القائد الميداني بالمليشيا “السافنا” يكشف مصير الحرب في السودان
رغم مرور أكثر من 15 شهرا على اندلاع الحرب السودانية في منتصف أبريل/نسيان 2023، بين القوات المسلحة والدعم السريع، لا يزال مصير الحرب مجهولا في ظل إعلان كل طرف سيطرته وتفوقه العسكري وأن الحسم بالسلام بات قريبا.
حول الأوضاع الميدانية والتطورات على أرض الواقع أجرت وكالة “سبوتنيك”، المقابلة التالية مع الجنرال علي رزق الله، الشهير بـ”السافنا”، القائد الميداني في قوات الدعم السريع، قائد عمليات شمال الثغرة في شمال إقليم دارفور، للتعرف على آخر ما وصلت إليه الجبهات وحقيقة الحسم العسكري ومفاوضات السلام وغيرها من الملفات.
إلى نص المقابلة…
بداية..الجنرال السافنا.. ما هو موقعكم في قوات الدعم السريع والمعارك الدائرة حاليا مع الجيش السوداني؟
قائد عمليات شمال الثغرة في شمال إقليم دارفور بقوات الدعم السريع.
لماذا انضمت قواتك إلى الدعم السريع رغم أنك كنت في اتجاه مختلف تماما قبل تلك الخطوة؟
في الحقيقة الحرب الحالية هي التي دفعتنا إلى الانضمام للدعم السريع لأننا رأينا أنه المشروع الذي كنا نتطلع إليه منذ عشرات السنين، ويتلخص في عملية تسليم السلطة للمدنيين والتحول الديمقراطي الوطني من أجل أن يتعافى الوطن من الجراح التي مر بها طوال العقود الماضية.
ما حقيقة ما يدور في الجبهات خاصة وأن طرفي الصراع كل منهما يقول إنه متقدم وسوف يحسم المعركة عسكريا؟
نحن لسنا في حرب مع القوات المسلحة، لأننا نحترم تنوعها من الناحية المهنية والوطنية، ما نحاربه هو تنظيم إرهابي والقوات (المصلحة) وليست المسلحة، وهم من بدأوا الحرب وتهكموا على الدعوات التي تطالب بالإصلاح والحكم المدني، وكل ما يحدث هم من خططوا له بعد أن قامت الثورة ورفعت شعار(حرية-سلام-عدالة)، فقد شاهد العالم أجمع عدم الاحترام للثوار وكيف تم قتلهم وابادتهم، علاوة على ما حدث في السابق من حرب طويلة مع الجنوب إلى أن انفصل عن السودان، وأخيرا وجدنا أن اتفاق جوبا الذي وقعت عليه بعض الحركات سوف ينتهي بالتخلص من إقليم دارفور، ثم يأتي الدور على كردفان وجنوب كردفان وأيضا التخلص من الشرق ويتبقى لهم ما يريدون ليحكموه لأن السودان كبير عليهم، ونسي هؤلاء أن الوقت الحالي يختلف كثيرا عن العقود السابقة التي كانوا وما زالوا يعيشون فيها، فهل ما يقومون به من ممارسات تتواكب مع الدين والإسلام والعادات والتقاليد ومع فرحة ومشاعر الشعب السوداني، وأنا بشخصي تعرضت للكثير من المعاناة مع هؤلاء فقد قاموا باعتقالي وضربي وسجني.
هل انضمامك للدعم السريع هو نوع من الانتقام من الجيش والحكم الذي حاولوا إعادته مجددا بعد نجاح الثورة؟
كل ما كنت أتمناه أن تقوم ثورة عظيمة في يوم من الأيام وهذا ما حدث ونجحت الثورة، لكنهم سرقوها وأعادوا إلى المربع الأول، الصراع اليوم هو صراع بين (الفيلة)، فالدعم السريع حتى يوم 15 أبريل/نيسان من العام الماضي 2023، كان حميدتي النائب الأول للبرهان.
