محسوب على التيار الإسلامي.. حزب جديد بالسودان يجمع الساخطين على النظام السابق وعلى الحكومة الانتقالية

وكالات اثيرنيوز

اختار شباب محسوبون على التيارات الإسلامية في السودان الهلال وعبارة “المجتمع أولا” شعارا لحزب يجمع شتاتهم ويعيدهم للحياة السياسية، بعد أن فارقوا أحزابا سدت أمامهم أفق التغيير وأسقطتها ثورة 19 ديسمبر/كانون الأول 2018.


اللافت في “الحركة الوطنية للبناء والتنمية” التي أعلنت عن نفسها الأربعاء الماضي بالخرطوم كحزب سياسي، أنها كيان شبابي بامتياز عرفتهم المنابر الفكرية والثقافية.

وغادر قادة “مجموعة الإحياء والتجديد” مجموعتهم المسجلة كجماعة ثقافية تعنى بالفكر إلى تشكيل حزب جديد يدخل المعترك السياسي، مع إبقاء مجموعتهم الثقافية في عهدة قيادة جديدة.

وتشكلت مجموعة الإحياء والتجديد قبل الثورة في مارس/آذار 2015 من مجموعات شبابية مغاضبة انسلخت عن حزب المؤتمر الشعبي الذي أسسه الشيخ الراحل حسن الترابي وحزب المؤتمر الوطني المحلول، وإسلاميين آخرين.

وكان على رأس مجموعة الإحياء والتجديد هشام أحمد شمس الدين وقاسم الظافر والمقداد الهجان وأبو بكر جيكوني، وهي المجموعة ذاتها التي تقف الآن على سدة الحزب الوليد.

وبحسب المتحدث باسم الحركة الوطنية للبناء والتنمية هشام أحمد شمس الدين، فإن حزبهم الجديد هو ضد العلمانية واللادينيين وحزب المؤتمر الوطني المنحل بكل استبداده.

وهو حزب، بحسب شمس الدين، لا يخضع لابتزاز هذين الطرفين باعتبارهما الآن يشوهان الكيان الوليد إما بتهمة التبعية للحزب المعزول أو الارتهان للحكومة الانتقالية كمعارضة ليبرالية ناعمة.

ويؤكد -للجزيرة نت- أن حزبهم حركة اجتماعية سياسية بينما مجموعة الإحياء والتجديد ما زالت قائمة بشكل منفصل، “الجديد الآن أن لدينا حزبا يعنى بالاشتباك مع الشأن السياسي”.

وجاء في صدر بيان تأسيس الحزب الجديد “إن الحركة الوطنية للبناء والتنمية، هي حركة إصلاح اجتماعي وسياسي شامل، تقيم رؤاها وتستقي قيمها من هدي الدين وكريم شيم السودانيين”.

البيوت القديمة
ويشرح المقداد محمد الهجان نائب الأمين العام للحركة علاقة الحزب بإسلاميي المؤتمرين الوطني والشعبي بقوله إن العضوية من إسلاميين كانت لديهم مواقف معارضة قبل الثورة وخلالها.

ويوضح الهجان أن بعضا من عضوية الحركة كانوا سابقا في المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني، وإسلاميون كانوا في الرصيف ممن لديهم مواقف مثبتة منذ زمن طويل.

ويضيف -للجزيرة نت- أن العضوية متاحة لكل من لم يبدر عنه جرائم ضد الإنسانية ولكل من لم يتورط في الفساد، “حركة مفتوحة لكن شرط الانضمام إليها طهارة اليد واللسان. الحركة تقوم على الدين وبالضرورة لن تكون ملاذا لمن هم ضد الدين”.

ويدفع هشام شمس الدين شبهة العلاقة مع الحزب المحلول بقوله إن المؤسسين لمجموعة الإحياء والتجديد والحركة الوطنية للبناء والتنمية ليس لديهم سابق انتماء للمؤتمر الوطني وهم أول من ثاروا ضده.

ويشير إلى أن كوادرهم أيدت مليونية 30 يونيو/حزيران الماضي لكنها حذرت في الوقت ذاته من التعاون أو التنسيق مع عناصر النظام البائد، كما أن التوافق بين السودانيين الذي نص عليه بيان التأسيس استثنى المؤتمر الوطني لأنه حزب قامت ضده الثورة.

بعيدا عن الضوء
ويرجح الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية محمد خليفة الصديق -للجزيرة نت- أن يكون الدكتور محمد المجذوب محمد صالح المنظر الأساسي للحركة الجديدة.

