الاقتصاد السوداني في ظل حرب الكرامة : ما له وما عليه.. بقلم✍🏽: المهندس / خالد مصطفى الصديق الفزازي

فى ظل التحولات الجذرية التي فرضتها حرب الكرامة على الواقع السوداني ، أصبح من الضروري تناول الاقتصاد الوطني بعين تحليلية تُدرك تعقيداته وتستشرف مآلاته ، بين فرص التعافي ومخاطر الانهيار .
أولًا : آثار الحرب على الاقتصاد السوداني :
اندلعت الحرب فى وقت كان السودان يعاني أصلًا من هشاشة اقتصادية ، لكنها زادت الأوضاع سوءًا ، حيث :
توقفت أغلب الأنشطة الإنتاجية ، لا سيما فى العاصمة ومراكز الحراك الصناعي والزراعي .
انهارت الثقة فى النظام المصرفي ، وانتشرت المعاملات النقدية خارج الأطر الرسمية .
تعطلت الخدمات الأساسية (الكهرباء ، النقل ، الاتصالات) ما عرقل البيئة الاستثمارية .
تراجع الناتج المحلي ، وزادت نسب التضخم والفقر والنزوح .
ثانيًا : فرص التعافي على المدى القصير (2-5 سنوات) .
رغم قسوة الواقع ، توجد بعض العوامل التي قد تتيح تعافيًا جزئيًا إن تم استثمارها ، ومنها :
تحقيق الاستقرار الأمني : مجرد توقف الحرب سيعيد الثقة للسوق المحلية والدولية .
الاستثمار الخليجي والإقليمي : السودان يملك جاذبية في الزراعة والتعدين .
الدعم الدولي : من خلال منح أو إعادة هيكلة الديون عبر مؤسسات كصندوق النقد والبنك الدولي .
تفعيل القطاع الزراعي : ما زال يمثل فرصة ذهبية للنمو السريع إذا ما أُحسن استثماره .
ثالثًا : تحديات التعافي الطويل الأجل (5-10 سنوات) .
لكن هذا التعافي لا يمكن أن يترسخ دون معالجة التحديات البنيوية :
الفساد المؤسسي : استنزف الموارد وعمّق الفجوة بين المركز والهامش .
ضعف البنية التحتية : يتطلب سنوات من الإصلاح والاستثمارات الكبيرة .
التبعية لقطاع النفط والذهب : يجعلان الاقتصاد رهينة للأسواق العالمية المتقلبة .
العقوبات والنزاعات الإقليمية : مثل قضية سد النهضة التي قد تؤثر على الأمن المائي والغذائي .
رابعًا : آفاق ما بعد الحرب – هل من تحول إيجابي؟
التحول الرقمي : قد يفتح أبوابًا لتوسيع النظام المالي وتجاوز الفساد .
دور الجاليات السودانية بالخارج : تحويلاتهم تمثل شريانًا حيويًا للعملة الصعبة .
التكامل الإقليمي : خاصة ضمن اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية (AfCFTA).
خامسًا : المخاطر المستجدة :
التغير المناخي وتأثيره على الزراعة .
ارتفاع النزوح الداخلي وتآكل البنية المجتمعية .
انهيار النظام المصرفي فى حال استمرت الحرب لفترة طويلة .
خاتمة :ما بين الألم والأمل
رغم الصورة القاتمة ، فإن السودان ما يزال بلدًا غنيًا بالموارد والطاقات البشرية .
يظل التعافي ممكنًا لكنه مشروط بإرادة سياسية حقيقية ، وإصلاحات جذرية ، واستقرار طويل المدى .
اقتصاد السودان لا يحتاج فقط إلى تمويل ، بل إلى رؤية شاملة تُعيد بناء الدولة من الجذور ، وتنقلها من اقتصاد الحرب إلى اقتصاد التنمية .
خبير إقتصاد إستراتيجى
الجمعة 25 أبريل 2025م