خبر و تحليل – عمـار العركـي :الاتحاد الإفريقي والسودان : محطات التجميد و الاستهداف و المراجعة المتأخرة

___________________________
* تزامناً مع مؤشرات الحسم العسكري الذي فرضه الحيش والشعب تخيباً لكل القناعات والنظريات ، رشح في الاعلام خبر بأن الاتحاد الإفريقي يخطط لعقد جلسة إستثنائية خاصة بالسودان ، وغالباً ما يتم فيها فك تجميد عضوية السُودان عقب تجميدها إبان الإجراءات الإصلاحية في 25 اكتوبر 2021م في مواجهة انقلابيي ابريل 2025م
* لم يكن قرار الاتحاد الإفريقي بتجميد عضوية السودان في 2021 إلا خطوة أخرى في سلسلة طويلة من ممارسات التسييس والارتهان للضغوط الخارجية، حيث تحول الاتحاد إلى أداة لتنفيذ أجندات إقليمية ودولية على حساب سيادة الدول الأعضاء. ومع مرور أكثر من ثلاث سنوات على القرار، يجد الاتحاد الإفريقي نفسه اليوم مضطراً لإعادة النظر في موقفه، ليس من باب الإنصاف أو الالتزام بلوائح الاتحاد، بل بفعل الواقع الذي فرضه السودان بصموده وإفشاله للمخططات الخارجية، لذلك بالضرورة الإنتباه.والحذر والتعامل مع قرار فك التجميد كسلاح ذو حدين .

*_خلفية العلاقة بين السودان والاتحاد الإفريقي_*

* يُعد السودان من الأعضاء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية (التي تحولت لاحقاً إلى الاتحاد الإفريقي عام 2002)، وكان له دور بارز في دعم قضايا القارة الإفريقية، إلا أن علاقة السودان بالاتحاد شهدت اضطراباً متزايداً، خاصة مع تصاعد النفوذ الإثيوبي والإماراتي داخل المؤسسة القارية.
* خلال السنوات الماضية، برز الاتحاد الإفريقي كأداة للتدخلات الخارجية، حيث تم استخدامه للضغط على السودان في أكثر من محطة، بدءاً من انقلاب 2019 وما تبعه من قرارات منحازة ضد الخرطوم، وصولاً إلى تجميد العضوية عقب قرارات 25 أكتوبر 2021، والتي وصفها السودان بأنها إجراءات تصحيحية وليست انقلاباً.

*_موسى فكي – مفوض الإنتهاك الإفريقي_*

* منذ تولي التشادي موسى فكي رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي في 2017، اتضح جلياً أن المفوضية لم تعد مؤسسة محايدة، بل باتت تنفذ أجندات داعميه، وعلى رأسهم الإمارات وإثيوبيا. وقد بدا هذا واضحاً في تشكيل الآليات والوساطات الخاصة بالسودان، حيث استُخدمت كغطاء للتدخل في الشؤون السودانية وفقاً لإملاءات الخارج.
* تشكيل اللجنة الإفريقية رفيعة المستوى بعد 24 ساعة فقط من انسحاب السودان من الإيقاد، في محاولة لفرض أجندة الإمارات عبر شخصيات إفريقية موالية.
* تجاهل تام لشرط السودان الأساسي برفع التجميد قبل الدخول في أي وساطات أو نقاشات سياسية.
* زيارة اللجنة للسودان لم تكن إلا محاولة متأخرة لتقديم تنازلات شكلية للحفاظ على النفوذ الإفريقي في الملف السوداني.

*_تواطؤ الاتحاد الإفريقي مع التدخلات الخارجية_*

* لم يكن الموقف الإفريقي من السودان معزولاً عن تأثيرات خارجية، فقد ظهر بوضوح أن قرارات الاتحاد الإفريقي مرتبطة بمواقف دول إقليمية نافذة، أبرزها:
* *الإمارات* : لعبت أبوظبي دوراً محورياً في توجيه قرارات الاتحاد الإفريقي، حيث استُخدمت المفوضية كأداة لخدمة مصالحها، سواء عبر تمويل الأنشطة أو التأثير على شخصيات مثل موسى فكي ، ومبعوث الاتحاد للسودان.المغربي محمد بلعيش ومدير ديوان المفوضية ولد لباد والقائمة تطول من كبار موظفي الإتحاد الإفريقي .
* *إثيوبيا* : استفادت أديس أبابا من سيطرتها على الاتحاد الإفريقي لتوظيفه كذراع سياسي، وهو ما انعكس في الانحياز المستمر للموقف الإثيوبي ضد السودان، سواء في ملف سد النهضة أو أزمة الحدود.
* *الإيقاد* : رغم انسحاب السودان، استمرت المنظمة في فرض تدخلاتها، وكان آخرها تعيين مبعوث خاص للسودان دون استشارة الخرطوم، في خطوة أخرى لاستهداف السيادة السودانية.

*_مراجعة الاتحاد الإفريقي لموقفه: تصحيح أم مناورة؟_*

* بعد أكثر من ثلاث سنوات من التجميد الظالم، يضطر الإتحاد الإفريقي اليوم لمراجعة موقفه، ليس اعترافاً بخطأ قراره، بل نتيجة لمتغيرات فرضها السودان على الأرض:
* نجاح السودان في الصمود أمام الضغوط الخارجية وإفشال المخطط الإقليمي والدولي الذي كان يسعى لفرض واقع سياسي يخدم أجندات معينة.
* التحولات العسكرية التي فرضت معادلة جديدة، أبرزها تراجع نفوذ المتمردين وفشل مشروع السيطرة على السودان عبر التدخلات الخارجية.
* إنسحاب السودان من الإيقاد ورفضه التفاوض مع أي جهة لا تحترم سيادته، مما دفع الاتحاد الإفريقي إلى إعادة تقييم موقفه للحفاظ على دوره في الملف السوداني.

*_خلاصـة القول ومنتهـاه_*

* ما يتعرض له السودان من مواقف متحيزة من الاتحاد الإفريقي ليس حالة منفردة، بل هو جزء من نمط أوسع يشمل دولاً إفريقية أخرى، كالصومال الذي تعرض لانتهاك سيادته من قبل إثيوبيا دون أن يحرك الاتحاد الإفريقي ساكناً.
* اليوم، مع اقتراب الاتحاد الإفريقي من مراجعة قرار تجميد السودان، يبقى السؤال: هل هي مراجعة حقيقية لموقفه أم مجرد مناورة للحفاظ على نفوذه في ملف السودان؟ وما الضمانات بأن الاتحاد الإفريقي لن يعيد تكرار سلوكياته المنحازة مستقبلاً؟
* في نهاية المطاف، يبقى السودان مُطالباً بالحفاظ على موقفه الصارم تجاه أي محاولة لفرض إملاءات خارجية، مع التأكيد على أن أي علاقة مستقبلية مع الاتحاد الإفريقي يجب أن تكون مبنية على الاحترام المتبادل، لا على الإملاءات والضغوط.

مقالات ذات صلة