التداخل القبلي بين السودان ودول الجوار الافريقي .. بقلم إبراهيم عيسى هدل
أطلقت العرب على أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بلاد السودان لسواد بشرة سكانها ولم يكن السودان بحدوده الجغرافية الحالية موجوداً كدولة مركزية واحدة إلا في عهد الاحتلال والاستعمار الغربي حيث قسمت المستعمرات حسب اتفاقية الدبلوماسي البريطاني مارك سايكس والفرنسي فرنسوا بيكو لتقسيم إرث الامبراطورية العثمانية فيما بين بريطانيا وفرنسا فتقاسمتا العالم الثالث وأفريقيا بموجب الاتفاقية التي اشتهرت “بسايكس بيكو”، حيث عرفت تشاد قبلها بالسودان الفرنسي وكان يحكمها قبلهم الأمير رابح فضل الله وكان زعيماً سودانياً ولد في عائلة عربية في حلفاية الملوك بالخرطوم وعمل في سلاح الفرسان غير النظاميين المصري أثناء حملة الحبشة، وقد أصيب في تلك الحملة. أقام مملكة إسلامية في منطقة تشاد، وكان عاصمتها مدينة دكوة ومات بعد قيام الفرنسيين بغزو مملكته والدخول إلى عاصمته وقتله في المعركة.
استصحاب هذه الخلفيات التاريخية مهم جداً لبحث مسألة التداخل القبلي بين السودان وتشاد تحديداً وغيره من دول المحيط والجوار الأفريقي، وذلك لظهور أصوات تندد بالتدخل التشادي بالشأن السوداني حالياً ولكنها لم تعب التدخل السوداني في شئون تشاد لعقود من الزمان، هذا إذا أخذنا في الاعتبار نظرات الاستعلاء العرقي التي تستبطن من قبلنا لدول الجوار وكأننا شعب الله المختار!، وما بقي هذا الاستعلاء العرقي بين سكان الوسط والشريط النيلي وبقية مناطق الهامش في دارفور وجبال النوبة وتلال الانقسنا وشرق السودان على حد سواء ستبقى مشاكل السودان وحروبه مستعرة والكل يتهم الاخر بالعنصرية والتعصب القبلي المقيت دون أن يرى نفسه وكما يقول المثل السوداني : (الجمل ما بيشوف عوجة رقبته).
كنا نظن أن الانتماء الحقيقي للدين الإسلامي يخفف من حدة العنصرية والعصبيات القبلية والجهوية ويذوب الجميع في إطار الاخوة الإسلامية ولكن يبدو أن الانتماء للحركة الإسلامية كان ستارا لتحقيق غايات أخرى عبر عنها كل من حسبو محمد عبدالرحمن وعبدالمنعم الربيع والباشا طبيق وغيرهم كل بطريقته يردد قول الشاعر دريد بن الصمة:
(ومَا أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ… غَوَيْتُ وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ) .
✍️ إبراهيم عيسى هدل