ضُــــل الضحي راشــد فيصل الطريفي : حتحت فينا غناهو الطاعم … وفات قنعان من خيراً فيها …!!

حتحت فينا غناهو الطاعم … وفات قنعان
لم يكن لمحمود مجرد صوت ذهبي فقط ، بل كان قادراً على جعل كل من يستمع له شريكاً في الإحساس الجميل الذي يُعطي المستمع عصباً وروحاً ، ولعل دراسته الــ(عصامية) في معهد الموسيقي والدراما قد أَعدته لهذه القدرة الخاصة في إستبطان المشاعر.

مضي وإنقطع صوته عندما أبحر في الإبداع ، وملأ دنيتنا جمالاً وفناً راقياً وشغل الجميع بموهبته الفذة وصوته الرخيم وحنجرته الندية ، وشكل مدرسة فنية آسرت قلوب الملايين من أبناء الوطن الغالي الذين تعصبوا له إلى درجة العشق الأبدي.

وفي مشهد غير غريب علي (الحواته) وغير مسبوق ، يتدافع عشاق ومحبي الفنـان الراحل محمود عبدالعزيز (الحواته ) كمغنطيس جاذب لإحياء ذكراه سنوياً بحشود كبيره ونوعيه بطبيعة حال جمهور الأسطوره ، ذلك الفتي النحيل الذي حمل في ذاته المضيئه بالإنسانيه كلما هو ممكن لخريطة الفن والجمال ، مؤكدين شعار (لن ننساك يامحمود).

و …رحل محمود في يناير من العام 2013 ، وكان صوته الجوهري العريض محمول على لغة سليمة متدفقة ، وإيقاعاته تتموج بين براءة الوردة وزأرة الشلال ، وظل محتفظاً بجماهيريته الواسعه من كل فئات المجتمع السوداني وبعض المجتمعات الأخري ، رحل وهو يلوح بإشارته المعروفه لجماهيره حاثهم بأن (يبقوا الصمود) أمام كل المواقف.

ذهب الأسطوره وظل باقياً في قلوب محبيه وعاشقي فنه ، محمود عدي حدود الإنسانيه بطيبة قلبه ووده الدافق وكرمه الفياض ومحبته للآخرين التي أنهكت جسده وشكلت وجدانه وفطرته السليمه المبرأه من جنون العظمه ، يبكيه عشرات الألاف سنوياً وتنهمر الدموع من مآقي ثلاث أرباع الشعب السوداني.

نعلم أن ظاهرة الحواته لا مثيل لها في العالم ، فهي تضم الآلاف من الشباب السودانيين ، لم يجتمعوا حول فكر سياسي ، إنما حول فنان موهوب مهموم بالقضايا الإجتماعيه ، قيمته الأساسية حبه ووفاؤه لعامة الناس وفقرائهم وبسطائهم ، ولم يكن يمارس التعالي الذي يمارسه عادة الفنانون المتعالون حين ينعزلون عن الناس، وتصبح لهم طريقتهم في اللباس والتصرف والسلوك الاجتماعي، بوصفهم طبقة فوق الناس ، لهذا وندائي لكل حواتي أصيل لم يشكك في ولاؤه للحوت أن يجعل في يوم ذاكره يوماً مميزاً بترديد أغانيه بصوره تجعل الحواته صفوة السودان والوطن العربي بعيداً عن الأجنده التي تخدم المنتفعين وتفرق الحواته.

رحل الغمام ، رحل الأسطوره ، رحل(محمود) ومازالت في الحلق غُصه وفي العين دمعة لا تريد النزول مطلقاً وتتفتح الجراحات.
*حتحت فينــا غناهــو الطاعم … وفـات قنعان من خيراً فيها.*
رحم الله محمود ، وعلي مثله فليبك الرجال.

*آخـــر الضُل*
ومعكم نغني :لهجيرنا وحاتك كنت الغيم الديمه سحايبو بتطرانا … ومرات بالنسمه الرواحه .. مرات بترش فينا حنانا …لعذابنا كمان كنت البسمه ولي مشاعرنا كنت أمانه.
وحتي جديد الملتقي .. كونوا بخير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

راشــد فيصل الطريفي
rashid.255@hotmail.com

أثير نيوز: الاربعاء17/يناير2025

مقالات ذات صلة