خبر وتحليل – عمار العركي : زيارة البرهان لجوبا: تهدئة أم تأزيم؟

▪️في ظل الأوضاع الراهنة التي يشهدها السودان نتيجة الحرب ، تأتي زيارة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى جوبا كجزء من سلسلة تحركات إقليمية تستهدف ترسيخ العلاقات الثنائية، وتأمين المصالح المشتركة مع الدول المجاورة. وفي اطار تطورات العلاقات السودانية- الجنوب سودانية ، ما يمكن أن ينتج عن الزيارة من آثار إيجابية وسلبية ؟ وما يجب القيام به؟ .

▪️ _الأوضاع المحيطة بالزيارة:_

▪️العلاقات بين السودان وجنوب السودان ظلت تتسم بمزيج من التعاون والتوتر، خاصة في ظل الملفات العالقة مثل قضية أبيي، وتأثير الحرب في السودان على جوبا، ودعم بعض الأطراف داخل جنوب السودان لمليشيا الدعم السريع. تصريحات نائب رئيس جنوب السودان تعبان دينق قبل الزيارة أثارت تساؤلات حول نوايا جنوب السودان تحاه السودان ، رغم تأكيد الحكومة الرسمية لجوبا احترامها للسيادة السوداني
▪️زيارة البرهان تأتي في وقت دقيق، حيث كانت هناك عدة ملفات حساسة تتطلب حسمًا، مثل قضية أبيي، وتأمين الحدود، وتنظيم عبور النفط، والتصدي لتدخلات أطراف إقليمية تسعى لتأجيج الصراع في السودان.

▪️ _ملامح الزيارة وما تم مناقشته:_

• خلال الزيارة، التقى البرهان بالرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه الأول رياك مشار، وتم بحث قضايا أمن الحدود والتعاون الاقتصادي والنفطي. كما تناولت المباحثات الأوضاع الإنسانية، ومساعي إعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعي. البيان الرسمي للزيارة لم يتطرق بشكل واضح إلى تصريحات تعبان دينق أو دعم جنوب السودان لبعض عناصر مليشيا الدعم السريع، مما يثير تساؤلات حول كيفية معالجة هذه القضايا الحساسة.

▪️ _النتائج الإيجابية:_

• الاتفاق على تعزيز التعاون في قطاع النفط، بما يخدم المصالح الاقتصادية للبلدين.
• الاتفاق على آليات لتأمين الحدود المشتركة بين البلدين، خاصة مع تزايد التحديات الأمنية الحدودية.
• تعزيز التواصل بين القيادتين لمواجهة التحديات المشتركة، وهو ما يعكس حرص الطرفين على تجاوز التوترات.

▪️ _التحديات والسلبيات المحتملة:_

• رغم ما أظهرته الزيارة من مظاهر تعاون، إلا أن هناك تحديات قائمة :
• لم يظهر أي إعلان رسمي حول معالجة تصريحات تعبان دينق المستفزة ، مما يثير تساؤلات حول موقف السودان من هذه التصريحات وتأثيرها على العلاقة المستقبلية.
• ما زال هناك شكوك حول استمرار دعم بعض الأطراف في جنوب السودان للمليشيا، سواء عبر استقبال قياداتها أو توفير ملاذات آمنة .
• تكرار زيارات عبد الرحيم دقلو إلى جوبا، ومحاولاته تحصيل مستحقات مالية مقابل التفط ، ومساعي اتسحاب قوات المليشيا الى اعالى التيل داخل جنوب السودان يشير إلى وجود علاقات غير معلنة بين بعض الأطراف في جوبا والمليشيا.
• بالإضافة إلى استخدام أراضي جنوب السودان كمنطلق لبعض العمليات التي تضر بالسودان.

_▪️ما هو المطلوب من السودان؟_

▪️استنادًا إلى مخرجات هذه الزيارة وتقييم العلاقات الراهنة، يمكن للسودان اتخاذ الخطوات التالية :
• مواصلة التواصل مع حكومة جنوب السودان لضمان موقفها الحيادي من الصراع الحالي، وتجنب أي تصعيد في القضايا الحساسة مثل قضية أبيي.
• تعزيز التنسيق الأمني لضمان عدم استخدام أراضي جنوب السودان كمنصة لدعم أي مليشيات .
• الاتفاق على آليات واضحة لضمان استمرار تصدير النفط عبر السودان دون استغلال الحرب الحالية لتقديم تنازلات اقتصادية غير مبررة.
• استخدام المنصات الإقليمية والدولية لتوضيح موقف السودان من تصريحات استفزازية مثل تلك الصادرة عن تعبان دينق، مع ضمان استمرار التواصل مع المجتمع الدولي لضمان استقرار المنطقة.

_▪️خلاصة القول ومنتهاه:_

• زيارة البرهان إلى جوبا حملت في طياتها العديد من المؤشرات الإيجابية، مثل إعادة تفعيل التعاون الاقتصادي والأمني، لكنها كشفت أيضًا عن تحديات كبيرة ما زالت تعيق العلاقات بين البلدين. نجاح السودان في إدارة هذه العلاقة يتطلب موقفًا دبلوماسيًا متوازنًا يضمن مصالحه السيادية، مع معالجة القضايا العالقة بحزم واضح
• وبالنظر إلى المعطيات الراهنة، فإن هذه الزيارة تمثل خطوة أولى نحو بناء الثقة مجددًا، لكنها ليست نهاية المطاف. المطلوب الآن هو متابعة تنفيذ التفاهمات التي تم التوصل إليها، والعمل على احتواء أي توترات قد تنشأ في المستقبل القريب.

مقالات ذات صلة