الطائرة المغادرة…
وفعلا تم توديعه في المطار حتى داخل الطائرة المغادرة.. وهذه هي الحركة المسلحة الوحيدة التي انسحبت من الحوار وبقي العدد 37 حركة مسلحة واصلت في حوارها وقدمت أوراقا علمية معتبرة ولهم توصيات اجيزت بالإجماع.. التحية لهم جميعا كانوا يبحثون عن السلام والتنمية وقبول الآخر سلكوا كل السبل فما وجدوا سلاما بالبندقية التي لم ولن تحل لهم مشاكلهم… فالسلام عمره لم يأتي عبر فوهة بندقية ولن..
بروف هاشم على سالم