تحدثتم عن مشروع تسليم السلطة للمدنيين وأنكم لا ترغبون في الحكم..ما الذي يضمن أن ينفذ الدعم السريع ذلك؟
حميدتي هو من حمى الثورة وكان جزء من المنظومة العسكرية وفُرض عليه أن يأتي نائبا للبرهان بعد الثورة، ففي أحد الأيام كان الجيش وجهاز الأمن يقومون بقتل المواطنين، فتدخل الدعم السريع وقام بطرد الجيش والجهاز الأمني حفاظا على الأرواح، وما يتم إلصاقه من تهم بالدعم السريع هو منها برىء لأن منتسبي الجيش وحركة الإخوان كانوا يرتدون زي الدعم وقاموا بفض اعتصام القيادة العامة وقتلوا وشردوا وأبادوا المئات، وتم التسويق وإلصاق التهم بالدعم السريع، فليس معقولا أن يكون الجيش والسلطة وطنيون ويقومون بقتل مواطنيه وتشريدهم وهدم منازلهم والمرافق وكل أدوات المعيشة والخدمات، علاوة على تدمير الثروات وانتهاك حقوق المواطن الأعزل، فلم يسلم حتى النازحين من ضربات طيران الجيش منذ العام 2000.
تتهمون الجيش والقوى الأخرى بارتكاب الكثير من الجرائم ضد المواطنين..هل من المنطق أن الدعم السريع لم يرتكب أي من تلك الجرائم طوال عام ونصف من الحرب؟
الدعم السريع لا يمتلك طائرة أو دبابة ولا مظلات يتم إسقاطها على الأرض أو جسور يقوم بإغلاقها، من الذي يمتلك كل ما سبق ويقوم بكل الانتهاكات منذ أكثر من عقدين في العديد من الولايات، منذ العام 2018 وحتى 2023 ..هل الدعم السريع هو من يقوم بعمليات القتل والنهب والإغتصاب والإبادة، الأمر لم يعد خافيا على أحد، وسواء كنت أن أو حميدتي وبعد التقصي والتحري حول كل ما حدث، من ارتكب جُرم أو انتهاك عليه أن يقدم نفسه للعدالة.
هل تؤيدون ما جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق الأممية والتي طالبت بضرورة إرسال قوات محايدة إلى السودان؟
نحن لا نوافق ولا تحتاج أي تدخل أجنبي يأتي ليحمي لنا شعبنا، ونحن كدعم سريع قادرين على حماية شعبنا، فإذا كانوا يريدون حقا المصلحة العامة للسودان، عليهم أن يمنعوا الطيران من ضرب المدنيين، حتى تستطيع المنظمات الإنسانية أن تقدم المساعدات والمواد الإغاثية للمتضررين في المخيمات ومعسكرات الإيواء.
هل لك أن تطلعنا على حجم سيطرتكم على الأراضي السودانية؟
الدعم السريع هو قوة سودانية ولسنا محتلين، نحن مسيطرين على أرضنا وعرضنا، ففي إقليم دارفور بالكامل 5 ولايات وجميعها تحت إدارة وسيطرة الدعم السريع، كردفان 3 ولايات تحت إدارتنا أيضا، إضافة إلى ولاية الخرطوم وأم درمان والجزيرة وسنار والنيل الأبيض تحت سيطرتنا، والآن الجيش والإخوان يتواجد في 3 ولايات هى بورتسودان والولاية الشمالية وعطبرة، ولك أن تتخيل أن الدعم السريع يسيطر على 15 ولاية من 18 ولاية في السودان كله، علاوة على أن القصر الجمهوري في بغداد تحت أيدينا، ثم تجدهم يتحدثون عن الحسم والعسكري رغم أنهم منذ 15 أبريل 2023 لم يسيطروا على محافظة واحدة ويثبتوا أقدامهم عليها، ولولا معاناه الشعب السوداني لن نفتح معهم أي محادثات أو مفاوضات ولا أي ملف آخر، لأننا لسنا ضعفاء أو مُنكسرين، بل هم من يطلبون التفاوض وليس بيننا وبينهم شىء نتفاوض عليه، عليهم أن يتفاوضوا مع الشعب السوداني.
