من أعلى المنصة .. ياسر الفادني : جنوب السودان يشتعل …ماذا بعد ؟

في مساء الأحد 16 مارس 2025، تعرضت قرية في مقاطعة ناصر بولاية أعالي النيل بالقرب من الحدود الإثيوبية لغارة جوية دامية أودت بحياة 21 شخصًا، بينهم الزعيم المحلي بول بول هذا الهجوم الذي جاء بعد أقل من أسبوعين على إنسحاب القوات الحكومية من المنطقة، يكشف عن تصعيد خطير قد يهدد الإستقرار الهش في جنوب السودان ويدفع البلاد نحو منعطف جديد من العنف
تزامن القصف مع إشتباكات متواصلة بين الجيش الحكومي وميليشيا الجيش الأبيض، وسط اتهامات موجهة لقوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان ونظيرتها الأوغندية بتنفيذه ، ما يزيد من خطورة الوضع أن الهجوم لم يستهدف مواقع عسكرية بقدر ما ضرب مناطق سكنية، ما يشير إلى محاولة لترهيب السكان وإعادة فرض السيطرة على المنطقة بالقوة، التحذيرات الأوغندية السابقة للميليشيات المحلية بالاستسلام أو مواجهة العمل العسكري تعزز هذه الفرضية، وتكشف عن إمتداد الصراع إلى حسابات إقليمية تتجاوز الحدود الجنوبية للسودان
هذا التصعيد يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الأهلية التي عصفت بجنوب السودان بين 2013 و2018، والتي كان الجيش الأبيض طرفًا فاعلًا فيها. ومع اتهام الحكومة لحزب ريك مشار بالتعاون مع هذه الميليشيا، رغم نفيه القاطع، يتعمق الانقسام داخل السلطة الهشة في جوبا، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني
الوضع الحالي في ناصر ليس مجرد اشتباك عابر، بل قد يكون نقطة تحول خطيرة إذا لم يتم احتواؤه سريعًا استمرار المواجهات خصوصًا في المناطق الحدودية قد يدفع نحو تدويل النزاع واستدعاء تدخلات خارجية غير محسوبة العواقب. جنوب السودان، الذي لا يزال يترنح تحت وطأة تبعات الحرب الأهلية، يواجه اليوم اختبارًا حاسمًا: إما أن ينجح في كبح دوامة العنف عبر حلول سياسية جادة، أو أن ينزلق مجددًا إلى مستنقع الفوضى الذي عانى منه لعقد من الزمن.