السودان يتجه نحو زيادة أجورالقطاع الحكومي لمواجهة الغلاء
وكالات اثير نيوز
أكدت مصادر موثوقة لـ “العربي الجديد” عن وجود اتجاه لزيادة أجور العاملين في القطاع الحكومي السوداني من 3 إلى أكثر من 24 ألف جنيه على الأجر الأساسي في حده الأدنى، عقب انتهاء الحكومة الانتقالية من مراجعة هيكل الأجور وبدء تطبيقه اعتباراً من العام 2022.
وكشفت المصادر أن الهيكل الجديد يراعي ارتفاع تكلفة المعيشة نتيجة للانفلات الكبير في التضخم والارتفاع الحاد في أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية كافة، ما تسبب في فجوة بين الدخول والمصروفات لغالبية العاملين بالدولة.
وتوقعت تحديد الحد الأدنى للأجور لأسرة مكونة من 5 أفراد بأكثر من 105 آلاف جنيه. وشكا الموظف الحكومي محمد منصور لـ “العربي الجديد” من عدم تناسب راتبه مع غلاء المعيشة، وقال إنه يتوقع حدوث زيادة في الرواتب التي أعلنتها الحكومة بسبب الارتفاع المطرد في أسعار السلع. واعتبر أن السوق ستمتص الزيادة مباشرة بسبب لجوء التجار فورا لمضاعفة الأسعار بمجرد الإعلان عن بدء تطبيق الزيادة في الرواتب العام المقبل، ما يستدعي زيادة الرقابة في السوق.
وقال الأمين العام السابق لمجلس الأجور عبد الرحمن يوسف حيدوب إن الزيادة في الأجور حتمية. وأشار في حديث مع “العربي الجديد” إلى استمرار المنحة التي أعلنتها الحكومة أخيراً للعاملين بالدولة بواقع 10 مليارات جنيه حتى نهاية العام الحالي، ليتم تحويل مبلغها للاستفادة منه في تطبيق الزيادة الجديدة في الأجور بداية العام.
وطبقت الحكومة السودانية منتصف إبريل/ نيسان الماضي 2021 زيادة في الحد الأدنى للأجور للعاملين بالدولة بين 425 جنيهاً إلى 3 آلاف جنيه، لمقابلة الزيادات المطردة في أسعار السلع بالأسواق وغلاء المعيشة والارتفاع المتصاعد في التضخم.
وقال حيدوب إن تحديد الزيادات في الأجور يتفاوت وفقا للدرجات الوظيفية، وحسب تقديرات وزارة المالية وقدرتها على توفير تمويل لها من موارد حقيقية. وأعد المجلس الأعلى للأجور بالسودان 11 دراسة متخصصة حول الأجور، أشارت إلى أن دخول الأفراد قد ترتفع من الناحية النظرية، إلا أن الدخول الحقيقية قد تنخفض من الناحية الفعلية نظرا لارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض القوى الشرائية للنقود.
وشكلت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2019 فريق عمل وطني، لمعالجة هيكل الأجور ومرتبات العاملين بالدولة لعام 2020 لإجراء معالجات شاملة للمرتبات والأجور في الخدمة المدنية، وفق ما أعلنته.
كما أشارت إلى أنها تسعى لإزالة التشوهات وتحقيق العدالة والرضا الوظيفي بين جميع مكونات الخدمة المدنية المختلفة، وتحسين سبل العيش الكريم للعاملين بالدولة. ولفتت إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وانهيار القوى الشرائية للمواطنين، نتيجة لسياسات الإفقار الممنهجة التي اتبعها النظام البائد، مع مراجعة الوضع الحالي للأجور والمرتبات في الخدمة المدنية، والوحدات التي تعمل بقانون خاص، وإبراز الفروق والتشوهات، ومراجعة المخصصات والبدلات والامتيازات المختلفة، وفقا للتدرج الوظيفي في الخدمة المدنية، والوحدات الحكومية.
وقالت الوزارة إنها تعمل على توضيح درجات التباين بين الوظائف، ووضع أسس علمية محددة للمراجعة الدورية للأجور، لمراعاة التغيرات التي تحدث في كلفة المعيشة بسبب تغيرات الأسعار.
وانتقدت مديرة الفصل الأول الأجور والمرتبات السابقة في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي أسماء مصطفى، في حديثها مع “العربي الجديد”، الزيادات الأخيرة غير المدروسة في الأجور بنسبة 500 في المائة التي تسببت في خلق مشكلات كبيرة، وعجز وزارة المالية عن الإيفاء بها في حينها. وتوقعت وقوع الحكومة الحالية في الخطأ السابق ذاته، من حيث الزيادات المرتقبة على الأجور وتطبيقها من غير دراسة وحصر للتكلفة الكلية للتمويل من موارد ثابتة وحقيقية، ما يؤدي أخيرا لعجزها عن مقابلة الزيادة التي أقرتها.
واستبعدت مصطفى إقدام الحكومة الانتقالية في السودان على اتخاذ قرار بخفض الرواتب، في ظل الارتفاعات القياسية في معدل تضخم الأسعار “لأنها صارت حقا مكتسبا للعاملين بموجب لوائح العمل التي تنص على أن أي استحقاق يأخذه العامل يعتبر حقا مكتسبا له لا يمكن خفضه بأي حال من الأحوال”.