خبر و تحليل .. عمار العركي : السودان و الإمارات: مواجهة داخل البيت العربي

___________________________
* لم يكن ما حدث في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة مجرد مناوشة دبلوماسية، بل محطة مفصلية في كشف ما يدور خلف الكواليس، حين وقف السودان، ممثلًا في وفده الرسمي، في وجه تعديلات حاولت الإمارات إدخالها على مشروع قرار عربي لدعم السلام والتنمية في السودان. تعديلات وُصفت رسميًا بأنها “مُخلة” و”تحرف القرار عن هدفه”، وفقًا لما أعلنه وكيل وزارة الخارجية السفير حسين الأمين.
*_لا يمكن لمن يشعل النار أن يزعم إطفاءها_*
* بهذه الروح واجه السودان ما وُصف بـ”الازدواج الإماراتي”، حين تحاول أبوظبي، في ذات الوقت الذي تدعم فيه المليشيا المتمردة بالمال والسلاح، أن تتصدر مشهد السلام وتلمّع صورتها في الأطر الرسمية. قال السفير حسين الأمين في تصريح لـ سونا : “قدمنا للجامعة العربية والمندوبين الدائمين الأدلة والوثائق التي تثبت أن الإمارات طرف أساسي في الحرب، ولا يمكن أن تبدو كأنها حريصة على السلام أو سلامة الشعب السوداني”.
*_صحف عربية: الموقف الإماراتي في مرمى الشكوك_*
* صحف عربية رصدت بدورها “الحراك الإماراتي داخل أروقة الجامعة”، واعتبرته محاولة لتحييد القرار العربي أو سحبه نحو عبارات فضفاضة تخدم مشروع أبوظبي، لا مصلحة السودان. صحيفة “العربي الجديد” علّقت على الجلسة بقولها: “الملف السوداني شهد سجالًا واضحًا، وخاصة بعد تصدي السودان لمحاولة إماراتية لإعادة صياغة القرار العربي، وسط دعم خفي من بعض الوفود… لكن السودان ظل متمسكًا بموقفه ونجح في فرضه.”
*_أين تقف الدول العربية_ ؟*
* السودان، في المقابل، وجه الشكر لدول عربية حافظت على مواقف مشرفة، ومنها السعودية ومصر وقطر والجزائر، والتي عبّر وفد السودان عن تقديره لتعاملها المباشر مع الحكومة الشرعية وتقديم الدعم الإنساني بعيدًا عن محاور الاستقطاب.
*_السؤال الأهم: لماذا هذا العداء الإماراتي السافر_ ؟*
* لماذا تصر الإمارات على إضعاف السودان، ولماذا هذا الاستثمار السياسي والعسكري في دعم مليشيا مسلحة متمردة؟التحليل الأكثر تداولًا بين الدبلوماسيين العرب يُشير إلى أن أبوظبي ترى في الجيش السوداني عقبة أمام مشروعها التوسعي في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، وتسعى لاستنساخ نموذجها “الوظيفي” في السودان، كما فعلت في دول أخرى، لتطويع القرار السيادي وتحويله إلى أداة بيدها.
*_الجامعة العربية… إلى أين؟_*
* حين تتحول مؤسساتنا العربية إلى ساحة صراع بالوكالة، فإن الخطر لا يهدد السودان فقط، بل يهدد فكرة العروبة والعمل العربي المشترك برمّته. وما حدث في القاهرة، رغم وقوف السودان بشجاعة، يطرح تساؤلات كبرى عن قدرة الجامعة على حماية قراراتها من الاختراق، وعن موقع العدالة في صراع المصالح.
*_خلاصـة القـول ومنتهـاه_ :*
* السودان انتصر سياسيًا في هذا الموقف، ليس فقط لأنه أحبط محاولة إماراتية، بل لأنه فرض روايته أمام الجميع، بالدليل والشرعية. وهي رسالة يجب أن تصل لكل من يظن أن الحرب في السودان يمكن أن تُختزل في بندقية مليشيا، أو تُدار من خلف المكاتب المكيفة في أبوظبي.