القمر الصناعي المتطور.. ورقة ضغط روسية أم ملف ساخن في جنيف؟

من بين عشرات الملفات الإقليمية والدولية التي ستناقشها قمة الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتن، فإن صناع القرار في إيران ينتظرون ما قد تسفر عنه القمة من نتيجة، لإمكانية بيع موسكو لقمر صناعي متطور التقنية والقُدرة لطهران.

وحرص المراقبون للمشهد الإيراني على متابعة الخبر الذي كانت صحيفة “واشنطن بوست” قد سربته منذ أيام قليلة، محاولين استقراء تشابكاته مع العلاقات الدولية، ومناقشة إمكانية صحته أصلا أو تحقيقه على أرض الواقع.

أغلبية كبيرة من المراقبين ذهبوا للاعتقاد بأن التقرير الذي نشرته الصحيفة الأميركية ربما يكون بمثابة تسريب متعمد من قبل مراكز القرار الروسية، ليكون بمثابة ورقة ضغط ومساومة يمكن أن يستخدمها الرئيس بوتن في قمة مع نظيره بايدن، لإدراكه للأهمية الحيوية لمثل ذلك القمر الصناعي على التوازن العسكري والأمني في المنطقة، والذي يمكن أن يختلف تماما في حال حصول إيران على مثل ذلك القمر.

 القمر الروسي المتطور

وبحسب التسريبات، فإن القمر الصناعي سيكون من نوع “كانوبوس في”، أي من الجيل الذي يتيح لمالكيه قدرات دقيقة على مراقبة مساحة واسعة من منطقة الرصد، بما في ذلك المنشآت النفطية والقواعد العسكرية والسفن البحرية وحتى تحركات السيارات داخل المدن.

ويعني هذا أن النواة الصلبة في الجيش الإيراني، المتمثلة بالحرس الثوري الإيراني، ستتمكن من مراقبة كامل “مسرح العمليات” في مناطق تدخله الإقليمية، واستخدام تلك المعطيات في عمليات دعمه للميليشيات الموالية له.

وكان الرئيس الروسي قد نفى في مقابلة مع قناة “إن بي سي” الأميركية غداة لقائه ببايدن، نية بلاده بيع أو نقل مثل ذلك القمر الصناعي إلى إيران، إلا أنه لم ينكر وجود تعاون عسكري وتقني لبلاده مع إيران.

ملفات أمنية تلقي بثقلها على قمة بايدن وبوتن
ملفات ساخنة

وعن توقعاته للقمة، كان بايدن، وعقب اجتماعات حلف شمال الأطلسي التي جرت في العاصمة البلجيكية بروكسل، قد قال في مؤتمر صحفي، إن بلاده تأمل بأن تنال موافقة تامة من الرئيس بوتن بالتعاون الثنائي بين البلدين لضبط التوترات والصراعات في العالم، وخصوصا في البلدان التي تشكل خطرا على الأمن والسلام العالمي، وهو أمر أعتبره المراقبون إشارة إلى إيران.

ومن جانبه، عقد الوفد الروسي المشارك في المفاوضات النووية التي تجري بين إيران والقوى الدولية في العاصمة النمساوية فيينا، الاثنين الفائت، اجتماعا تحضيرا مع الدبلوماسيين الأميركيين، بغية التحضير لاجتماع قمة اليوم.

ووصف كبير الدبلوماسيين الروسي في ذلك الاجتماع ميخائيل أوليانوف اللقاء بنظرائه الأميركيين قائلا: “يبدو أن حوارنا في فيينا دليل على أن البلدين يمكن أن يحافظا على تعاون يشبه الأعمال التجارية في القضايا ذات الاهتمام المشترك”، وهو ما اعتبرته إيران بمثابة إشارة إلى مقايضة روسيا للتعاون العسكري الحساس الذي وعدتها به بتحسين مسار العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة.

ويمكن أن يكون ملفان رئيسيان محل مطالبة روسية في حال امتناعها عن تسليم إيران مثل تلك التقنية، فإما على الولايات المتحدة أن تقبل بنفوذ روسي حقيقي في حاضر ومستقبل سوريا، أو تخفيف الضغوط في ملف أوكرانيا، حيث تصر واشنطن وحلفاءها الأوربيين على وحدة الأراضي الأوكرانية، وتاليا عدم الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم.

 أنتهاء قرار حظر التسلح المفروض على طهران
دعاية إيرانية

تملك إيران طموحات تقليدية لتقوية منظومتها العسكرية بالأقمار الصناعية، وقد أعلنت أكثر من مرة سعيها لتطوير تلك الأقمار بقدرات محلية، لكن المراقبين العسكريين يشكون بإمكانيات وقدرات تلك الأقمار، التي اعتبروها مجرد جزء من الدعاية العسكرية الموجهة للداخل الإيراني.

فالقمر الصناعي الذي أطلقته إيران في شهر أبريل من العام الماضي تحت مسمى “نور 1″، والذي أدانته الولايات المتحدة عبر وزير خارجيتها آنذاك مايك بومبيو، أثبت قدراته العسكرية المتواضعة، مقارنة بالأقمار الصناعية الدولية المستخدمة.

الباحث المُختص بالشؤون الإيرانية عزاب توري غنج شرح تبعات إمكانية تسليم روسيا لمثل ذلك القمر لإيران في ظل هذا الظرف الإقليمي، قائلا: “سيعني الأمر أولا إمكانية تسريع ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران، كانت قد صارت بعِداد المستبعدة في ظلال الإدارة الأميركية الجديدة والمفاوضات النووية الجاري حاليا في فيينا. الأمر الآخر هو اندفاع الولايات المتحدة لمعاقبة روسيا بأقسى طاقة ممكنة، اقتصاديا وسياسيا، وهو ما قد يشكل ثقلا إضافيا على الرئيس بوتن”.

جدير بالذكر أن إيران تملك طوال السنوات الماضية طموحا للحصول على منظومة الدفاع الروسية “إس 400″، إلا أن الضغوط الأميركية والأوربية على روسيا كان يمنعها من تنفيذ أية تعهدات سابقة قد قدمتها لإيران، بما في ذلك العقوبات الدولية عبر الأمم المتحدة، التي كانت مفروضة على بيع الأسلحة لإيران، والتي انتهت في شهر أكتوبر من العام الماضي، ولم تقبل روسيا كل مساعي الولايات المتحدة لتمديد تلك العقوبات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *