الجزيرة مباشر ٢من ٢ .. بقلم د. عبدالعظيم عوض
اكثر من قناة خرجت من رحم شبكة الجزيرة من بينها قناتان باسم الجزيرة مباشر ، الفكرة بلا شك جيدة وسبقت عليها شبكة الجزيرة عدة مؤسسات اعلامية أمريكية واوربية ، وتقوم علي البث الفوري المباشر مما يكسب المادة الاعلامية حيوية ومصداقية .
لكن كما ذكرت امس لابد لهذا البث الحي المباشر من ضوابط تفرضها السياسة التحريرية للقناة فضلا عن أخلاقيات المهنة Ethics التي تميزها عن منشورات الهواة او الطفيليين .
من نجوم هذه القناة حاليا نجد الاستاذ احمد طه الذي اكتسب خبرة جيدة في الشأن السوداني من خلال ممارسة طويلة في تغطية مجريات الاوضاع في السودان خاصة في أعقاب التغيير الذي حدث في العام ٢٠١٩ .
لكن يؤخذ علي هذا المذيع أنه يطرح اسئلته علي ضيوفه السودانيين ، وليس كل ضيوفه ، بطريقة تخرج عن السياق المهني المتعارف عليه في قواعد الحوار الاعلامي الي دور المحقِّ الجنائي ، وهذا ما يجعله يعمد الي مقاطعة الضيف ليطرح عليه سؤالا آخر استخلصه من إجابته التي لم تكتمل وهو ما يعرف ب cross Examination لدي رجال التحقيق الجنائي ، وذلك قطعا يؤثر علي انسياب فكرة الضيف فضلا عن مايحدثه من تشويش noise لدي المشاهد المتابع .
وفي الآونة الأخيرة أصبح هذا المذيع يأتي باسئلة تكون غالبا خارج النص ويقول إنها من المشاهدين وليس منه ، متبرئا منها عن طريق لغته الجسدية وذلك بتحريك اصابعه مع رفع حاجبيه كل ذلك مصحوبا بابتسامة سرعان ما تتحول الي جدية في الملمَح ، وكأنّه بذلك يستنكر السؤال ، لكنه مضطرا لطرحه نزولا لرغبة السائلة ” ميسون من الكلاكلة اللّفة ” ثم يردف ذلك بقوله ” معليش سامحني لاني مش أنا الِلبسأل ، دي ميسون وأنا بطرح سؤالها زي ماهو ، واذا مش عاوز تجاوب مافيش مشكلة !” وكأنه بذلك يحرض ميسون وبقية السائلين علي ضيفه .. ولا بأس نضيف هنا علي طريقته ” دا وزيركم الِلمش عاوز يجاوب مش أنا ” وبذات لغة الجسد التي سبق الإشارة اليها ..
في استضافته لوزيرين سودانيين [ حتة واحدة] الاسبوع الماضي استخدم المذيع طه هذه الطريقة ، وهي تصلح اكثر في حوارات نجوم الغناء والطرب والدراما الذين لديهم معجبون ومعجبات يسعدون بهم وبالتعرف عليهم اكثر ، وبذات القدر يكون النجم فخوراً بهم وباعجابهم في ظل منافسته مع نجوم آخرين في الساحة الفنية ، لكنها لا تصلح في حوارات النخب والقادة السياسيين من وزراء وزعماء وغيرهم من ولاة الأمر ، الذين يفضل أن توجه لهم أسئلة جادة مباشرة مستوحاة من السياسة التحريرة للقناة دون توكيل ، وإذا أحس المذيع بحرج في سؤال من شاكلة ، حضرتك بتتعشى ولا تحب تنام خفيف او ما هو لون جواز سفرك ، فالأفضل أن يتجاوز مثل هذه الاسئلة المفخخة بدلا عن أن ينسبها لمشاهدين أغلب الظن انهم من الخيال لا الحقيقة .
ليس لدي شك مطلقا في أن الجزيرة مباشر كان لها دور في تحريك فوضى المواكب غير السلمية التي سبقت الحرب الحالية وكانت بعضا من شررها، مما دعا السلطات المعنية لايقافها لفترة ، ولا يخالجني شك أن ذلك الدرو لم يكن مقصودا لثقتنا الكبيرة نحن السودانيون في الدولة التي ترعى هذه الشبكة المتميزة والتي كما قلت أمس كانت أساس الإعلام الحديث في المنطقة فضلا عن إسهامات دولة قطر الكبيرة والمعلومة في تحقيق السلام في دارفور وغيرها من الأيادي البيضاء التي كثيرا ما قدمتها دوحة الخير للسودان والسودانيين .
لكنها أخطاء تحدث أحيانا في التنفيذ وأثناء البث الحي المباشر نثق تماما أن إدارة الشبكة قادرة علي معالجتها لتصبح الجزيرة فعلا قناة الرأي والرأي الآخر كما نرجو ، والله من وراء القصد .
د.عبدالعظيم عوض ،،،