مهرجان الثقافة والفنون الأول.. حيث يلتقي النيلان في حُبٍّ شَعبي مصر والسودان

تحت سماء مدينة القاهرة المعز التي احتضنت عبق التاريخ وهمس النيل الخالد، انطلقت مساء الأربعاء 5ابريل2025، أمسية كأنها حلم ينسج خيوط الوحدة بلونين: أزرق يمثل نهر النيل العظيم، و أخضر يعانق سماء السودان، في مسرح نجيب محفوظ، حيث تتنفس الكلمات فنآ وتتحول الألحان إلى جسور بين ضفتي وادي النيل، نظمت جمعية الصداقة السودانية المصرية، وجمعية وادي النيل، والمبادرة الشعبية لدعم العلاقات بين البلدين “مهرجان الثقافة والفنون الأول في حب شعبي وادي النيل”، تحت شعار يختزل قرون من التمازج والتكامل: “شعب واحد في بلدين”.
لقاء الإخوة ..وتجديد العهد
برعاية شركة “تاركو للطيران” التي حولت السماء إلى جسر بين البلدين، وتحت أنظار نخبة من قيادات المجتمع والإعلام، بدأت الأمسية بـ”سلامين وطنيين”؛ فالموسيقى ارتفعت حاملةً في أنغامها عزةَ البلدين، تلتها آياتٌ من الذكر الحكيم، كأنها تبارك هذا اللقاء الذي اجتمع فيه وزير الخارجية السوداني سعادة السفير الدكتور علي يوسف، ونائب وزير الخارجية المصري الدكتور ياسر سرور، والفريق أول ركن عماد الدين عدوي سفير السودان بمصر، في مشهد يجسد أن الدبلوماسية لا تُبنى بالسياسة وحدها، بل بالفنون أيضًا.
كلمات تخطف الأضواء.. “مصر لن تتخلى عن السودان”
في كلمة حملت دفء القاهرة في ليالي الشتاء وصدق خرطوم لاأت الثلاث، أكد الدكتور ياسر سرور أن “مصر ستظلُّ السندَ الذي لا يخور، حتى بعد عواصف الحرب”، مُعلنًا التزام بلاده بدعم السودان في كل المجالات ، وتنوير العالم بحقوقه، بينما أشاد سفير السودان عماد الدين عدوي بهذا “اللقاء الذي يذكرنا بأن الدم المشترك أقوى من حدود الخرائط”، مُكشفآ النقاب عن احتفالية قادمة بعنوان “شكرًا لمصر” في 15 أبريل القادم، كـ”تحية من الشعب السوداني لأخيه المصري”.
أوبريت “النيل الواحد”
لم تكن الفقرات الفنية مجرد عروض، بل كانت حكايات تروى بلا كلمات: أوبريت غنائي جمع الأصوات السودانية المليئة بحرارة الصحراء، مع الألحان المصرية العذبة كنسيم النيل، في لوحة جسدت عمق العلاقات الأزلية بين البلدين، ثم اندفعت فرقة الفنون الشعبية السودانية ترقص كأنها موكب بينما ارتدى الفنانون ازياء تقليدية تعكس أصالة التراث والفولكلور السوداني على مر التاريخ، وكأنهم يقولون: “هذا التراب واحد منذ الأزل”.
حين تتحول الدبلوماسية إلى أغنية
في ختام الأمسية ارتفعت الأكفّ تحيي وزيري خارجية البلدين، في تكريم لم يكن للمسؤولين فقط، بل للتاريخ المشترك الذي صنعوه في ظل هذه الظروف الاستثنائية، بينما كان الحضور يرددون “عاشت وحدة وادي النيل”، بدا المشهد وكأنه إعلان غير مكتوب: إن النيل ليس نهرآ، بل شريان يضخّ الحياة في جسدين.. لن ينفصلا ابد الدهر، موكدة بأن الوحدة شعبي وادي النيل ليست شعارات ترفع، بل إرثٌ يغني، ودمٌ يُسفك حبراً في كتابة مستقبلٍ لا يعرف إلا لغة الحب، فتحيةً لـ”شعب واحد في بلدين”، و تذكرة بأن الفنون أقوى من كل الحدود.
سيف البروف