حديث المدينة … عثمان ميرغنى … ( عاجل للدكتور عبد الله حمدوك)
حديث المدينة
عثمان ميرغنى
( عاجل للدكتور عبد الله حمدوك)
السيد رئيس الوزراء المبجل؛ من عندي أنا – عثمان ميرغني – أتبرع للدولة السودانية بـ”مائة مليار دولار” على سبيل الدفعة الأولى، وأرجو منكم إخطار السيد وزير المالية أن يتصل بي على رقم هاتفي الشخصي لأسلمه المال.. ولكني أرجو من السيد الوزير أن يبعث لي بورقة واحدة “A4” فيها خطة إنفاق هذا المبلغ الزهيد، لا أطلب “عناوين” بل مشروعات بعينها لصرف هذا التبرع!
مناسبة هذا التبرع – الزهيد – مني ، هو الرواية التي بلغتني عبر شهود عيان لما حدث في الأيام الماضية بجنوب كردفان..
مجموعة من الرجال جلسوا حول “ست الشاي” فجأة دوى انفجار رهيب من قذيفة “ار بي جي” أطلقت عليهم فأردتهم قتلى ومعهم المرأة المسكينة “ست الشاي” التي لا شأن لها بالصراع.. عود ثقاب “تافه” جداً هو الذي أشعل نيران هذه الأحداث بجنوب كردفان والتي راح ضحيتها العشرات من الأنفس البريئة.. هل تصدقوا؟؟
قبيلة حاولت تركيب “صهريج” مياه في موقع محدد يبدو أنه يتداخل في منطقة تتبع لمجموعة أخرى فاعترضوا بشدة على الأمر، وتطور النزاع إلى اشتباك بالأسلحة النارية وكلما سقط قتيل زادت النيران اشتعالاً حتى التهم الحريق العشرات ولا يزال تحت الرماد وميض نار..
ورغم غرابة الحادثة وخسائرها المهولة إلا أنها قصة متكررة في مناطق كثيرة من السودان، تختلف التفاصيل والبدايات ويجمعها قاسم مشترك واحد هو غياب التنمية الذي يحجب معه الإحساس بقيمة الحياة..
ما الحل؟
الاحترازات الأمنية والتدخل لمنع الاشتباكات القبلية أمر مفروغ منه فهو مهمة القوات النظامية، لكن بالضرورة ليس ذلك هو الحل، فالقوة مهما عظمت لا تستطيع حراسة كل مواطن في أي مكان وزمان.
الحل في “مشروع مارشال” للتنمية والنهضة في بلادنا.. لا تسألني أين المال؟ فهو أسهل المطلوبات لهذا المشروع.. بل المال هو الذي يبحث عنا .. نحتاج فقط للفكرة والرؤية والخطة الاستراتيجية التي تستنطق الموارد الهائلة في بلادنا..الأمر ليس مزحة، فالمال في عالم اليوم محله العقل لا الجيب ولهذا أسموه “رأس” المال.
الذي تحتاجه الدولة السودانية هو “الرؤوس”وسيأتي المال طواعية يجر أذياله يطلب الإذن أن يتدفق في بلادنا، قمحاً ووعداً وتمني.
النهضة لا تطفيء النيران فحسب، بل تمسح نزوات الشر العدوانية لأنها ترفع الإحساس بقيمة الحياة، فالذين يستسهلون إراقة الدماء لا يفعلون ذلك لوفرة السلاح في أيديهم، فالسلاح لا يقتل، بل تقتل العقول التي تأمر السلاح أن يقتل.
بالله عليكم.. من أجل الأبرياء في كل مناطق السودان، من أجل الكرامة التي يستحقها شعبنا أعلنوها بكل قوة.. لا صوت يعلو فوق صوت التنمية والنهضة..
صومواعن الكراهية و السياسة لشهر واحد فقط، وفكروا جميعاً في المشروعات ..
حتى أدفع لكم الـ”مائة مليار” دولار