مشهد جديد عبدالسميع العمراني من انت ياحسين جودات….. فمن أي زمان اتيت

للحديث عن هذا الفارس الجحجاح لواء ركن حسين جودات احد أبرز أبطال معارك الكرامة التي تكتب تاريخا جديدا للسودان ، علنا نود العودة الي عنوان المقال (من انت… ياحسين جودات ) ، وهذه العبارة (من انت يا…) هي جملة شهيرة سبقنا إليها للإعجاب بموقف مشرف في زمان مضي ، سبقنا إليها مدير عام الشرطة الأسبق عمر البكري ابوحراز وقد كان وقتها يشيد بضابط شرطة صغير كان قد خالف قادته في مطار الخرطوم لنصرة مواطن سوداني وختم علي جواز سفره وسمح له بالمغادرة في طائرة لندن لان التأخير يعني ضياع فرصته في التحضير بلندن ، وكان ذلك الضابط يعلم مألات مخالفته لقادته ضباط شرطة المطار الذين رفضوا توسلات المواطن السوداني للحاق برحلة لندن ، فكان ان بادر الضابط الصغير وختم جواز الطبيب وقال له انت سافر الحق مستقبلك وانا ساواجه اي عقوبة تقع عليا ، وتعرض بعدها الضابط لتوبيخ عنيف من قادته وتم رفع شكوى عاجلة عنه لمدير هيئة الجوازات والهجرة اللواء وقتها عمر البكري ابوحراز بدعوي ان الضابط الصغير قد سمح للطبيب السوداني بالسفر دون أن يكون له ختم تأشيرة الخروج الذي كان يتم في إدارة التأشيرة بشارع النيل ، فجاء تعليق البكري ابوحراز مخالفا لتوقعات مدير جوازات المطار ونائبه ، إذ اشاد بالضابط وحفزه ونقل المدير ونائبه فورا من مطار الخرطوم ، وكتب تعليقه الذي بقي مخلدا في سجلات الشرطة السودانية (من انت ياحلم الصباء ، هل انت يا أمل الشباب) ، مقتبسا التعليق الجميل الظريف من رائعة سيد خليفة .
لم أجد في معاجم لغة الضاد عنوانا أجمل من تلك العبارة الخالدة لاستخدمها اعجابا بهذا البطل المغوار والفارس لواء ركن حسين جودات ، نعم من انت ياجودات ومن أي زمان اتيت ، فأنت أصبحت ملهما لشباب السودان إذ سطرت اروع الأمثلة فيالشجاعة و التضحية والتفاني و الاخلاص للوطن العزيز السودان ، جودات وتعني في اللغة المطر الغزير ، وقد كان حسين جودات اسما علي مسمي إذ فاض حبا وخيرا وشجاعة وبسالة ، بل تدفق ينبوعا من القيم التي تحكي عن معاني الدفاع عن كرامة هذا الشعب ، جودات فارس من الماضي فقد كان وصحبه الكرام من أبطال معارك الكرامة التي اعادت للمواطن السوداني عزته و كرامته بعد أن عاني من ويلات وشرور مليشيا الجنجويد التي لم تدع منكرا وفعلا قبيحا في قاموس الإنسانية الا وارتكبته ، كان جودات وصحبه اسودا تزأر وخيولا تصول وتجول من أجل أن يبقي السودان وطنا عزيزا شامخا ، جودات وصحبه ينتمون الي سودان الماظ وعلي عبداللطيف ودقنة ، فقد خاضوا اللهيب وشتتوا كتل المرتزقة و الغزاة الباغية ، لواء ركن حسين جودات قائد ثاني الفرقة 16 نيالا كان قد تسلم مهام الفرقة في ظروف بالغة التعقيد بعد استشهاد (حافر قبره بيديه الطاهرتين) البطل الشهيد لواء ركن ياسر تاي الله ، والذي نالته ايادي الغدر والخيانة داخل الفرقة ، فكان ان تسلم الراية عميد ركن وقتها حسين جودات ، صمد صمود الجبال وقد كان نعم الخلف لخير سلف ، استبسل مع قواته فقاوموا العدو المدعوم من دول الشر ، قاتل جودات متقدما جنوده حتي اخر نفس مدافعا عن مقر الفرقة 16 في نيالا ، وبعد نفاد الذخيرة ، كان ذلك الانسحاب الاسطوري والذي ربما يتم تدريسه في المراكز والكليات العسكرية بافريقيا والعالم ، بعد أن تعافي ظن الجميع أن جودات يستحق استراحة محارب ليبقي بعيدا ضجيج وصخب مدافع معارك الكرامة ، ولكن هيهات…. ياله من رجل وفارس جاء من زمن الفوارس ، إذ عاد
جودات الي سنار في نوفمبر 2024 م ومنها تسلم قيادة متحرك الصياد ، هذا المتحرك الذي سطر أبطاله اروع البطولات فطاردوا العدو من تخوم النيل الأبيض حتى تم الدخول لابواب عاصمة كردفان الغرة ام خيرا برة عروس الرمال أرض شيكان موطن الابطال العزيزة الابيض ، وجودات وابطال الصياد لايريدون التوقف ابدا عند محطة الأبيض ، فمازالوا يطاردون مليشيات النهب واللصوصية الأرتزاق اوباش الدعم السريع المقبور ، وربما أبطال الصياد يريدون الوصول الي حيث غادروا من قبر الشهيد ياسر تاي الله وليس ذلك ببعيد بإذن الله تعالى ، فحين يكون الله معك لن تثنيك العقبات والعاب عن بلوغ أهدافك ، انه التوكل علي الله .
لعل العديد من الأقلام الرائعة كانت قد تناولت السيرة العطرة لهذا البطل السوداني حسين جودات ، إذ سبقني المخضرم عبدالماجد عبدالحميد ودكتور ياسر الفادني والبرلماني الأنيق احمد وداعة شهدو والمدون الشهير ودالمصطفي ومازالت الأقلام تكتب لان الملحمة مستمرة ومازال جودات وصحبه يكتبون التاريخ كل يوم وكل ساعة ، نعم فجودات هو فاسيلي السودان بل نقول النسخة العصرية ان شاء الله من ضرار بن الازور الذي ادخل الرعب في قلوب الفرس في القادسية ، وجودات حتما احد الملهمين لشباب السودان، وبمثلما درسنا في المنهج عن أبطال لنا سطروا روايات عن الشجاعة و البطولات والفداء والتضحيات دفاعا عن التراب السوداني مثل الزاكي طمل وحمدان ابوعنجة والنجومي وعثمان دقنة ، فحق علي جودات وصحبه من أبطال الكرامة ان يجدوا موضعا في مناهجنا لتعرف الأجيال القادمة عنهم ولتتعلم منهم معاني وقيم الدفاع عن الدين و الوطن ٍ….

مقالات ذات صلة