آفاق اليقظة 5 .. د. فقيري حمد : اخرسوا أبواق العمالة بمؤتمر سلام السودان

الحرب التي تدور رحاها في بلادنا احدثت اضرارا بليغة و خلفت جراحات لا يمكن تجاوزها إلا بارادة وطنية قادرة علي تحويل الانتصارات العسكرية الي تراضي وطني يشفي الأنفس من الإحن و الأحقاد و يضفي المشروعية علي مرحلة تأسيسية تضع أسس متينة لدولة مواطنة قومية ديمقراطية اتحادية مُتراضىً عليها من جميع حواضن شعب السودان .

شرعنة المرحلة التأسيسية بمؤتمر سلام محضور من شعب السودان الذي نصر جيشه الوطني التحاما معه في ميدان القتال و صوتا قويا في وجه أبواق العمالة امر في غاية الأهمية للاتفاق علي اجندة وطنية واضحة لإعادة بناء مؤسسات الدولة و رتق عري المجتمع.

ازالة آثار الحرب و اعادة بناء الدولة يحتاج لنظام سياسي متراضي عليه ، شرعيته مستمدة من إرادة الشعب يوجه بوصلته دستور انتقالي يسري علي المؤسسات و الأفراد لذا يكون مؤتمر سلام السودان فريضة وطنية واجبة النفاذ للاتفاق علي موجبات شرعنة النظام السياسي التأسيسي و هي :

1/ البناء الدستوري :

أ.الدستوري الانتقالي:

هبة شعب السودان عن بكرة أبيه مناصرة للقوات المسلحة ضد العدوان و التمرد جبت شرعية الوثيقة الدستورية و تفضلية حركات الكفاح المسلح إذ صار كل الشعب ارتالا للكفاح المسلح و أعطت تفويضا واسعا للقوات المسلحة و بالتالي إجراء تعديلات علي الوثيقة الدستورية بمعزل عن ممثلي هذا الشعب الكريم لن يعطي مسوغا دستوريا حقيقا لمؤسسات المرحلة التأسيسية يدحض ترهات أبواق العمالة التي تقدح في شرعية الدولة و مؤسساتها.

المرحلة التأسيسية طويلة الأجل تحتاج ارضية دستورية صلبة مقنعة ،لذا الأوفق معالجة قضية تعديلات الوثيقة باجماع وطني و ربما التوافق علي دستور مستوحاة من دساتير السودان الانتقالية يجيزه مؤتمر سلام السودان .

ب. المجلس التشريعي :

النظام البرلماني لا يتكمل هياكله
و لا يستقيم امره و لا تصح قراراته إلا بجهاز تشريعي مناط به اجازة الدستور ،تعديله، سن القوانين ،اجازةُ خطط الحكومة،اجازة تقارير اداء الوزارات ،اختيار شاغلي المواقع السيادية ،اختيار رئيس الوزراء و ممارسة الدور الرقابي علي اداء الجهاز التنفيذي.

كانت علة المرحلة الانتقالية التي طالت و فشلت غياب مجلس تشريعي معبر عن إرادة شعب السودان و بالتالي لابد من منح الشعب الذي كان عدة و عتاد الجيش في معركة الكرامةً حقه كاملا في الشراكة السياسية و الرقابةُ علي مؤسسات المرحلةُ التأسيسية بالتوافق علي مجلس تشريعي ممثل لكل قطاعات الشعب يتمتع بالصلاحيات و السلطات الممنوحة للمجالس النيابية في النظم البرلمانية.

2/الاصلاحُ المؤسسي :

دون اصلاح مؤسسي راسخ متين لن تتعافي اجهزة الدولة السودانية من آثار هذة الحرب المدمرة لذا لابد من إنهاء ثقافة محاصصة وظائف الدولة بإرساء قواعد الأهلية المهنية التي تساوي بين المواطنين التزاما صارما بمعايير الخدمة العامة و الانتقال الي دولةُ المؤسسات القائمة علي الكفاءة،الفعالية،النزاهة،
الاحترافية،الاستقلالية،التنافسية ،
الشفافية و الاستجابة.

البناء المؤسسي يقتضي ايضاً اعادة هيكلة اجهزة الدولةُ، مراجعة المهام و الاختصاصات ،مراجعة قانون الخدمة المدنية ،إنهاء تخصيص نسب لولايات دون اخري و التدقيق في اختيار شاغلي الوظائف الحكومية في المركز و الولايات علي أساس المتطلب العلمي و المعرفي لرفد الدولةُ بافضل الكفاءات والخبرات ممن مازجوا العلم بالخبرة العملية دون تصنيف و إقصاء.

العدالة الانتقالية :

دولة ما بعد الحرب يجب ان تكون قادرة علي الاستجابة لمتطلبات إنهاء جميع أشكال العنف السياسي و إعلاء ثقافة الحوار و التعايش بين كل مكونات شعب السودان و أولي مؤشرات كبح جماح العنف تبدأ بتفعيل العدالة الانتقالية

لإظهار مدي جدية الدولةُ في تعزيز العدالةً الانتقالية مطلوب من مؤتمر سلامُ السودان تفويض لجنة قانونية بسلطات و صلاحيات واسعة برئاسة خبير قانوني ذو مصداقية عالية لتقصي حقيقة هذة الحرب المدمرة لمعرفة مشعليها و محاكمة مجرميها و رد الاعتبار المعنوي و العدلي والإنساني لضحايا الحروب،تمكينهم من حياة آمنة كريمة، و تحقيق عدالة ناجزة منصفة .

العدالة الناجزة تحقق بمحاكمة مجرمي الحرب و ردع كل مهدد للسلم الأهلي و من ثم العمل علي تجفيف الصراعات بخلق بيئة حاضنة للسلام من تراضي مجتمعي, مرافق خدمية ،وسائل ترفيه ، مؤسسات تعليم ،مدخلات انتاج وأجهزة أمنية و عدلية ترسخ سلطة دولة القانون و العدالة في العمق المجتمعي .

فقيري حمد

مقالات ذات صلة