البكاء على الأطلال .. بقلم ماهر بيك

.
.
الأطلال التي نبكي عليها لم تأت من فراغ بل نتيجة أعمالنا … و شهدنا تدهور العملة كأول نتيجة …. كل العملات بلا استثناء تدهورت …. أذكر أن عمي اشترى سيارة موسكوفيتش بألف جنيه … الألف جنيه تدهورت حتى أصبحت جنيها واحدا و هذا الجنيه الواحد يلزمك معه 49 جنيها حتى تشتري رغيفا واحدا !!! (اخر سعر للرغيف قبل الحرب)… مع أن الجنيه الواحد من الألف ثمن الموسكوفيتش كان يأتي بخمسين رغيف الواحد منهم يعادل على الأقل ثلاثة من الارغفة الحالية !!!!
تذكرة السفر جوا إلى القاهرة سنة 1977 كانت 27 جنيه من جنيهات الموسكوفيتش .. و في القاهرة كان الطالب الجامعي السوداني يأخذ إعانة من السفارة السودانية سبعة جنيهات زادت أواسط السبعينات إلى عشرة ثم إلى خمسة عشر سنة 1979 … كان بعض الطلبة يوفرون منها … حاليا 15 جنيه في مصر تذكرة مترو !!!!
لو انتقلنا إلى أي بلد لوجدنا العجب … عمنا كابوس الذي عمل في أرامكو من سنة 1950 قال إن راتبه كان الف و خمسمئة ريال شهريا (ما يعادل وقتها 123 جنيه مصري … لم يكن للسودان عملة ذاك الزمان) و خلال ست سنوات اشترى بيتين في الديم و بيت و طاحونة في وادي حلفا و طاحونة في عطبرة و في يده 3060 جنيه نقدا فقرر إنهاء اغترابه و العودة للوطن !!!
بيروت اشتغل فيها ابن عمتي سنة 1960 بمرتب شهري 200 ليرة …. حاليا أصغر عملة لبنانية 1000 ليرة لا تشتري رغيف !!!
انخفاض العملة يفترض ألا يؤثر على معيشة الشعوب … الاسترليني كان يعادل حوالي أربعة دولارات و نصف …. حاليا حوالي دولار و نصف … مع هذا لا نجد البريطانيين يعانون ما نعاني .. جدول أسعار العملات في مصر ديسمبر 1970 … اعقدوا مقارنة …. بين ما كان و ما حادث …. أهم ما في الجدول …. الجنيه السوداني أعلى عملة في العالم.

ماهر بيك

مقالات ذات صلة