حكاية كولمبيا ..! .. بقلم د. عبدالعظيم عوض

———————-
علي ايام اعتصام القيادة وفوضاه غير الخلاقة ظهرت في ساحات ذلك الاعتصام لو تذكرون منطقة اسمها كولمبيا تقع تحت جسر النيل الازرق او كبري الحديد وشمال جامعة الخرطوم علي ضفاف النيل ، وكانت تعج بكل ماهو قبيح ونتن من الموبقات والمُسكِرات وكل مُْذهِبات العقل وانواعه ، بعضه يُشرب وآخر يستنشق وهناك ما يُحقن داخل الاوردة والعياذ بالله ، تلك كانت صورة من تلك الأيام السوداء التي كانت بداية الدمار الذي نشهده الان للدولة السودانية بكل تاريخها وجمالها وسموها وامجادها .
والآن يتداول إسم كولمبيا بكثافة عندنا في الميديا علي أثر اكتشاف مئات الكولمبيين يعملون كمرتزقة لحساب الإمارات ومليشيا الدعم السريع ، يا لهول المصيبة !
كل مرتزقة افريقيا الذين جندهم محمد بن زايد لقتل السودانيين وتدمير بلادهم قضوا وهلكوا ونزلوا الي جهنم ، فلجأ بن زايد الي كولمبيا البعيدة في أمريكا اللاتينية ، شفتو حقد الزول دا علينا كيف ؟
وما نعرفه عن الشعب الكولمبي انه شعبٌ وديع وجسور واستطاع أن يُحدِث نقلة اقتصادية لبلاده من خلال استثمارات النفط ومشتقاته ، ثم صناعات تقنيات الحاسوب وألعاب الكمبيوتر .
وقد رأينا وشاهدنا في إعلامهم كيف أن حكومتهم وشعبهم لفظوا هؤلاء المرتزقة وادانوا مسلكهم ، واصفين أياهم بأنهم من بقايا مسرّحي جيشهم من مدمني المخدرات وهو الصنف الذي يعرف بن زايد وعصابته كيفية التعامل معه حسب تجاربه في اليمن وليبيا من قبل .
وحسب الصحف الكولمبية فأن مشاركة ٣٠٠ من متقاعدي جيشهم في حرب السودان كانت بخدعة من الإماراتيين تتمثل في أن هؤلاء سيتم توظيفهم كحارسين في منشآت نفطية إماراتية بعقود عملٍ مغرية ، لكنهم فوجئوا لاحقا بأنهم تم تجنيدهم كمرتزقة ضمن مليشيا تقاتل في السودان لحساب رئيس نظام دويلة إمارات الشر .
ولعل هذا ما حدث لمجموعة من الشباب السوداني علي ايام الفوضى التي اعقبت سقوط الإنقاذ، حين تم التعاقد معهم للعمل في وظائف حراسة بإحدى الشركات الإماراتية بليبيا ، لكنهم فوجئوا بأنهم مجرد جنود في كتايب مرتزقة حفتر المدعومة من إمارات الشر . وللأسف لم يجد هؤلاء الشباب المضللين استجابة لصرختهم من جانب حكومة بلدهم السودان او ” حكومة الثورة” التي كانت في تلك الايام مستكينة تماما لما عرف بمجموعة الأربعة وهم الأربعة سفراء الذين كانوا يديرون الدولة علي هواهم بقيادة سفير الإمارات ، في أبشع صورٍ للتدخل الخارجي يشهده السودان في تاريخه المعاصر .
لاحظت أن الصحافة الكولمبية أبدت اهتماما كبيرا بأمر مواطنيها المرتزقة خاصة الذين ضُللوا منهم ووقعوا في شراك بن زايد كما تناولت اخبار قتلاهم واحزان أُسَرهم عليهم من الموت في مجاهل أفريقيا!
وبذات القدر لاحظت غياب إعلامنا عن تغطية هذه الظاهرة الكولمبية بما تستحق ، فصور بطاقاتهم او جوازاتهم المبعثرة علي وسائل التواصل الاجتماعي ليست دليلا كافيا ، فكان يجب نشر صور لهؤلاء الأسرى مع مقابلات معهم عن مشاركتهم في الحرب وكيف تم تجنيدهم ومن الذي جندهم وووو الي آخر هذه المشاهد التي كان يمكن أن تكون دليلا دامغا علي تجنيدهم كمرتزقة ، وإن تعذر ذلك يمكن نشر صور جثثهم وهو مما يباح في هذه الحالة علّهم يكونوا عظةً وعبرة لمن يعتبر من المرتزقة ..
وهذا يعود بنا لما تطرقنا له من قبل عن غياب الإعلام الحربي والبلاد تواجه حرباً وجودية بمعني أن يكون الوطن أو لايكون ، فالتعويل إعلاميا علي صور وفديوهات الهواة في ميدان المعركة بعد انفضاض غبارها لا يكون مجديا، إذ لابد من مراسلين حربيين مدربين علي تغطية المعارك من الداخل ليكون العالم شاهدا علي فداحة ما يواجهه السودان من عدوانٍ لقيط من كل الدنيا ، وكيف أن بسالة جيشه وجسارة شعبه تتصدى لهذا العدوان الغاشم .
د. عبدالعظيم عوض ،،،

مقالات ذات صلة