خبر وتحليل عمار العركي : تورطها في السودان احد الاسباب : تشاد تلغي اتفاقيات التعاون الدفاعي مع فرنسا
▪️القرار الذي اتخذته حكومة تشاد بإنهاء اتفاقية التعاون الدفاعي مع فرنسا يُعد تطورًا استراتيجيًا لافتًا في العلاقات بين البلدين، ويعكس تحولًا في سياسة تشاد الخارجية بعد سنوات من التعاون الأمني العميق مع فرنسا. الاتفاقية الموقعة في 2019 كانت تهدف إلى تعزيز التعاون في مجال الأمن والدفاع، وتعد جزءًا من التزام فرنسا بحماية استقرار منطقة الساحل عبر وجود عسكري في الدول المجاورة مثل تشاد.
▪️يأتي هذا القرار في سياق إقليمي ووقت حرج حيث تشهد منطقة الساحل والصحراء تغييرات جذرية في التحالفات والتوجهات السياسية. ومن بين هذه التغيرات، الحرب المستمرة في السودان، التي ألقت بظلالها على الأمن الإقليمي، ودفعت إلى إعادة تقييم العلاقات الأمنية بين الدول الإقليمية خاصة الدول المتورطة في الحرب والداعمة للمليشا الاماراتية الارهابية في الوقت نفسه، تواجه فرنسا تحديات متزايدة في منطقة غرب إفريقيا، بما في ذلك طرد قواتها من دول مثل مالي وبوركينا فاسو، ما يساهم في تغيير المعادلات الاستراتيجية في المنطقة.
▪️الحرب في السودان لعبت دورًا مهمًا في إعادة ترتيب التحالفات الأمنية الإقليمية ، وتشاد كانت دائمًا جزءًا من التحالفات الأمنية ضد الجماعات الجهادية في الساحل، تجد نفسها الآن أمام تحديات إضافية بسبب النزوح الكبير وتدهور الأوضاع الأمنية على حدودها مع السودان. في هذا السياق، قد ترى الحكومة التشادية أن التخلص من الاعتماد على القوة العسكرية الفرنسية في الدفاع يمكن أن يكون خطوة نحو تعزيز سيادتها الأمنية، مع تزايد الحاجة إلى حلول إقليمية للتعامل مع التهديدات المرتبطة بالحرب السودانية، بما في ذلك الجماعات المسلحة التي قد تتسلل عبر الحدود.
▪️تشهد منطقة الساحل تحولات هائلة في السياسة الأمنية، مع طرد القوات الفرنسية من دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، ما يعد تراجعًا ملحوظًا في النفوذ الفرنسي. هذا التغير قد يكون له تأثير مباشر على تشاد، التي لطالما كانت جزءًا من التحالف الفرنسي في محاربة الجماعات الجهادية. ومع ذلك، تزداد في الآونة الأخيرة مشاعر السخط في بعض الأوساط الشعبية ضد الوجود الفرنسي في المنطقة، ما دفع العديد من الحكومات في دول الساحل إلى مراجعة علاقاتها العسكرية مع باريس. في هذا الإطار، قد تسعى تشاد إلى تقوية علاقاتها مع شركاء آخرين مثل روسيا أو الدول الإقليمية التي قد توفر دعمًا أمنيًا دون التبعية للوجود الفرنسي.
▪️من خلال البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية التشادية، يبرز واضحًا أن الحكومة التشادية ترغب في الحفاظ على علاقة إيجابية مع فرنسا رغم إنهاء الاتفاقية الأمنية. التأكيد على “الحفاظ على علاقات بناءة” يعكس رغبة تشاد في إعادة تشكيل العلاقات مع باريس بعيدًا عن الشراكة العسكرية، مع الانفتاح على مجالات أخرى من التعاون مثل التجارة والثقافة. ومن خلال هذا، تبرز تشاد رغبتها في اتخاذ قرارات تتناسب مع أولوياتها الوطنية دون التأثر بشكل كبير بالتوترات الإقليمية أو الضغوط الخارجية.
▪️القرار التشادي له آثار عميقة على أمن منطقة الساحل والصحراء، فتشاد تلعب دورًا محوريًا في الاستقرار الإقليمي نظرًا لموقعها الجغرافي والحدود الطويلة التي تشترك فيها مع دول مثل السودان وليبيا وأفريقيا الوسطى. بناء على هذا القرار، قد تُعيد تشاد تقييم استراتيجياتها الأمنية، سواء بالتوسع في التعاون مع دول أخرى مثل النيجر أو الجزائر، أو من خلال توسيع دورها في التحالفات الإقليمية مثل مجموعة دول الساحل 5، التي تهدف إلى تعزيز التنسيق بين الدول لمكافحة الإرهاب.
▪️ *خلاصة القول ومنتهاه:*
▪️إنهاء تشاد لاتفاقية التعاون الدفاعي مع فرنسا يأتي في وتوقيت حساس، ويعكس مدى تأثير الضفوط الداخلية في تقويم سياسة “كاكا” الخارجية القائمة على مصلحة نظامه وبقائه علي كرسي الحكم الذي بات يهتز نتيجة تلك الممارسة السياسية .
▪️من جهة أخرى ، يشى القرلر عن رغبة تشادية في اعادة ضبط مصنع العلاقات الخارحية وتوجيه بوصلة علاقات تشاد الخارجية.
في ضوء الحرب السودانية والتغيرات الكبيرة في منطقة الساحل والصحراء، فإن هذا التحول في السياسة التشادية قد يساهم في إعادة ترتيب التحالفات في المنطقة ويُضفي مزيدًا من التعقيد على التوازنات الأمنية التي سعت فرنسا لفرضها خلال السنوات الأخيرة.