خبر و تحليل – عمار العركي : تفكيك قنبلة الكنابي: كيف ُتواجه الحكومة خطاب الفتنة والتقسيم ؟

* قنبلة “الكنابي” المؤقتة التي فككناها وحللناها في مقال تحليلي سابق لسقوط مدني بعنوان ( مدني خلوها …اقرعوا كنابي المناقل)، وقلنا نصاً أن الكنابي بموضعها حينئذ تمثل ( قنبلة مؤقتة في يد المليشيا سلاحاً إحتياطياً وجزءاً من استراتيجية سياسية وإعلامية ستستخدمها المليشيا مستقبلاً) وها هي مليشيا الدعم السريع وجناحها السياسي تشرع في نشيط قنبلة الكنابي وخطة استثمار الأحداث الداخلية لتعويض فشلها العسكري والسياسي.

*_أبعاد المخطط الإعلامي للمليشيا وجناحها السياسي_*

* ضُعف آلية الترويج لسيناريو “الكنابي” مقارنة بالسيناريوهات السابقة. ، فلم تأتِ حملة الترويج لحادثة “الكنابي” بنفس الكثافة التي شهدتها حملات المليشيا السابقة قبل فشلها العسكري والسياسي و الدبلوماسي الأخير ، نجحت الحكومة في تحقيق انتصارات ميدانية ودبلوماسية واضحة، مما حدّ من قدرة المليشيا على السيطرة على المشهد الإعلامي كما في السابق*.
* كما أن الإدانات الدولية والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة ، وإدانة المليشيا وقائدها بارتكاب جرائم إبادة جماعية، مما أدى إلى انحسار الدعم الإعلامي الدولي الذي كانت تعتمد عليه.
* فقدان المصداقية الإعلامية وانكشاف روايات المليشيا الإعلامية وعدم قدرتها على التأثير إلا على الجهات المتواطئة أو المتعاونة معها.
* الاعتماد على أدوات إعلامية ضعيفة مثل “مؤتمر الكنابي ، اقلام وأصوات غير مقنعة “، لم يحظَ تناولهم بأثر واسع سوى من الإعلام المتواطيء والممول من المليشيا، أو من جهات إعلامية محلية تفتقر للوعي بطبيعة المخطط.

*_مخاطر الركون إلى ضعف الآلة الإعلامية للمليشيا_*

* رغم إنحسار التأثير الإعلامي للمليشيا، إلا أن ذلك لا يعني الاسترخاء أو الركون إلى هذا الضعف، فالمليشيا تعتمد على استغلال الإعلام المحلي المتواطيء أو غير الواعي لتنفيذ مخططها، وذلك عبر إعادة تسويق المخططات الخارجية، حيث تعمل المليشيا بالتنسيق مع جهات استخبارية خارجية لوضع سيناريوهات اعلامية تهدف لاختراق المجتمع السوداني، وإعادة تسويقها داخلياً عبر وسائل إعلام محلية.
* الإعلام المتواطيء، سواء عن قصد أو عن غير وعي، يساهم في نشر هذه السيناريوهات وإعطائها طابعاً محلياً.

*_استراتيجية التحرك الرسمي والإعلامي. مواجهة الرواية الإعلامية للمليشيا_* :

* بالضرورة إطلاق حملات إعلامية واسعة ومضادة لكشف زيف ادعاءات المليشيا حول سيناريو “الكنابي” ، مع إبراز الحقائق وتقديمها للرأي العام المحلي والدولي.
* التركيز على دور القوات المسلحة السودانية كرمز للوحدة الوطنية، والتأكيد على تكوينها القومي.
* التصدي للإعلام المتواطيء بالإجراءات القانونية ، ومحاسبة المؤسسات الإعلامية والأفراد الذين يثبت توأطوهم مع المليشيا أو تسويقهم لمخططاتها.
* رفع وعي الإعلاميين والصحافيين
تجاه طبيعة المخططات وأدوات المليشيا في التضليل الإعلامي.
* فضح المخطط إعلامياًٍ
بنشر الحقائق الموثقة وتسليط الضوء على ارتباط المليشيا بجهات خارجية تسعى لتقويض استقرار السودان، مع تقديم هذه المعلومات عبر القنوات الدبلوماسية والإعلامية.

*_التنسيق الاستراتيجي المؤسسي_*

* بالرغم من تعافي مؤسسات الدولة وظهور حراك ونشاط ملموس على المستويين الإعلامي والدبلوماسي في مواجهة الأزمات الراهنة، إلا أن هذا النشاط يظل في أغلبه جهوداً فردية من كل مؤسسة على حدة. تفتقر هذه الجهود إلى وجود خطة استراتيجية متكاملة ومشتركة تجمع كل المؤسسات المعنية، مما يحد من قدرتها على تحقيق تأثير أكبر في مواجهة التحديات المتزايدة.
* غياب التنسيق بين المؤسسات يؤدي إلى تكرار وبعثرة الجهود، وضياع الفرص لتعظيم النتائج، ويتيح للخصوم مساحة لاستغلال الثغرات. لذلك، فإن بناء آلية استراتيجية مشتركة تشمل جميع الأطراف ذات الصلة يعدّ ضرورة ملحة لضمان استجابة فعّالة ومنسقة تعزز استقرار السودان وتماسكه في مواجهة الأزمات الداخلية والخارجية.

*_خلاصة القول ومنتهاه_ :*

* “الكنابي” جزء من مخطط أوسع يهدف لضرب استقرار السودان وتماسكه. ورغم ضعف الآلة الإعلامية للمليشيا، إلا أن تحرك الحكومة يجب أن يكون استباقياً وشاملاً. المطلوب هو تكثيف الجهود الإعلامية الرسمية لمواجهة خطاب الكراهية وكشف المخطط ، مع اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الإعلام المتواطيء أو غير الواعي، بما يضمن حماية السودان من محاولات التقسيم والفتنة.

مقالات ذات صلة