من الاقتحام إلى سيناريو الإذاعة.. خيارات الجيش لتطهير القصر والمقار السيادية!

أحكم الجيش حصاره الخانق على مليشيا الدعم، السريع الموجودة في القصر الجمهوري وبعض المقار السيادية، في مساحة لا تتجاوز 4 كيلومتر مربع، سيما بعد سيطرة الجيش على مستشفى فضيل ومستشفى الزيتونة، ونجاحه في تحييد شارع القصر عند تقاطع شارع السيد عبد الرحمن.
صباح اليوم قام الجيش بتمشيط واسع لشارع الجامعة حتى مقر وزارة الخارجية على عد نحو 80 مترا شرقي القصر الجمهوري.
التحام أسطوري
أمس الاثنين، أعلن الناطق باسم القوات المسلحة، العميد نبيل عبد الله، التحام جيش المدرعات بجيش القيادة العامة في مستشفى الشعب التعليمي.
وجاء الالتحام بعد معركة شرسة تمكنت فيها القوات المسلحة من تطهير مستشفى الشعب وتمشيط منطقة وسط الخرطوم.
ويعتبر الالتحام، هو الأكبر منذ التحام جيش الكدرو مع القيادة العامة، حيث يمكن القول بحسب مراقبين أن سلاح المدرعات الذي تعرض لأشرس وأكبر عدد من الهجمات، تحرر أخيرا من الحصار وبات متصلا مع جيش القيادة العامة، ما يدفع باتجاه تعزيز قوة المدرعات عقب وصول الإمدادات مباشرة لها من القيادة العامة بدلا عن البحر.
المدرعات.. الحصان الرابح
بدأ جيش المدرعات خطته للانفتاح شمالا منذ أغسطس الماضي، وكان يتقدم أمتارا قليلة في الأسبوع الواحد، ونجح مع الجهد والتضحيات في السيطرة على اللاماب ومن ثم مجمع الرواد، المقر الرئيسي لمرتزقة جنوب الخرطوم، واستمر في هذا التقدم حتى ختمه اليوم بالالتحام مع جيش القيادة العامة في مستشفى الشعب التعليمي.
قفزة كبيرة
الخطوة تعتبر بحسب مراقبين، قفزة كبيرة في سير الحرب ونقطة فاصلة في معركة الخرطوم، وبداية كنس المرتزقة من وسط البلد.
يقول أستاذ العلوم السياسية، دكتور محمد عمر، إن التحام جيش المدرعات بالقيادة العامة، يعتبر نقطة مهمة ستساهم في تنظيم متبقي العاصمة من المرتزقة، بجانب كونها نصرا معنويا كبيرا، حيث أن سلاح المدرعات الذي تعرض لأكبر هجوم تعرض له موقع عسكري في التاريخ، وصمد بشكل مدهش، بات أخيرا محررا من الحصار، وبإمكان الجندي أن يتحرك من مقر الفرقة الرابعة الدمازين أقصى جنوب البلاد لمقر المدرعات دون أن تعترضه بندقية مرتزق، معتبرا أن هذا نصر، سيساهم في حسم معركة وسط الخرطوم التي تمحورت حاليا في 4 كيلومتر مربع فقط، هى جملة المساحة التي تسيطر عليها المرتزقة وسط الخرطوم.
تأثير معنوي
التأثير المعنوي لخطوة التحام جيشي المدرعات والقيادة العامة، ظهرت سريعا، حيث استسلم عددا من القناصة الجنوب سودانيين، الذين كانوا يرتكزون في مبنى بنك بيبلوس، للجيش السوداني، فيما فضل بقية المرتزقة الجنوبيين، الهروب قبل أن يقبض عليهم الجيش.
في غضون ذلك يعيش عناصر المليشيا في القصر الجمهوري وحول المقار السيادية، أوضاعا صعبة، سيما مع تضييق الحصار عليهم من قبل القوات المسلحة، ومن شأن التقاء الجيشين هذا أن يقضي على روحهم المعنوية بشكل كامل، ما يدفعهم إما للاستسلام أو الدخول في مغامرة هجوم واسع على الجيش، وهذا الهجوم بحسب مراقبين هو ما يريده الجيش الذي يريد تكرار سيناريو الإذاعة المميت للمليشيا وسط الخرطوم.
سيناريو الإذاعة
مراقبون يتوقعون أن يقوم الجيش بإرغام المليشيا على الخروج من القصر الجمهوري، سيما بعد وصوله لمدى يسمح له بضرب حصار خانق للمليشيا، لا تستطيع معه سوى الاستسلام أو فك الحصار بأي ثمن، وعندها سيطبق الجيش سيناريو الإذاعة، وهى خطة أشبه بصب الماء في جحر الحية لإخراجها، معتبرين أن القوة الموجودة بالقصر وفي وسط الخرطوم لن تصمد طويلا مع انهيار الروح المعنوية والحصار الخانق، الأمر الذي سيجعل بتحرير وسط الخرطوم، وهى خطة أضمن من خطة الاقتحام التي قد تحدث خسائرا وسط القوات وأضرارا بالمباني.
واقعيا، فإن التحام جيشي القيادة العامة والمدرعات يجعل وضع الجيش مريحا ويسهل عليه تطبيق أي خطة يرغب في تنفيذها لتحرير القصر الجمهوري وبقية المقار وسط البلد، ذلك لأن التقاء الجيش يعني بعبارة واضحة نهاية المليشيا في وسط الخرطوم بشكل خاص ونهايتها في كامل ولاية الخرطوم بالعموم.
وفيما يبدو فإن الجيش عازم على الإسراع بتطهير القصر الجمهوري ومنطقة وسط الخرطوم من المليشيا، حيث وصلت تعزيزات عسكرية ضخمة صباح اليوم لمنطقة وسط الخرطوم مع طواقم من المسيرات والقناصين والمدفعية، وكتائب خاصة للاقتحامات، وهى قوات بحسب مصادر تحدثت للطابية، لم تشارك حتى اللحظة في معركة الكرامة.
الدفع بهذه التعزيزات يشير إلى أن الجيش عازم على إغلاق ملف الحرب في وسط السودان بالسرعة المطلوبة والتفرغ بالكامل لمعركة دارفور، التي لن تكون ساهلة بكل الأحوال.
وكالات