د. آمنة نوري : (حرامي القلوب)

اغنيه شهيرة و لكنها ايضا قصة واقعية من قصص العشق في عهد امير البصرة خالد بن عبد الله القسري .
يحكى انه تم القبض على لص ذي ادب ظاهر و عقل وافر و هو حسن الصورة ، طيب الرائحة و عليه سكينة و وقار و كانت التهمة هي سرقة بعض قطع الملابس ليس الا . و اعترف ذلك اللص على الفور بجرمه بل و اصر على اعترافه رغم تشكك الامير خالد بذلك فلما جن الليل به في السجن انشد يقول :
هددني خالد بقطع يدي *** اذا لم ابح عنده بقصتها
فقلت هيهات ان ابوح بما *** تضمن القلب من محبتها
قطع يدي بالذي اعترفت به *** اهون للقلب من فضيحتها

فلما جاء الصبح و حضر القاضي و اصر الحرامي على اعترافه ذاك أمر القاضي بقطع يده و لما دنا منه السياف صرخت امرأة من اهل البصرة الحضور و رمت بنفسها عليه فهاج الناس و ماجوا ثم تقدمت للامير بمكتوب فيه مايلي :

اقر بما لم يقترفه كأنه ** رأى ذاك خيرا من هتيكة عاشق
فمهلا عن الصب الكئيب فأنه ** كريم السجايا في الورى غير سارق

ثم تحدثت الى الامير على انفراد و اقرت بأن هذا اللص هو حبيبها جاء يزورها فلما اكتشفه اهل الدار لملم بيديه بعض الملابس كي يظنوه سارقا و لا يفتضح امرها و هكذا امر الامير بأيقاف امر القطع و تزويجهما و بعشرة الاف درهم لكل منهما
فهل تظن عزيزي القارئ بأن في هذا الزمان و الاوان قد يوجد لص للقلوب بهذه الشهامة و ذلك النبل ام ان اغنية حرامي القلوب قد جاءت سابقة … عفوا اقصد متأخرة لعصرها ؟
عن نفسي أظن بأن كل رجل سوداني كان (حرامي قلوب) يسرق اللب و الحب بشهامته و نبل أخلاقه.. و أختلفت الموازيين عمداً عندما أختلف الزمن فلم يراعي العدل فرق التوقيت في السودان. و لكن هاهو العدل يعيد ضبط ساعته و هاهو الرجل السوداني يعود ليمتطي جواد نبله و شهامته ليعود فارساً سارقاً للقلوب. فالتحية لكل رجل سوداني. و التجلة لشهامة أولاد (الحلة) وأصحاب التكايا والمبادرات. و نزلت من حائط المنزل أهلاً وحللت صرة نقودنا سهلاً يا حرامي القلوب الذي……. ( تلّب). أما شفشفة القلوب فهي ليست من الحب في شيء والله اعلم.

مقالات ذات صلة