وهم الحكومة البديلة .. بقلم / د. عبدالعظيم عوض
في اجتماعها الاخير بعنتيبي الاوغندية مطلع الشهر الجاري كان الجِند الرئيسي في اجتماعات قحت/ تقدم هو موضوع نزع الشرعية عن الحكومة السودانية ، وبالطبع نزع الشرعية هذا لا يحمل سوى معني واحد وهو انهم هم الحكومة البديلة ، لكن كيف ؟؟
اولي تسريبات النقاش حول هذا الموضوع كانت حول حكومة منفي كما اشرتُ لذلك في هذا المكان مؤخرا ، ولما لم يجد المقترح قبولا ، بل كاد أن يعصف بالاجتماع ، احالوه الي لجنة( منبثقة) كإجراء مُسَكِّن ، فما كان من مناصري الاقتراح الا أن يمضوا في المشوار حتي النهاية رغم أنف المعترضين علي الفكرة ، لكنهم إستبدلوا عنوان حكومتهم هذه من حكومة منفى الي حكومة داخل وتحديدا داخل المناطق التي يرون انها تقع تحت سيطرة مليشيا آل دقلو !
اللافت في هذا الخلاف بين عضوية تقدم/ قحت ، أن محوره يدور حول الموقف من المليشيا ، فمؤيدو المقترح هم الأقرب لآل دقلو علي الاقل من زاوية صدق الانتماء والقناعات، في حين يقف الآخرون وفي مقدمتهم كبيرهم عبدالله حمدوك موقف المتحفظ علي الفكرة ، وهذا قد يكون مؤشرا علي أنه يرى أن حلفه مع المليشيا هو إجراء تكتيكي اقتضته ظروف المرحلة ، خاصة وأن كل القرائن والمؤشرات تذهب الي أن فكرة الحكومة البديلة هي اصلا مصدرها المليشيا نقلتها لأجندة تقدم عضويتها من بقايا حركات ” الكفاح المسلح” بقيادة الطاهر حجر ، الذي قال أمس في حديث لقناة الجزيرة أن حكومتهم المزعومة هذه ستكون في مناطق سيطرة الدعم السريع ، وهنا تطرح عدة أسئلة نفسها ، اهمها هل فعلا الدعم السريع يسيطر علي هذه المناطق؟ وما هو المعني المقصود بالسيطرة التي كثيرا ما سمعنا مزاعمها لدي مستشاري مليشيا الدعم السريع ؟ وهل في هذه المناطق مواطنون من منسوبي هذا الشعب الذي كثيرا ما يتحدثون باسمه ويدعون تمثيله ؟ ثم كيف ستكون علاقة هذه الحكومة بالدعم السريع ، هل سيكون حارسا لها فقط أم حاكما ومتحكما ، وهو الذي صدعنا بسعيه لاعادة ما سماه الحكم المدني الديمقراطي ؟
من الواضح أن ما يسمي تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية المعروفة اختصارا بتقدم تعيش في أخريات أيامها ، وأن حكومتهم المقترحة بينها والمدنية التي صدعونا بها بونٌ شاسع ، فكيف يمكن وصف حجر ومجموعته من بقايا حركات الكفاح المسلح ومعهم ماتبقي من فتات مليشيا آل دقلو المتوحشة بأنهم مدنيون او أنهم كما يدعون زورا وبهتانا يسعون لعودة المدنية والديمقراطية ؟ ونسوا او تناسوا انهم ظلوا طيلة العشرين شهرا الماضية في حربٍ ضد الشعب السوداني ، وما وطئت اقدامهم المتسخة أرضا في مدينة أو قرية وإلا وفرّ اهلها فرار السليم من الأجرب .
أخيرا يبدو أن فكرة الحكومة البديلة الخاسرة جاءت بعد يأس من الوصول للسلطة عبرالبندقية علي أثر الانتصارات الباهرة التي باتت تحققها قواتنا المسلحة وأيضا بعد فقدان الأمل في الوصول الي هدن تعيد للمليشيا فرصة إعادة ترتيب صفوفها بعد شتات كما كان يحدث من قبل في جدة وغيرها من جولاتٍ للتفاوض التي لم تكن سوى مسرحيات في عرف المليشيا تسمح لها بإعادة التموضع وترتيب صفوفها المنهارة .
الحرب مستمرة بإسم الشعب والوطن حتي النصر بإذن الله ، بقيادة حكومة تستمدُ شرعيتها من مشروعية الواجب الدستوري والقانوني والاخلاقي المفروض علي قواتنا المسلحة ، شاء من شاء وأبى من أبى …
د.عبدالعظيم عوض ،،،