خبر و تحليل -عمار العركي : بيان الخارجية السودانية رداً على مواقف جوبا: الدلالات والتوقعات
* جاء بيان وزارة الخارجية السودانية الأخير ليحسم الجدل المتصاعد حول موقف حكومة جنوب السودان من الحرب ، في خطوة وُصفت بأنها ضرورية لردع التجاوزات المتكررة من جوبا ، البيان، الذي تضمّن اتهامات مباشرة لحكومة جنوب السودان بدعم المليشيا المتمردة وتسهيلاتها اللوجستية، أثار تساؤلات حول أبعاده ودلالاته، وكذلك تأثيره المحتمل على العلاقات المتوترة بين البلدين
* البيان أشار إلى وثائق وأدلة تثبت تورط جوبا في دعم المليشيا المتمردة عبر السماح بتجنيد المرتزقة، وعلاج الجرحى في مستشفياتها، وهو ما وصفته الخارجية السودانية بأنه خرق للقوانين والأعراف الدولية، وخرق مباشر لاتفاقيات فيينا. كما أشار إلى الاعتداءات الانتقامية على المواطنين السودانيين في جوبا، والتي شملت حتى السفارة السودانية.
*_تحليـــــــل الموقـــــــف :_*
* لم يكن البيان تصعيدياً مفاجئاً بالنظر إلى تراكمات سياسية وأمنية طويلة الأمد ، فحكومة جنوب السودان، التي تعاني من هشاشة داخلية على المستويين الأمني والسياسي، تجد نفسها في وضع يمكّنها من استغلال أي مساحة لتحقيق مكاسب إقليمية، خاصة في ظل التحديات التي يواجهها السودان داخلياً. لكن الواقع يشير إلى أن هذا البيان لهو ردّ طبيعي على مواقف وتصريحات جنوبية تطلبت موقفاً رسمياً واضحاً.
*_جــــــــذور الأزمــــــــــة :_*
* يمكن القول إن الوضع الراهن هو نتاج طبيعي لتراكمات سياسية سودانية سابقة، فحكومة السلطة الإنتقالية برئاسة “عبد الله حمدوك”عمدت إلى تعطيل دفة التأثير السوداني الفعّال في جنوب السودان، رغم أن السودان كان الراعي الرئيسي لاتفاق السلام المنشط والمساهم في عودة الاستقرار بعد حرب أهلية طاحنة، تلك السياسات اعتبرت أن التأثير السوداني في جنوب السودان من بقايا نظام البشير العسكري، وارتأت تحويل هذه المهام إلى المدنيين، بغض النظر عن المصلحة العامة التي كان يمكن أن تتحقق.
* هذا التوجه السياسي ساهم في إضعاف دور السودان في جنوب السودان، وتحويل التأثير والفاعلية لصالح أطماع وتدخلات خارجية باتت تتحكم في الأوضاع في جنوب السودان وعلاقته بالسودان.
*_سيناريوهات الرد الجنوبي_ :*
*_سـينـاريـــو التــهـدئـــــة_ :*
* قد تسعى حكومة جنوب السودان إلى احتواء الموقف عبر مبادرات دبلوماسية أو تقديم وعود بوقف دعم المتمردين، خاصة إذا رأت أن التصعيد سيضر بمصالحها الإقليمية.
*_سينـــاريــو التصعيـــد :_*
* في حال استمرت جنوب السودان في دعم المليشيا بشكل معلن وصريح، فقد نشهد تصعيداً في اللهجة السودانية وربما خطوات دبلوماسية أكثر حدة.
*_سناريــو تــوازن القــوى :_*
* قد تسعى جوبا للعب على عامل التوازنات الإقليمية والدولية، معتمدة على دعم أطراف خارجية، مما يجعل التصعيد مرجحاً ولكن غير مباشر.
*_الخيـــارات السُودانيـــة_ :*
* إذا قررت جنوب السودان المضي في التصعيد، فإن الخيارات السودانية يجب أن تكون استباقية، على نحو يشمل:
*تفعيل الدور الإقليمي* :
* تعزيز التنسيق مع دول الجوار للضغط على جوبا لوقف دعم المليشيا.
*_التحــرك دبلـومـاسيـاً_*:
* نقل القضية إلى المنابر الدولية لكشف التجاوزات الجنوبية وحشد الدعم لموقف السودان.
*إجــــراءات عمليـــــــة:*
* فرض رقابة أمنية صارمة على الحدود وقطع أي خطوط إمداد محتملة.
*خلاصــة القـول ومنتهـاه :*
* بيان وزارة الخارجية السودانية جاء في وقته، ليس فقط للرد على التجاوزات الجنوبية، بل لإعادة ضبط العلاقة مع حكومة جوبا التي إستغلت التراخي السوداني في مراحل سابقة ، مُستقبل العلاقة بين البلدين يعتمد إلى حد كبير على كيفية إدارة هذه الأزمة، سواء بالتهدئة أو التصعيد.