عمــار العركــي : ديبي: كلمات دبلوماسية فارغة وأفعال عدائية صارخة

* في رسالة تهنئة بعث بها الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي بمناسبة عيد استقلال السودان إلى الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أكد ديبي فيها على عمق “العلاقات الطيبة” التي تجمع بين البلدين والشعبين، وعبّر عن التزامه “الكامل” بتعزيز هذه العلاقات، وتطويرها، والعمل من أجل سلام دائم يخدم مصلحة الأمتين. كلمات تبدو دبلوماسية مهذبة، لكنها في الواقع تكشف عن تناقض صارخ مع مواقف الرئيس التشادي الفعلية تجاه السودان.

*_قراءة في رسالة ديبي: ما وراء الكلمات الدبلوماسية_*

* بينما يعزف ديبي على وتر “العلاقات الطيبة” مع السودان، يظل الواقع يعكس مواقف متناقضة تماماً. فمن جهة، تعزز تشاد ارتباطاتها الإقليمية مع أطراف مؤثرة، مثل الإمارات، وتفتح أراضيها لدعم مليشيات معادية للسودان، ومن جهة أخرى تسعى لتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي من خلال رسائل مثل هذه التهنئة.
* لكن ما الذي دفع ديبي إلى إرسال رسالة التهنئة هذه في هذا التوقيت تحديداً؟ ربما جزء من الإجابة قد يكمن في المبادرة التركية الأخيرة، التي تسعى لتقريب وجهات النظر بين الإمارات والسودان، وزيارة المبعوث الخاص للرئيس التركي المرتقبة في 4 يناير لتوضيح معالمهاروتفلصيلها ؟!

*_المبادرة التركية وتأثيرها على الموقف التشادي_*

* المبادرة التركية تُعتبر جزءاً من إعادة ترتيب المشهد الإقليمي حول السودان، في ظل تزايد الضغوط لتسوية الأزمة السودانية وتهدئة التدخلات الخارجية. وقد تكون هذه المبادرة قد دفعت ديبي إلى إعادة النظر في سياساته تجاه السودان لعدة أسباب:
1. محاولة تشاد تجنب العزلة مع احتمالية أن تضبط المبادرة التركية التدخلات الخارجية في السودان، فإن تشاد قد تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي إذا استمرت في تأجيج الصراع ، فكان لابد من رسالة التهنئة كمحاولة استباقية لإظهار حسن النية.
2. الحفاظ على المصالح التشادية الاستراتيجية فتشاد تدرك أهمية الحفاظ على علاقات مستقرة مع السودان لأسباب تتعلق بأمن الحدود والمصالح الاقتصادية، وقد تكون التهنئة جزءاً من استراتيجية أوسع لإعادة التموضع سياسياً.
٣. احساس تشاد بان الإمارات بدأت تبحث عن حلول وتفاهمات مع السُودان دون إستصحابها كشريك اساسي .يجعلها تسبق الامارات نحو السُودان باعتبار طبيعة العلاقة والروابط بين البلدين تغني عن تدخل وسيط .
٤. التأثير التركي المحتمل فتركيا، التي تتمتع بعلاقات جيدة مع تشاد، قد تكون مارست ضغوطاً دبلوماسية على ديبي لتهدئة الأجواء، خاصة مع وجود مبادرات تهدف إلى تقليص التدخلات الإقليمية في السودان.

*_تحليل التوقيت_*

* تزامن رسالة التهنئة مع التحركات التركية ليس مصادفة. ديبي يبدو مدركاً للتحولات الإقليمية، ويرى في هذه الرسالة وسيلة لتحسين صورته وتقليل الضغوط عليه. لكن، في ظل استمرار دعم تشاد لعناصر مؤججة للصراع، تظل هذه الكلمات الدبلوماسية مجرد غطاء لأجندة لا تخدم مصلحة السودان.

*_خلاصة القول ومنتهاه_*

* رسالة ديبي ليست سوى محاولة لتلميع صورة تشاد على الساحة الإقليمية والدولية. المبادرة التركية قد تكون هي الدافع وراء هذه التهدئة الظاهرة، لكن الواقع يشير إلى أن تشاد لا تزال جزءاً من المشكلة، وليس الحل. إذا كانت نوايا ديبي حقيقية، فعليه أن يترجمها إلى أفعال ملموسة تخدم السودان، بدلاً من الاكتفاء برسائل دبلوماسية جوفاء.

مقالات ذات صلة