ويقول إن المجذوب كان المنظر الرئيسي لمجموعة الإحياء والتجديد وهو شخصية لا تحب الأضواء رغم أن لديه أكثر من 20 مؤلفا فكريا من بينها عنوان باسم “الولاية العامة”، وهو بديل لفكرة الحاكمية التي اعتمدت عليها الحركة الإسلامية في تأسيس مبدأ “ما لا ينزع بالقرآن ينزع بالسلطان”.

ويفكك خليفة شعار الحركة “المجتمع أولا” بقوله إنه انقلاب على منهج الحركة الإسلامية السودانية التي استثقلت طريق تربية المجتمع الطويل وآثرت الوصول للسلطة أولا ومن ثم إصلاح المجتمع.

ويضيف أنه لا ينبغي محاكمة حركة البناء والتنمية الوليدة بتجربة الحركة الإسلامية، إذ إن الحركة الوليدة تتبنى عبر شعار “المجتمع أولا” العودة للنهج القديم.

الحركة والعلمانيون
ويوضح خليفة أن مؤسسي الحركة كانوا من المنتقدين للنظام السابق ودعوا للثورة عليه وكانوا من ضمن الثائرين لكن سيطرة الأحزاب اليسارية على حكومة الانتقال اضطرتهم لتكوين تنظيم سياسي.

ويستبعد أن تكون الحركة بابا خلفيا لعودة أنصار المؤتمر الوطني لأن الحزب المنحل ما زال موجودا، لكن يمكن لبعض شبابه الاقتناع بطرح الحركة والانخراط فيها كجسم جديد أساسه التأصيل وحضور الدين في حياة الناس.

ويقول “هذه حركة تضم الساخطين من الإسلاميين على النظام البائد وحتى السلفيين غير المنخرطين في تنظيمات يمكن أن تشكل لهم ملاذا”.

ويضيف “أن بعض العلمانيين يشوهون صورتنا بتهمة أننا كيزان (أنصار المؤتمر الوطني) لكن حجم هذا التجريم في الشارع ليس واسعا، وخطاب الإحياء والتجديد حظي بقبول بين الشباب وهو المتوقع مع طرح حزب الحركة الوطنية للبناء والتنمية”.

الحركة والسلطة
اتخذت الحركة الوليدة موقفا معارضا للحكومة الانتقالية ودعت في متن الرؤية السياسية والاجتماعية التي أعلنتها الأربعاء لإسقاطها.

وتطرح في الرؤية في إطار الحلول الآنية لمشكلات البلاد “حل الحكومة القائمة وتكوين حكومة وحدة وطنية انتقالية لا حزبية، تقوم على مبدأ الكفاءة والوطنية، تستجلب لها الكفاءات الوطنية دون تمييز أيديولوجي أو جهوي أو عرقي”.

وطبقا للناطق باسم الحركة فإن حزبهم مع إسقاط الحكومة لكن برؤية سياسية وتوافق وطني.

ويقر بأن الحركة لا تدعي المقدرة على إسقاط الحكومة لكنها دعت السودانيين لإسقاطها، وأوضح أنهم لا يريدون إقصاء الأحزاب العلمانية وليس لحركتهم الناشئة خطاب انفعالي أو عدائي.

وطالبت رؤية الحركة السياسية بإلغاء الوثيقة الدستورية والعودة لدستور 2005 مع إجراء التعديلات اللازمة الملائمة للأوضاع الراهنة وصولا للانتخابات.

هموم تنظيمية
ويأمل حزب الحركة الوطنية للبناء والتنمية في بناء تنظيم وعقد مؤتمر عام يختار قيادة منتخبة خلال 6 أشهر إلى عام.

ويقول الناطق باسم الحركة هشام أحمد شمس الدين إن ثمة تحديا في التمويل الذي يعتمد على الدعم الذاتي في الوقت الراهن مع العمل على التوسع في تلقي الهبات والتبرعات من الأعضاء.

ويذكر أن الحركة وضعت مبدأين في الشأن المالي، هما عدم قبول أي مال غير نظيف، وأي أموال من أي جهة سياسية.

وينوه إلى أن للحركة حاليا أمانة عامة مكلفة حتى قيام المؤتمر العام، كما أن لديها وجودا في الولايات وتعمل على التوازن الثقافي والقومي والانشغال بالنوع وليس الكم.

ويقول إنه بمجرد الإعلان عن تدشين الحزب تلقوا طلبات انضمام كبيرة عبر صفحة الحركة الوطنية للبناء والتنمية على فيسبوك من داخل السودان وخارجه، وتحاول الحركة الآن الإجابة عن أسئلة المهتمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *