حاجب الدهشة .. علم الدين عمر .. المنطق والهياج .. وبينهما مشتبهات*

.. أبرز ملاحظات أي مراقب (ضعيف اللياقة) كحالتي هذه الأيام هي وجود حالة من الإستقطاب الأرعن تنتظم الاوساط السودانية بلا وعي ولا مسؤولية في سياق تاريخي نادر لا يشبه الإرث السوداني في السياسة والمباصرة.. حالة ربما تسبب فيها الإنفجار غير المحدود للمشهد السياسي قبل الحرب والذي هدد سلامة الحد الأدنى من الموروث الإجتماعي الوطني الذي رفضت أرضه علي الدوام البذور المحورة وراثياً من عمالة وإرتزاق .. إلا في مناسبات قليلة إبان هيجان ما يعرف بالشرعية الثورية عقب الإنقلابات العسكرية المستلبة بواسطة قوي اليسار الأممي الدموي وتلك الحالة التي أعترت الشارع عقب توقيع ما عرف بالإتفاق الإطاري.. حتي الصراع التقليدي بين المزارعين والرعاة في دارفور.. ورغم كل المرارات والغبائن التي ترتبت علي إخراجه من سياقه المفهوم سرعان ما تكالب عليه المجتمع ولعق جراحه وأكتشف خطل فكرة التلاعب بنسيج المجتمع علي طاولات السياسة.. ولذلك أجدني في غاية العجب من إصطفاف طيف واسع من النخب خلف لافتات التجريم لبعضهم وللآخرين علي مدخل الشارع.. بين السبيلين.. بل بس ولا للحرب .. متناسين الطريق الثالث الذي يقول لا للحرب ونعم لإنهاء التمرد إنطلاقاً من موقف وطني لا يزايد فيه واحدهم علي الثاني لاللحرب ليست هي المساواة بين الجيش السوداني العظيم العريق و المليشا المتمردة ..لا للحرب تعني لا لدعم المتآمرين من الدول والجماعات والكتل لتمرد المليشيا وإستمرار الحرب علي الشعب السوداني.. الطريق الثالث هو طريق الإعلام بلا شك.. حيث تشكل سلطة القلم والصورة والتحليل والتقرير والخبر السلطة الأكثر تأثيراً علي الناس والأحداث وبالتالي لا يجوز أبداً أن نخذل شعبنا بالتجريم وإدعاء البطولة وتوزيع صكوك الوطنية.. لست بصدد الدفاع عن أحد أو موقف بقدر ما أنادي بالموضوعية في الطرح والتوازن في الحكم.. الحرب لن تنتهي بالأماني وتركيب الصور والنقل الكذوب وتكرار خطاب الكراهية والتحريض الإسفيري.. ولن تستمر كذلك بإستعجال النصر والتدخل في الشأن الفني للجيش وعمله وعلمه وتشكيلاته .. لأن المدافعة في هذا الطريق تعني الفوضي.. وتعني إزهاق مزيد من الأرواح البريئة وإراقة المزيد من الدماء الغالية.. علينا جميعاً أن نتحلي بروح المسؤولية والإرادة لنترفع فوق الصغائر والجراحات والثقة في تخطي بلادنا وشعبنا وجيشنا لهذا المنعطف التاريخي علينا أن نعي الدرس ونمضي في برنامج الحوار الوطني إلي جانب الإصلاح الإداري والإقتصادي والسياسي فقد مضي من الوقت الكثير.. وعلي الأحزاب إن بقي منها شيئ أن تنظم صفوفها وتتحسس مواقعها إستعداداً للتدافع السياسي الراشد نحو المسار المدني الداعم لما تبقي من المعركة ولما بعدها وتحسس مسار المصالحة المجتمعية وتحييد القبائل والجهويات لصالح عزل التمرد وإحكام الحصار علي مخاطباته القبلية والمناطقية… الطريق الثالث هو طريق تكريم الشعب السوداني علي صبره الطويل المرير والحفاظ علي نسيجه المجتمعي معافي من دعوات الفتنة وخطاب الكراهية …التغيير لن يكون وليد الصدفة وكذلك الإصلاح لن تلده الدعوات الصالحات.. لا مجال أمام الجميع إلا التوافق علي مذكرة سياسية تقود خطها علي الحد الأدنى من الثوابت الوطنية فقد تكسرت كل نصال التحريض والتآمر والتمكين كذلك علي صخرة الشعب والجيش ..طريق المصالح العليا والدبلوماسية الشعبية التي تبقي علي صدورنا وقلوبنا وأراضينا وأستثماراتنا لكل الشعوب الصديقة والشقيقة ..وبنادقنا كذلك مشرعة للدفاع عنها..
نعود

مقالات ذات صلة