منظمات خيال المآتة .. بقلم إبراهيم عيسى هدل
أثبتت الأيام للسودانيين، وخاصة خلال فترة الحرب التي يعيشونها، أن المنظمات الدولية والإقليمية التي يعول عليها ما يعرف بالمجتمع الدولي لتحقيق الأمن والسلم الدوليين، ما هي إلا مجرد أدوات بيد أمريكا تجتمع فقط لتحقيق مصالح الغرب، وتُستخدَم كمخلب قط لتمرير مآرب الإمبريالية والصهيونية العالمية. تبدو المنظمات كخيال المآتة لعجزها عن فرض السلام بالقوة العسكرية، وهي أعجز عن تحقيقه بالقوى الناعمة والدبلوماسية، ودونكم الحرب المستعرة لأكثر من عام بقطاع غزة، والتي انتقلت لتشمل جنوب لبنان بسبب الغطرسة الإسرائيلية المدعومة من الأمريكان والاتحاد الأوروبي.
لقد استخدمت أمريكا جامعة الدول العربية لتمرير العقوبات على سوريا وعزلها عن محيطها العربي، بتوجيه مباشر لدول الخليج التي كانت في مقدمة الساعين لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وكان الفشل هو مصير هذه المساعي التي تقاطعت مع المصالح الروسية والإيرانية في سوريا، كما استخدمت الإدارة الأمريكية وحلفاؤها الإقليميون دول الإيقاد لتمرير التسوية مع مليشيا الجنجويد، بعد أن عجز الاتحاد الأفريقي عن الضغط على الحكومة السودانية لتجميده عضويتها بالاتحاد إثر قرارات ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م.
رغم إقرار المبعوث الأمريكي “توم بيرييلو” بفشله في تحقيق تقدم في مفاوضات سويسرا إلا أن مليشيا الجنجويد وذراعها السياسي بتنسيقية “تقدم – قحت” يعتبران لقاء جنيف ناجحاً ولا أدرى ما معايير النجاح لديهما؟! ويحاول المبعوث الأمريكي مرة أخرى تمرير أجندات التسوية وإنقاذ مليشيا الجنجويد من الانهيار الوشيك، الذي يبدو جلياً من خلال تقدم الجيش السوداني في كافة المحاور، وامتلاكه لزمام المبادرة في الميدان العسكري.
فشلت لغة التهديد والوعيد والعقوبات الدولية في تركيع الجيش والحكومة السودانية وخاصة التهديد بإدخال قوات أفريقية لحماية المدنيين، وعادت اللغة الناعمة لترتيب لقاء بين البرهان وحميدتي، وزيارة مرتقبة للمبعوث الأمريكي “توم بيرييلو” لبورتسودان التي أصبحت فجأة آمنة لاستقباله ومارينز حمايته! كما غيّرت تطورات انتصارات الجيش بالميدان من لغة تنسيقية “تقدم – قحت” الذراع السياسي للجنجويد إلى حل سلمي يستوعب جميع أطياف الشعب مع تجاوز استثناء حزب المؤتمر الوطني، وغطرسة عدم إغراق الاتفاق الإطاري باستيعاب الآخرين “غلبهم اللي يسوه”.
شاهد العالم عبر الفضائيات الإخبارية قصف الطيران الإسرائيلي لقوات اليونيفيل الدولية في جنوب لبنان، كما شاهدوا استهدافه لمقرات وموظفي الأونروا بقطاع غزة عدة مرات، حيث أعلنت إسرائيل الأمين العام للأمم المتحدة شخصاً غير مرغوب فيه، وسكت المجتمع الدولي على هذه الانتهاكات، ولم يتجرأ أحد على إدانة جرائم الاحتلال الصهيوني مثلما توالت الإدانات لقصف مزعوم لبيت السفير الإماراتي الخالي من السكان بالخرطوم! ومع العجز التام لما يسمى بالمجتمع الدولي عن حماية المدنيين في قطاع غزة ولبنان، رغم وجود قوات المنظمة الدولية، يحلم النشطاء السياسيون بتنسيقية “تقدم – قحت” بتدخل دولي وقوات أممية تحمي ذراعهم العسكري بمليشيا الجنجويد من قصف الطيران السوداني، يبدو أن “الاختشوا ماتوا”!