حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب :مدني.. عودة الروح..
من الحكمة أن تمنح الدولة الحدث قوة دفع كبيرة.. لا يجب أن تكون عودة مدني مجرد حدث عسكري فقط.. بل نقطة تحول كبرى داخليا وخارجيا بزخم الاحساس بأن دولة جديدة تتخلق من رحم الحـ؛رب.
في يوم سقوط مدينة مدني ديسمبر 2023 كتبت هنا “مدني نقطة تحول” .. وفعلا دخول قوات التمرد إلى عاصمة الجزيرة غير كثيرا من احداثيات الحـ؛رب خاصة بعد الانتشار الواسع للانتهاكات في قرى ومدن الجزيرة كافة بما لم يشهد العالم مثله.. اليوم والجيش يضيق الخناق وباتت مدني في حكم العائدة إلى حضن الوطن.. فهي أيضا نقطة تحول جديدة.
الآن عودة مدني تأكيد لإنحسار التمرد بسرعة و سقوط مشروعه السياسي بما في ذلك الحكومة التي يزمع اعلانها وشيكا.. ودفعة قوية للشعور العام لدى الشعب السوداني أن عودة الأمن لكامل البلاد بات مسألة وقت قصير و تجاوز مراحل خطر التقسيم وتهديد سيادة البلاد.
من الحكمة أن تمنح الدولة الحدث قوة دفع كبيرة.. لا يجب أن تكون عودة مدني مجرد حدث عسكري فقط.. بل نقطة تحول كبرى داخليا وخارجيا بزخم الاحساس بأن دولة جديدة تتخلق من رحم الحـ؛رب.
اقترح بمجرد دخول الجيش إلى مدني أن يوجه رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان خطابا من داخل المدينة إلى الأمة السودانية يعلن فيها ترتيبات دستورية لنقل البلاد إلى مرحلة جديدة، كالتالي:
أولا : اعلان لجنة قومية لاعتماد دستور 2005 بعد التعديلات المناسبة ليكون حاكما المرحلة الحاضرة والمقبلة للدولة السودانية، والتي يتحول فيها السودان إلى النظام الرئاسي كما ظل في معظم تاريخه المعاصر.
ثانيا : اطلاق حوار سوداني لا استثناء فيه لأحد.. لاختيار مجلس تشريعي بتمثيل قطاعي..
ثالثا: ترحيب بالشراكات الدولية في مشروعات بناء الدولة السودانية الحديثة.
مثل هذا الاعلان سيجعل من عودة مدني “خط صفر” جديد في تاريخ السودان تبدأ منه مرحلة جديدة تتخطى المسلمات القديمة وتستشرف دولة قوية معتدة بنفسها لن تنتظر الاغاثات ولا الصدقات حتى في مشروعات البناء بعد الحـ؛رب.
بالضرورة اختيار مدينة “مدني” لمثل هذا الاعلان له دلالات كثيرة.. تعويض معنوي لمواطني ولاية الجزيرة الذين دفعوا ثمنا باهظا منذ دخول التمرد إلى عاصمة ولايتهم.. و قد يكون مناسبا اعلان انتقال بعض مؤسسات الدولة من بورتسودان إلى مدني.. مهما كان عدد هذه المؤسسات قليلا لكن الخطوة لها رمزيتها داخليا وخارجيا..
في يدنا أن تصبح عودة مدني.. عودة الروح لكل السودان..
#حديث_المدينة السبت 11 يناير 2025