بروف هاشم علي سالم يكتب..خربشات على جداريات الحوار… (15) حرس الحركات المسلحة
بروف هاشم علي سالم يكتب..خربشات على جداريات الحوار… (15)
حرس الحركات المسلحة
عندما بدأت الحركات المسلحة في الموافقة على المشاركة في الحوار كان يأتي وفد منهم كأعضاء في الحركة اما المسؤول عن الحركة فكان يأتي معه حرسه الخاص وغالبا يتكون من شخصين أو ثلاثة…
كان الحرس الخاص يأتي في ملابس عسكرية ولكنه يحمل سلاحا.. جلسنا مع مجموعة منهم وبدأنا نقاشا بأن هذا هو حوار وليس للبندقية اي صلة بهذا الحوار… بل هذا الحوار من أحد أهدافه أن تضع البندقية أرضا ويتناقش الناس فيما بينهم بحرية تامة وان يخرج كل واحد منهم الهواء السخن الذي كان يكتمه طوال سنوات الحرب وترك البندقية فقط التي تعبر ما بداخلها وتكلمنا كثيرا بأن وجود البندقية في هذا المكان يهزم فكرة الحوار برمته…
أما من ناحية الحماية فنحن في الحوار من يقوم بحمايتهم سواء كانوا مسؤولين أو أعضاء في الحركة.. وفعلا كانت هناك توضع مجنزرة أمام كل فندق به مسؤول عن حركة مسلحة اما الأعضاء فكانوا يسكنون في شقق وبيوت داخل الأحياء وتوضع بها أفراد من الحماية يتبعون للشرطة…
أما الرد منهم فكان قاسيا… نحن لا نثق فيكم لحمايتنا…. تفهمنا ذلك الاحساس وكان ردا طبيعيا لأناس كانوا يحاربون لسنوات فنحتاج هنا فعلا إلى غرس الثقة من جديد في نفوسهم.. توصلنا إلى اتفاق بعد عناء أن يضع الحراس سلاحهم في مدخل المقر ويدخلون إلى مكان اللجان دون سلاح ويسمح لهم بسلاح شخصي فقط..
والا يستخدم ذلك السلاح إطلاقا ولكن زيادة لطمانتهم و أيضا غرسا للثقة التي فقدت نتيجة الحروب الطويلة.. عندما دخلوا لقاعات اللجان وجدوا شيئا مختلفا تماما.. وجدوا حوارا وعصفا ذهنيا مختلفا و هواءا سخنا يخرج من داخل أناس غيرهم وهناك حلول تقدم وهناك من يقف معهم وهناك من يؤيدهم…
وجدوا شيئاً مختلفا تماما داخل هذه القاعات وتكلموا بكل مايعانونه والظلم الذي لحق بمناطقهم والتهميش الذي لحق بهم.. وكانت الردود تأتيهم من المشاركين بأن البندقية لم تحل مشكلة السودان منذ الاستقلال ولن تحل مشاكلكم ولم تأتي بسلام حتى الآن..
دعونا نضعها أرضا ونضع مابداخلنا كله أمامنا لنجد له حلولا دون استخدام آليات إراقة دماء… فالدم واحد والفقد واحد والخاسر هو الوطن… بعد أن أخرجوا جميعا مابداخلهم وبعد أن تأكد الجميع بأن البندقية في كل تاريخ الحياة البشرية لم تقدم حلا لمشكلة.. بل الحل يكمن في الحوار الحر وقبول الرائ الآخر.. هدأت النفوس بعد فترة وساد العقل وقاد الحوار المنطق وتوصلوا لحلول لم تستطع البندقية الوصول إليها خلال عشرين عاما… وعندها لم نتكلم بعدها عن سلاح لحماية سوداني في وطنه السودان ولم نرى سلاحا يحمل في ذلك المكان لأنه أصبح نشاذا…
بروف هاشم على سالم