أنتم طرف الحرب.. فكيف تقول إنه لا يوجد بينكم وبين الجيش ما تتفاوضون عليه؟
الدعم السريع يحمي مطالب الثورة والمدنيين وليس لنا مطالب سوى مطالب الشعب، لذا فالشعب هو طرف التفاوض الرئيس ومطالبه معروفة للجميع على رأسها، تسليم السلطة للمدنيين، استبعاد طرفي الصراع (العسكر) سواء من الجيش أو الدعم السريع عن السلطة وأن يمارسوا مهمتهم الأساسية المهنية المنصوص عليها في كل دساتير العالم، وأنا واحد منهم وحميدتي أيضا والآخرين، وليس لدينا طموحات شخصية بأن نكون في السلطة أو لا نكون، بل نحن نعمل من أجل تلبية طموحات الشعب السوداني الذي يذخر بمختلف الكفاءات في مختلف المجالات، وأي شخص وطني غيور وخدوم سوف نقف خلفه.
هل يمكن أن تشكلوا حكومة غير معترف بها دوليا في المناطق التي تسيطرون عليها؟
ما يهمنا هو أرضنا وشعبنا ولا علاقة للمجتمع الدولي بشؤوننا الداخلية، وتشكيل الحكومة سيكون خيار الشعب ونحن معه إلى النهاية، لا نحمل خيار أي طرف والمشروع الذي نتحرك من أجله هو مشروع الشعب السوداني.
من أين تحصلون على تسليحكم..وهل ترتبطون بعلاقات مع دول خارجية فيما يتعلق بالدعم؟
نحن عساكر والعسكري يحمل السلاح ولا يفهم سوى لغته، ونمتلك سلاحنا من مخازن الجيش الحقيقي، أن ضباط الجيش الحقيقيين لم يقتلوا شعبهم، بل جمعوا أسلحتهم وعتادهم ثم انصرفوا، وهذا ينطبق على كل أنواع الأسلحة بما فيها الطيران والدبابات، فكنا نطرد الجيش والشرطة ونستولي على سلاح الشعب ليكون بيد الشعب بشكل حقيقي، لم نحصل على أسلحة من الخارج ولا نحتاج إلى ذلك، ولا صحة لما يردده البعض عن علاقات ودعم إماراتي لقوات الدعم السريع، وإن دلت هذه الإشاعات فإنما تدل على الفشل الذريع للطرف الثاني.
بحسب حديثكم..أنتم لا ترغبون في السلطة وإنما تريدون إنهاء الحكم العسكري واستبداله بسلطة مدنية يكون الشعب فيها هو صاحب القرار؟
لا شك أننا لا نريد سلطة ولا حرب وأيادينا ممدودة للسلام دائما، لكن يجب أن تكون هناك بدائل للحرب من بينها، تسليم السلطة للمدنيين، محاسبة من ارتكبوا الجرائم بحق الشعب السوداني، هذا بجانب احترام تنوعنا وسودانتنا في أرضنا وديننا.
برأيك.. لماذا يتمسك الجيش السوداني بنتائج مفاوضات منبر جدة وأنتم ترفضونها؟
سواء منبر جدة أو مبادرات الايقاد وجنيف وغيرها، المشروع هو مشروع الشعب السوداني الذي وضع بنوده من قبل ولا يحق لأحد أن يغير مطالب الشعب أو يتفاوض حولها، ولو اسند الأمر إلى شخصي لكي أضع سيناريو للقادم بعد وقف الحرب، فسيكون الأمر عبارة عن سيناريو فيدرالي بين الولايات بما فيها جنوب السودان، وأن نأت بسلفاكير يقود الفترة الانتقالية حتى إجراء الانتخابات وفق قانون المواطنة في دولة تسع الجميع وتحترم شعبها وتنوعه، وأيضا تحترم دول الجوار والعالم.
متى تنتهي الحرب في السودان وأي السيناريوهات تتوقعها؟
الجيش وأعوانه يقولون أنهم على الاستعداد للحرب طوال مئة عام، والدعم السريع يتمنى أن تقف الحرب اليوم قبل غدا.
ما سر فشلكم في السيطرة على مدينة الفاشر؟
معركة الفاشر هي معركة معقدة جدا، لأن الجيش حشد المواطنين المدنيين العزّل داخل المدنية، وأهم أسباب تعقد المشهد هو عدد النازحين واللاجئين بأعداد كبيرة جدا، نحن نتعامل مع هذا الوضع بالكثير من الحكمة لتجنب قتل المواطنيين أو إصابتهم”.
أجرى الحوار/أحمد عبد الوهاب
وكالة سبوتنيك