مشهد جديد .. عبدالسميع العمراني : شكوي السودان ضد الإمارات.. الإطار القانوني والبعدين الأخلاقي والدبلوماسي!!

أعلنت محكمة العدل الدولية رسميا عن تفاصيل شكوى السودان ضد الإمارات بتهمة دعم الإبادة الجماعية في السودان والتي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع التي ترعاها وتمولها ماليا وعسكريا إعلاميا دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي هذا الصدد أصدرت محكمة العدل الدولية، بتاريخ الخميس السادس من مارس الجاري ، بيانًا رسميًا بشأن الدعوى التي تقدم بها السودان ضد الإمارات، متهمًا إياها بالتورط في عمليات إبادة جماعية عبر دعمها المباشر لقوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها لا سيما في إقليم دارفور.
ووفقًا للبيان، فقد تقدم السودان بطلبه إلى المحكمة الدولية متهمًا الإمارات بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وذلك من خلال تقديم دعم مالي وعسكري وسياسي لقوات الدعم السريع، مما أدى إلى ارتكاب جرائم تشمل القتل، الاغتصاب، التهجير القسري، ونهب الممتلكات، خاصة ضد جماعة المساليت في غرب دارفور.
وطالب السودان محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير مؤقتة ضد الإمارات، تشمل
إلزامها بوقف أي دعم لقوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ، واتخاذ
كافة التدابير لمنع ارتكاب أي أفعال تدخل ضمن تعريف الإبادة الجماعية، بما في ذلك القتل والتسبب في أضرار جسدية أو نفسية للجماعة المستهدف
وأشار بيان محكمة العدل الدولية إلى أن السودان استند في دعواه إلى المادة 36 من النظام الأساسي للمحكمة، والمادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية، حيث يعتبر السودان والإمارات طرفين في الاتفاقية. كما أكد أن المحكمة ستنظر في الطلب كأولوية، وفقًا لقواعدها.
ومن المتوقع أن تبدأ المحكمة النظر في القضية خلال الفترة المقبلة، وسط ترقب دولي لموقف المجتمع الدولي من هذه الاتهامات، وتأثيراتها المحتملة على المشهد السياسي والعلاقات الدبلوماسية في المنطقة.
اذن هذا هو السياق او الإطار القانوني حول شكوي السودان ضد دولة الامارات في محكمة العدل الدولية ولكن هل يمكن التكهن بنتائج ايجابية لتلك الشكوي ضد دولة ظلت مستهترة وتعبث بغرور وصلف بكافة القيم والمثل والاعراف الدبلوماسية و الأخلاقية التي تحكم علاقات الدول والشعوب ، فالتاريخ القريب يشير الي ان محكمة العدل الدولية تعتبر جزء من المنظومة الدولية التي تقرر الان في مصير الشعوب وفقا لتصنيف النظام العالمي المتحكم الان عبر النفوذ المالي والعسكري في قرارات الدول الأعضاء بالأمم المتحدة وعددها (193) دولة ، وكما هو معلوم فان الدول الخمسة الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي هم من يمتلكون حق النقض (الفيتو) بمجلس الأمن الدولي فهم من يتحكمون في مصير ال 188 دولة الاخري بالعالم ، مع الأخذ في الاعتبار ان الصوت الوحيد المناهض للهيمنة الغربية المناصرة للظلم الاسرائيلي بمجلس الأمن الدولي من الدول دائمة العضوية ، هو صوت روسيا مع بروز دور خجول للصين التي تفضل الابتعاد بقدر الإمكان عن القضايا السياسية والأخلاقية ولاتتحرك الا بعد احساس بالتهديد للتجارة الدولية
في الوقت الحالي يترأس مجلس محكمة العدل الدولية حاليا القاضي الياباني يوجي ويساوا بعد استقالة اللبناني نواف سلام والذي كان له دور مشرف في مايو 2024م بعد أن تمت محاصرة اسرائيل قانونيا في الشكوي التي تقدمت بها جنوب أفريقيا لالزام دولة الكيان بإيقاف عدوانها علي غزة ، الا ان المفارقة ان معظم القضاة بمجلس المحكمة وعددهم (15) قاضي ينتمون الي دول لبنان ويوغندا ألمانيا وامريكا والهند جامايكا والصومال وأستراليا والبرازيل وفرنسا واليابان والمغرب والصين، معظمهم قد ايدوا الدعوي التي إقامتها جنوب أفريقيا علي إسرائيل وفقط عارضها قاضي واحد فقط من اعضاء المحكمة وهي اليوغندية جوليا نيوستيندي ومعها القاضي الإسرائيلي ابراهام رئيس المحكمة العليا في إسرائيل والمنتدب وقتها للمحكمة وهو لم يكن عضوا اصيلا في المجلس ولكن كان له حق التصويت ، ونشير الي ان القاضية اليوغندية التي ساندت إسرائيل ووقفت ضد الأصوات الداعية لايقاف مذابح أطفال غزة وهي في الوقت الحالي تشغل منصب نائب رئيس محكمة العدل الدولية !!
