خبر و تحليل – عمار العركي : زيارة البرهان إلى أسمرا:هل يبدأ السودان عصر الإعلام الأمني ؟

_تصور جديد للإعلام في زمن_ الحرب، شهدت زيارة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، إلى العاصمة الإريترية أسمرا اهتماماً واسعاً ليس فقط بسبب توقيتها الحرج، بل أيضاً بسبب طبيعة الوفد المرافق له، فقد اقتصر الوفد على مدير جهاز المخابرات ووزير الإعلام المعيّن حديثاً، مما يثير تساؤلات حول الملفات التي ناقشها الجانبان، وأهمية الأمن والإعلام في هذه المرحلة الدقيقة.
هذه الزيارة تحمل دلالات عميقة حول الدور المتزايد للإعلام في المعادلة الأمنية السودانية، و وجود وزير الإعلام ضمن الوفد يبرز بأن قضايا الإعلام لم تعد شأناً ثانوياً، بل أصبحت جزءاً من الأجندة الأمنية و الاستراتيجية للدولة. في ظل استمرار الحرب منذ أبريل 2023، يُنظر إلى الإعلام كجبهة موازية للمعركة الميدانية، حيث يستخدم الأعداء أدواته لزعزعة استقرار السودان وتوجيه الرأي العام ضد الدولة.

_*لماذا الإعلام الأمني الآن؟*_

_منذ اندلاع الحرب في السودان_ ، أصبح الإعلام إحدى الجبهات الرئيسية للصراع. استغلت الميليشيات ضعف التخطيط الإعلامي الرسمي لنشر دعاياتها، مما جعل من الإعلام أداة خطيرة تُستخدم لزعزعة الأمن القومي. في المقابل، عجز الإعلام الوطني عن تقديم رواية وطنية موحدة، تاركاً المجال للشائعات والمعلومات المضللة التي أضرت بالنسيج الاجتماعي وزادت من تعقيد الأزمة.

_لقد سبق أن تناولنا في مقالات_ سابقة هذا القصور الإعلامي وأثره السلبي على إدارة الأزمات الوطنية. طالبنا مراراً بضرورة تأسيس مجلس للإعلام الأمني يتولى تنسيق الجهود الإعلامية، خاصة في أوقات الحرب والأزمات الكبرى. وركزنا على أهمية وجود إعلام حربي أمني، ليس فقط للدفاع عن الوطن ومواجهة الحملات الدعائية المضادة، بل أيضاً لتوجيه الرأي العام نحو الحقائق وتعزيز الروح الوطنية.

_اليوم، تبدو الحاجة إلى الإعلام الأمني_ أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. الإعلام الأمني هو وسيلة استراتيجية لردع الشائعات، كشف التضليل، وصياغة خطاب وطني يقف بصلابة في وجه الحرب الإعلامية الموجهة ضد السودان. إن غياب مثل هذه المنظومة يعني استمرار الفوضى الإعلامية، مما يُضعف موقف الدولة ويمنح خصومها أفضلية غير مستحقة.

_زيارة البرهان إلى أسمرا،_ واصطحابه لوزير الإعلام ومدير جهاز المخابرات، يمكن أن تكون نقطة انطلاق جديدة لتأسيس إعلام أمني قوي في السودان. الملفات التي طُرحت للنقاش مع إريتريا لا تقتصر على الأمن والسياسة، بل تشمل التنسيق الإعلامي لتوحيد الجهود الإقليمية في مواجهة التحديات المشتركة.

_التوجه نحو إنشاء مجلس_ إعلام أمني وطني بات ضرورة لتوجيه الإعلام السوداني في هذا الاتجاه. هذا المجلس يمكن أن يدير الأزمات الإعلامية بحرفية، ويصوغ رسائل وطنية قوية ومقنعة، ويواجه الشائعات والدعاية المضادة بحقائق واضحة وسريعة.

_*خلاصة القول ومنتهاه :*_

*زيارة البرهان إلى أسمرا* تُذكّرنا بأن الإعلام والأمن وجهان لعملة واحدة في زمن الحروب. الإعلام السوداني بحاجة ماسة إلى تحول جذري ليصبح أداة فعالة في الدفاع عن الوطن بدلاً من أن يكون ثغرة تُستغل ضد الدولة.

_الإعلام الأمني ليس ترفاً،_ بل ضرورة استراتيجية تفرضها ظروف السودان الراهنة. وإذا كان الوفد المرافق للبرهان يحمل رسالة، فهي أن الوقت قد حان لتغيير قواعد اللعبة، وجعل الإعلام جزءاً من معركة السودان من أجل البقاء والاستقرار.

مقالات ذات صلة