خبر وتحليل -عمار العركي : شكراً مصر..في الميدان شعبياً و الهلال يواجه الأهلي رياضياً

▪️في ظل المشهد الذي يعكس قوة التلاحم بين الشعبين السوداني والمصري، تأتي فعاليات شكراً مصر، شكراً السيسي التي تنظمها رابطة الشعوب بالتعاون مع السفارة المصرية، كمحاولة تعبيرية عن الامتنان والعرفان لما قدمته مصر حكومة وشعباً للسودان في هذه المرحلة الدقيقة. ومع ذلك، فإن طبيعة العلاقة بين البلدين تتجاوز بكثير حدود الفعاليات الرمزية والتقليدية، إذ إنها تمتد بجذورها في عمق التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك، إلى درجة تجعل التعبير عنها مسألة عصية على الأطر النمطية المعتادة.
▪️العلاقة بين مصر والسودان ليست مجرد تحالف استراتيجي أو دعم سياسي في أوقات الأزمات، بل هي نسيج حي يجمع بين شعب واحد في دولتين، في نموذج فريد من التداخل الاجتماعي والثقافي والاقتصادي. لذا، فإن أي محاولة لوضع هذه العلاقة في قالب شكلي قد لا تفي بحقها، لأنها تتجاوز مجرد عبارات الشكر أو مظاهر الامتنان التقليدية. إنها علاقة وادي النيل، ذلك الامتداد الطبيعي الذي يصعب قياسه بمعايير السياسة والمصالح العابرة، بل يتجذر في عمق التاريخ المشترك.
▪️تزامن هذه الفعاليات مع قرعة ربع نهائي دوري الأندية الابطال في كرة القدم .والتي جمعت الهلال السوداني والأهلي المصري، يعيد إلى الأذهان بعض المحطات المفصلية في اختبار العلاقة بين البلدين، لا سيما اللقاء السابق بين الفريقين وما رافقه من جدل، إلى جانب المباراة الفاصلة بين مصر والجزائر التي استضافتها الخرطوم وما أحدثته من إمتحان للعلاقات الثنائية. كل هذه المحطات أظهرت أن هذه العلاقة قد تواجه بعض التحديات العابرة، لكنها في جوهرها تظل ثابتة وعصية على الانكسار، لأن ما يربط البلدين أعمق من أي خلاف رياضي أو إعلامي.
▪️إن خصوصية وعمق العلاقة المصرية-السودانية تتطلب مقاربة مختلفة في التعبير عنها، مقاربة تخرج بها من الأطر التقليدية إلى فضاءات أكثر إبداعاً وتأثيراً، تواكب حجم التضحيات والمواقف المتبادلة بين الشعبين. من هنا، فإن تبني آلية مؤسسية لتنظيم العلاقات الشعبية يمكن أن يسهم في تحقيق تكامل أعمق بين البلدين، وضمان استدامة العلاقات بعيداً عن العشوائية أو المبادرات غير المدروسة.
▪️الجهود المبذولة لتعزيز العلاقة يجب أن تتجاوز العبارات الرمزية إلى خطط تنفيذية واضحة، تضع أسساً متينة للتعاون الشعبي بين البلدين في مجالات الإعلام، الثقافة، الاقتصاد، والتعليم. إنشاء كيان مستقل يتولى تنسيق هذه الجهود، تحت إشراف وزارة الخارجية، من شأنه أن يحقق توازناً ضرورياً يحفظ المصالح المشتركة ويمنع استغلال العلاقة لأغراض فردية أو سياسية..

*خلاصة القول ومنتهاه:*

▪️إن الوقفة المصرية الحالية إلى جانب السودان ليست مجرد موقف عابر، بل هي امتداد طبيعي لمسيرة طويلة من الأخوة والمساندة المتبادلة، وهو ما يجعل من الضروري البحث عن آليات تعبير جديدة توازي هذا العمق، وتكرس واقعاً أكثر متانة بين الشعبين الشقيقين، لأن ما يجمعهما ليس فقط الجغرافيا أو التاريخ، بل هو وحدة مصير ومبدأ مشترك، لا تهزه العواصف ولا تغيره المتغيرات.
▪️ولتفعيل هذه الآلية، يُقترح إنشاء “المجلس السوداني المصري للعلاقات الشعبية” ليكون كياناً مستقلاً في إطار دبلوماسي شعبي يعمل على وضع وتنفيذ برامج تعزز الروابط الشعبية بين البلدين. ينبغي أن يضم هذا المجلس ممثلين عن مختلف القطاعات ذات الصلة، مثل الإعلام، الثقافة، الرياضة، الاقتصاد، والتعليم، على أن يكون تحت إشراف وزارة الخارجية لضمان توافق برامجه مع توجهات استراتيجية.العلاقة مع مصر ،. يهدف هذا المجلس إلى تحويل المبادرات والاجتهادات إلى خطط ممنهجة ذات تأثير ملموس، بما يسهم في بناء نموذج مستدام للتكامل بين شعب وادي النيل.

مقالات ذات صلة