لذلك فاءن البعد الأخلاقي للمحكمة متأثر بشكل او بأخر بانتماءات القضاة وامزجتهم ودرجة نزاهتهم والتزامهم الأخلاقي، فوجود القاضية اليوغندية جوليانا علي منصة المحكمة وسط شكوك وشبهات حول يوغندا باعتبارها احدي البلدان الأفريقية التي أشترت دولة الإمارات صمتها او فلنقل انها قد باعت ذمتها واخلاقها للمال الإماراتي، لتتحدث بلسان وسلاح المليشيا المتمردة في اضابير الاتحاد الافريقي ، وقد سعت تلك الدول الي تغيير الوقائع بل لي عنق الحقيقة وعدم التعاطي مع مايجري في السودان بنوع من الحياد و المنطق والعدل ، ولعل شواهد التاريخ تشير الي ان إثيوبيا قد واجهت نفس الموقف بعد تمرد التقراي الا ان الإمارات كانت مساندة لحكومة ابي احمد لذلك فان معظم قرارات الاتحاد الأفريقي كانت مساندة لإثيوبيا وإستجابت كل الدول الأعضاء بالاتحاد الافريقي ، بل ازعنت الي تهديدات رئيس الوزراء الإثيوبي الذي رفض اي نوع من انواع التدخل في الشئون الداخلية لدولته الي ان استطاع القضاء علي تمرد التقراي .
ونعود الي البعد الدبلوماسي لشكوي السودان ضد الإمارات فهي شكوي تندرج في إطار التحركات الدبلوماسية وان كانت الجهات التي تكفلت بتجهيز الشكوي هي جهات غير حكومية ولكن لابد وان يتم تقديم الشكوي عبر أطر رسمية حتي يتم قبولها ، اذن فإن الشكوي تعتبر نوعا من الجهود لمحاصرة الإمارات دبلوماسيا بعدد من الشكاوي القانونية ، بيد ان النتائج قد لاتكون بمستوي الطموحات بالنظر الي تاريخ المحكمة وضعف تنفيذ قراراتها الا في حالة واحدة وهي شكوي ذات طابع اقتصادي حيث الزمن المحكمة بولندا بتعويض ألمانيا عن اضرار لمصنع نترات ، وعجزت المحكمة الدولية عن إلزام إسرائيل بتنفيذ قراراتها لان قرارات المحكمة في العادة يتم تحويلها الي أليات الأمم المتحدة لأجل اتخاذ إجراءات تنفيذية حيالها ، ولكن وجود دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا في موقع العضوية الدائمة لمجلس الأمن الدولي تقاطع علاقاتها ومصالحها الاقتصادية مع دولة الإمارات لايبشر هذا الأمر بتحقيق العدالة حتي وان اقدمت المحكمة علي تحويل القضية الي اليات الأمم المتحدة.
وتظن او تتوهم إمارات قرقاش وشخبوط وطحنون وخلفان وكبيرهم النمرود وأخوه صغير العقل والقلب منصور ، يظنون ان الدنيا ماهي إلا ضحك ولعب وسفاهة وشرب ، فهم متطرفون في العداء تجاه السودان بشكل جنوني وسافر ، بظن ان المال عندهم ويستطيعون شراء كل شيء وترويض اي سياسي في أفريقيا وحتي أوربا ، ولعل مايغيب عنهم او انهم يجهلونه او ربما يتجاهلونه هي ارادة الله القادر علي كل شي، وغدا ستكون أموالهم حسرة عليهم فلينظروا هل استطاعت الأموال و الثروات الضخمة من توفير الحماية لاساطين قبلهم ، فأين الخريفي وامواله وأين استيف جوبز وثرواته واين قارون عصره عدنان خاشقجي !!