خبر و تحليل – عمار العركي : عودة عنان .. صورة فوتوغرافية لترميم صورة واقعية مهترئة
• عودة وزير الداخلية الأسبق، عنان حامد، ونشره صوراً تذكارية من لقاء اجتماعي مع قيادات الشرطة، يفتح الباب أمام تحليل أعمق لما وراء هذا السلوك وما يهدف إليه في هذا التوقيت الحرج. تساؤلات عديدة تُثار حول شرعنة وجوده، وحقيقة الاتهامات الموجهة إليه، ودور مدير الشرطة الحالي في تسهيل هذه الصورة المثيرة للجدل.
*_بحث عن شرعنة ينفي التسوية السياسية_ ؟*
• إن نشر الصور بعد تعهد عنان بعدم استخدامها، يعكس استغلالاً مدروساً للفرص. لكن الأهم هو السؤال: لماذا يلجأ عنان لهذا الأسلوب الملتوي إذا كانت هناك تسوية سياسية تضمن له الحصانة ؟ يظهر إسلوبه أنه لا يملك ضمانات كافية لحمايته قانونياً أو جزئياً فرضية وجود صفقة سياسية محكمة، ويضع احتمال أن عودته تمت ضمن ترتيبات غير مكتملة أو غير رسمية.
*_صورة نهاد : رسالة الشجاعة في مقابل رسالة الخداع_*
• في الوقت الذي يسعى فيه قائد الشرطة “عنان” لتجميل صورته عبر وسائل ملتوية، تبرز صورة شهيدة الشرطة والوطن المقدم / نهاد محجوب كرمزٍ للصمود والتضحية في سبيل الوطن. صورة نهاد، التي استشهدت في ميادين المعركة وهي تداوي الجرحى وتقاتل من الصفوف الأمامية، تمثل نقيضاً تاماً لما يظهره عنان.
• كانت نهاد تهتف في آخر كلماتها: “قدام ورا مافي”، وهي تقدم مثالاً حقيقياً للوفاء والشجاعة، بينما يظهر عنان في صورة تفتقر للمصداقية، محاولاً استغلال العلاقات الشخصية واللقاءات الاجتماعية لإعادة بناء صورته المهتزة.
• إن الفرق بين الصورتين لا يكشف فقط عن شخصيات الأفراد، بل يسلط الضوء على التباين العميق في القيم التي يمثلها كل منهما ، حيث كانت نهاد كضابط رمزاً للإلهام والوفاء والبطولة، بينما “عنان” القائد اظهر خلاف ذلك ، بل استغل اللحظة لتحقيق مكاسب شخصية.
*_هل تعزز الصور الشكوك حول الاتهامات؟_*
• الأسلوب الذي اتبعه “عنان” في توظيف الصور يثير الشكوك أكثر مما يبددها. فهو لم يقدم أي دلائل عملية تنفي تورطه في التهم الخطيرة الموجهة إليه، بل اعتمد على تلاعب عاطفي يصوّره كجزء من المؤسسة الأمنية التي تواجه تحديات جسيمة.
• بالتالي، هذه الخطوة قد تُقرأ على أنها محاولة يائسة لتجميل صورته، لكنها تعزز الشكوك حول مصداقيته وحقيقة دوره في الأحداث التي عصفت بالسودان.
*_خطأ التقدير: مدير الشرطة واعتبارات الزمالة_*
• من جهة أخرى، يمكن التساؤل عن تقديرات مدير الشرطة الحالي الذي سمح بحدوث هذا اللقاء، بل وأتاح لعنان فرصة استغلاله. هل خضع لاعتبارات الزمالة والعلاقات الشخصية على حساب المصلحة العامة؟
• إذا كان مدير الشرطة هو المسؤول الأول عن حماية الأمن الداخلي، فإن هذا التصرف يثير مخاوف بشأن حسه الأمني. سماحه لعنان بالتقاط الصور واستخدامها لاحقاً يعكس ضعفاً واضحاً في تقديراته الأمنية. بل يمكن القول إن أمنه الشخصي والمؤسسي تعرض لاختراق ممنهج من شخصية تحمل سجلاً مليئاً بالجدل والاختلاف حوله .
*_خلاصة القول ومنتهاه_*
• إن عودة عنان وسلوكه الأخير يشكلان تحدياً مزدوجاً، فهو يسعى إلى شرعنة وجوده في المشهد، بينما يضع المؤسسات الأمنية في موقف حرج أمام الرأي العام. تصرفاته تنفي فرضية وجود صفقة سياسية متكاملة، لكنها تؤكد في الوقت ذاته غياب الحذر في التعامل معه وفي المقابل هذه الصورة المهزوزة، تظل صورة الشهيدة نهاد محجوب شاهدة على معاني الوفاء والشجاعة والتفاني الشرطي، لتبرز مفارقات وتباينات في اداء القيادة والقاعدة على مستوى كل المؤسسات، ليس مؤسسات الشرطة وحدها مما يعد خللاً يحتاج إلى نظر ومعالجة جذرية.