مصر الشقيقة .. وحديث هزيمة قائد المليشيا المتمردة ..؟ .. بقلم : علي يوسف تبيدي
أستهل المليشي المتمرد محمد حمدان دقلو حميدتي قائد مليشيا الدعم السريع في خطابه المرتجل الملئ بالأسي والخيبات باتهامات مباشرة لدولة مصر الشقيقة بدخولها للمعركة مباشرة ، ومشاركة طيرانها الحربي العسكري في معركة “جبل موية”، ومن جانبنا كسودانيين ومصريين وشعبين يجمعنا وادي النيل واواصر الاخوة العميقة والامتداد التاريخي ، فيمكننا ان نفخر بتلك الاتهامات ما دامت ستريح شعب السودان من مليشيا التمرد ، وان كانت الحكومة المصرية قد أكدت في كثير من المرات ان ما يحدث في السودان هو شأن داخلي ، وانها تدعم خيارات الشعب السوداني في الاستقرار عبر مؤسساته الشرعية والدستورية وفي مقدمتها بالطبع القوات المسلحة.
ان القفز فوق وقائع الحرب وحيثياتها ، ومحاولة تصوير الوقائع بأنها تدخل من دولة اقليمية وجارة ، هو إعلان هزيمة ، وهروب للامام ، اذ ان المتمرد دقلو يحاول ان يجد لنفسه تبريرات امام قواته بعد ان استهلك كل الخطابات المكرورة وفي مقدمتها عدم قومية القوات المسلحة ، او دولة 56 وخطاب الهامش والمركز ، فهو في حاجة للحركة لمربع جديد يتمكن بموجبه من طمأنة قواته التي أصابها الاحباط بسبب الهجوم الكاسح الذي شنته القوات المسلحة والقوات المساندة لها المستنفرين ، ودخلت في حالة شلل وذهول كبير ، لذلك هرب نحو اتهام دولة جارة نعتز بها ونعدها وطننا الثاني.
ان الدور المصري في السودان كان دائما صب الماء البارد علي أماكن التوترات والحريق ، انها الدولة التي تضم بين أضلعها الان مئات الالاف من اللاجئين السودانيين ، ممن لاذوا اليها بسبب بشاعة الجرائم التي ارتكبتها المليشيا في مدن السودان المختلفة ، وما خلفته من أكبر مأساة انسانية في المناطق التي أجتاحتها ، دعك من ملايين السودانيين الذين يقيمون لعقود في مصر المؤمنة بأهل الله ، وهي الدولة التي ما انقطع سيل مساعداتها منذ ان بدأت بلادنا في حالة من الطوارئ في السيول والفيضانات وجائحة كرونا ، في كل مكروه كانت الطائرات المصرية تهبط في مطارات السودان المختلفة تحمل الكساء والدواء والغذاء ، وليس كما قال المليشي المتمرد بانها تقذف قواته المتمردة.
ان الدولة السودانية ومؤسساتها لديها الكثير من الارتباطات مع مؤسسات مصرية ، فنحن علي ارتباط وثيق بكل اتفاقات ومعاهدات مياه النيل ، ووقعنا مع الدولة الجارة اتفاق الحريات الاربعة ، كأحد ابرز وشائج الرباط والترابط بين بلدين في الاقليم والعالم أجمع ، وفي التاريخ فان القوات المسلحة السودانية كانت دائما في خط النار مع اشقائهم المصريين في (67) وحرب العبور ، وتوقع الان اتفاقات الدفاع المشترك ، الذي يتأسس علي العبارة التي دائما ما يرددها المسؤولين المصريين بان “تهديد الامن القومي السوداني هو تهديد لمصر”، لذلك حتي وان صحت الاتهامات الكاذبة لقائد المليشيا فانها مجالا لترحيب السودانيين وتخليصهم من ربقة الفظائع الجنجويدية التي أذاقتها للسودانيين في حرب الوكالة.
ان مصر دولة مسؤولة ، وقيادتها تدرك بعمق أي ابعاد لتكون ضد او مع طرف لاشقائها السودانيين ، وبالتالي فإنها وعلي دعمها وتأييدها المعلن للمؤسسات السودانية الشرعية ، لذلك جاء ردها عاجلا وحاسما بالقول “”المزاعم تأتي فى خضم تحركات مصرية حثيثة لوقف الحرب وحماية المدنيين وتعزيز الاستجابة الدولية لخطط الإغاثة الإنسانية للمتضررين من الحرب الجارية بالسودان الشقيق”، وهو عين الحقيقة فمصر الان تستضيف جميع الاطياف السودانية ، ومن مختلف الاتجاهات حتي ممن تطالهم اتهامات تأييد المليشيا المتمردة ، وخلال فترة الحرب ومنذ اندلاعها فانها رعت ودعمت عشرات المبادرات للقاء السودانيين ، ان الادلة التي تؤكد وتثبت عمل مصر واتجاهها نحو السلام شاخصة وواضحة مثل الشمس في رابعة النهار ، بينما لا تعدو ان تكون اتهامات قائد المليشيا مجرد هرطقات من أثر الهزائم المتكررة التي تلقتها قواته خلال الايام الماضية والتي يبدو انها ستتكرر ايضا في قادم الأيام.