عمران من أرض السودان: ممنوع المشاهدة (بلا مناديل)

وُفّق الصحفي المميز والمتميّز سوار الذهب علي محمد أيما توفيق في فكرة برنامج (المشاهدة العالية) الذي يبث على حالياً على قناة قطر الأولى وبعض القنوات السودانية (عمران من أرض السودان) وقد أبدع في رسم الصورة الحقيقية لمأساة حرب مليشيا الدعم الصريع..
فالكاميرا لا تكذب (ولا تتجمل) فهي تنقل الصور حية تتنفس وتتألق فتأخذ بالقلوب قبل الألباب وفي الحالة السودانية تنقل الصور دونما (تزويق) وجعاً وألماً ومعاناة وحزناً وبؤساً وشقاء..
صدقٌ في الزمان وصدقٌ في المكان وصدق في الإنسان الذي يروي ما شهد وشاهد وكيف هي معايشته لهول المصاب وفقد الأحباب والارتحال عن الديار طلباً للنجاة وهرباً من الاحتراب والاغتصاب.. لا تملك نفسك وأنت ترى وتسمع الحكايا والروايات والألم وتفاصيل المآسي الصغيرة إلا أن تبحث عن منديل يعينك على استقبال (دموعك) وقد انهمرت فلا تكاد تخفيها..
لقد أرسل البرنامج للعالم الذي يري من خلال البيانات الرسمية المكتوبة أحياناً (والمكذوبة) في كثير من الأحيان واقع الحال السوداني رسالةً تحمل رؤية مغايرة ورواية صادقة وصادمة في ذات الآن
تجسّد عظمة هذا الإنسان السوداني الذي يحتمل كل هذا الذي حدث ويحدث لا يزال لسانه رطباً بذكر الله أن (الحمد لله).. يتجمل بالصبر ويخفي الدموع ويعايش الألم ويسكنه الحزن ويحيّم ويكتم النحيب غصّةً في القلوب قبل الحلوق..
سلمت أخي أستاذ سوار الذهب ولكن دعني أهمس في أذنك أن كثيراً من السودانيين لن يشاهدوا هذه الرؤية الصادقة المؤلمة لواقعهم لأنهم بلا كهرباء بفعل المليشيا المجرمة وداعميها وبالتالي دون انترنت وربما سيشاهدونها بعد نهاية الحرب وهذه حكاية أخرى تضاف لحكايا الحرب فهي كثيرة وأكثر (ألف ليلة وليلية)
فهي ملايين الليالي بعدد من شاهدوا أهوال الحرب.. لا أدري هل ستفرغ شهرزاد السودانية قبل أن يدركها الصباح لتصمت عن الكلام المباح؟
لواء ركن أسامة محمد أحمد