الوزير البكاي
الوزير البكاي
بشارة جمعة ارور
من أبكى وزير الإعلام و الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق ؟!
درجت شركة زين أن تقيم إحتفالات كل عام و قد أقامت بفندق كورنثيا بتاريخ 25 ديسمبر 2018 م، حَفلاً ختامياً مسلطةً الضُّوء على نماذج مُلهمة من الأشخاص ذوي الإعاقة تحت شعار (كن إيجابياً وأنثر الإلهام)، و حضر الحفل لفيف من الوزراء وكنت من ضمنهم كضيف شرف للاحتفال وقتها كنت وزير الإعلام و الإتصالات و تكنولوجيا المعلومات، وكان الفريق طيار الفاتح عروة المدير التنفيذي لشركة زين واتحادات ذوي الإعاقة أصحاب الشأن في ذاك اليوم .
و تم عرض فيلم للإنجازات التي تمت للأشخاص ذوي الإعاقة خلال العام، ثم تلتها الكلمات و تحدثت مجموعة من أصحاب الإعاقة عن تجاربهم وقصصهم التي جعلتهم أشخاصاً ناجحين ومُؤثرين في الحياة، وكان من ضمن الحضور مشاهير من ذوي إعاقات مُختلفة الذين كانوا أكثر تحدياً فأصبحوا من الشخصيات البارزة في المجتمع ولهم أدوار مؤثرة،وبذلك أكدوا أن الإعاقة إعاقة الفكر وليست الجسم و الأعضاء.
وقد تم تقديمي لمخاطبة الجمع الكريم ولكنني بمجرد ما وصلت إلى المنصة لم أتمالك نفسي عند ما ألقيت نظرة على أولئك المبدعين الذين تحدوا الصعاب، فأجهشت بالبكاءٍ ولم أستطع التّوقف فغادرت المنصة و تحدث الفريق الفاتح عروة ثم قدمني مرةً أخرى بعد أن خف عني التأثيرات و الانفعالات وفيض المشاعر الإنسانية بسبب ما شاهدت وسمعت من ذوي الإرادات و التطلعات والعزيمة في الوصول إلى الأهداف و الغايات السامية. فالحمد لله الذي لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام والحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى.
نعم، هم ذوي الإرادة والعزيمة و القناعة وليس الإعاقة ولم لا أذرف الدموع في مثل هذا الموقف العظيم و المؤثر كذلك…؟! نعمخ بكيت بكل فخر واعتزاز، حقاً بكيت والبكاء رحمة و رقة تجاه الآخرين فالعين لا تبكي إلا إذا أبصرت في الواقع شيئاً مؤثر، وإذا قسا القلب قحطت العين وأعوذ بالله أن أكون من القاسية قلوبهم…، و كيف لا أبكي وقد تجلى العدل الإلهي وعظمة ربي فيهم وكما قال: صلى الله عليه وسلم إِن اللَّه عز وجل لا ينظر إلى صورنا وأموالنا ، ولكنْ ينظر إِلى قلوبنا و أعمالنا و القلب هو المتحكم و المحرك لجميع خلايا الجسم و أعضائه وهو مكان الإيمان وهي المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد.
وحقاً كانت قلوبهم مليئة بالإرادة والعزيمة و القناعة فكانت النتيجة تلكم الأعمال العظيمة التي عجزت عن إنجازها غيرهم فالإعاقة إذاً لا تسلب الإرادة و القدرة والعزيمة لذا في تقديري هؤلاء أصحاب الإرادات و أولو عزم وأهل صبرٍ وقوة تحمل المشاق…
فبسبب هذا الموقف المبهر الذي أبكاني تعرضت إلى الكثير من السخرية والاستهزاء بل تجاوز الأمر إلى التندّر على الملأ بإطلاق لقاب البكاي ظناً منهم بأن الوزير بكى بسبب مغادرته السلطة و المنصب ووو… إلخ. والحمد لله السلطة لم تُكسبنا أي نوع من الإدمان بها أو الغطرسة ولا أي تأثير نفسي بسبب فقدانها.
والبكاء سمة طبيعية فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها وهي وسيلة للتعبير عن الانفعالات وفيض المشاعر الإنسانية…،و بكاء القادة العظماء و الزعماء السياسيين عند المواقف ليس بجديد أو غريب، بل هو تعبير عن أحاسيسهم ومشاعرهم تجاه الأحداث و المواقف العظيمة…ولا تعني أبداً الضعف أو الخوف ولا تقلل من شأن الإنسان أو قدره…
فاعلموا يا من تستهزئون و تسخرون إننا لم نبكي خوفاً أو بسبب هزيمة من أحد…
و إِن تسْخروا منا فإِنا نسخر منكم كما تسْخرون .