حاجب الدهشة .. علم الدين عمر .. سودان ما بعد الحرب..هام وعاجل ونصف خطير..!
…قرأت ذات مرة لكاتب جزائري .. إن لم تخن الذاكرة ..إنه باستثناء مصارعة التماسيح فإن الكتابة اليومية هي أصعب مهنة في التاريخ ..أما مصارعة التماسيح فلم اجربها ..ولكن الكتابة على خطوط الرمال المتحركة الملتهبة في الحالة السودانية لهو صعب صعب ..رمال السودان هي نهر لا تقطع مياهه مرتين ..
تسربلت الصحافة السودانية بالمواقف والفعل المباشر وكانت ناقلة للأحداث وصانعة لها وجزء منها ..مرت على الإعلام السوداني خلال هذه الحرب مرحلة هي الأصعب في تاريخه ..دمرت السنوات العجاف قبل الحرب البنية التحتية للصحافة والإعلام السوداني حين حاولت بعض القوي السياسية التي سرقت مشهد الثورة فيما عرف حينها (بأربعة طويلة) صناعة نجوم جدد ومنابر جديدة دون تجربة ولا قبول ولا تخطيط ..فشلت في ذلك ولكنها دمرت في سبيله مؤسسات ومنابر كان السودان يدخرها لهذه الأيام وكانوا يضمرون تفكيكها لذلك ..حتي بعض النجوم الباهتة التي حاولت آلة التخطيط الأشتر صناعتها من عشرات السنين قبل المؤامرة تلاشي بريقها يوم أستوزرت وجلست علي طاولات المؤسسات الإعلامية التي عاثوا فيها تخبطاً وفساداً ..سرحوا المبدعين وشتتوا الكوادر ومكنوا لأنصاف المواهب وأرباب السفارات فسقطوا وأسقطوا كل شئ..
أعلم أنه من الصعب جدا الإمساك بتلابيب الفكرة لحدث مضى ..وإن امتد أثره ..ولكن لابد من مصارعة التماسيح تلك…مضي ذلك العهد البائس بخيره وشره وبقيت الصحافة السودانية ومنسوبيها من أهل الوجعة بلا وجيع ..ينافحون عن دولتهم وشعبهم وكرامتهم بكل الممكن وبعض المستحيل ..أمتلأت السماء بالنجوم الزواهر وسقطت أشلاء النيازك المصنوعة ..حيث تقاطعت حبال السياسة والإعلام والعمالة وتمايزت الصفوف ..مصارعة التماسيح هي فعل لا هول له إن أردت الكتابة عن تحديات الصحافة والإعلام السوداني وهو يتقدم الصفوف بلا إمكانيات ولا مؤسسات ولا نصير ومستجدات الأحداث في الساحة كلها تتقافز إلى ذهني ..بلا ترتيب ولا تدبير ..في السياسة والإقتصاد والمجتمع ..
نكتب على حائط الوطن الجريح ..فلا يجد الحاجب عيناً يعلوها ..والمؤامرة تسوق قبائلاً بأكملها ممن يدخرهم السودان لقادمات الأيام والمحن لتواجه بعضها والوطن في معرض السحل المجاني للقيم والموروثات ..
وزرقاء الخرطوم لا ترى شجراً يسير ..بل حشود من كرام أهل السودان ..بلا سواتر ولا كوابح..يسوقهم الغضب الأعمى ..والرأي الأعوج ..للفتنة الكبرى ..
إن لم تجد الدولة بسلطتها وقانونها وخزائنها وارادتها ..والإدارة الأهلية بحكمتها وشيوخها وقادتها ..ترياقاً لنفوس التي شحنت بالغبائن والثأرات ..فلنقم للحزن والألم والإنهيار سرادقاً من خيبة ..ولنرفع (فراش) المفاوضات والحوار السياسي العقيم ..دون فاتحة ..
الآن الفاشر تستبسل بعد أن توحدت إرادة أهل السودان لحمايتها من إجتياح الفتنة التي تهدد سودان ما بعد الحرب..وقوات المشتركة شكلت اللوحة الأبرز والأكثر حضوراً في عزل مرتزقة الشتات الذين تسربلوا بلباس القبيلة ..اليوم عرف أهل السودان هوية العدو الحقيقي ودفعوا ثمن هذه المعرفة أرتالاً من الشهداء
الحشود التي تجمعت على مشارف الإنهيار الآن هي مقدمات مستمرة لشحن وغبن توجهه إرادة خارجية بالكامل لعلها أفلحت في توحيد وجدان السودانيين من حيث أرادت تدميرهم وقد تجمعت قواتها من شياطين الإنس من الذين سعوا للإنقضاض علي العملاق السوداني فقاومهم التاريخ قبل الجغرافيا ..أنتفضت الإرادة السودانية وستعلو فوق جراحاتها وهاهي تتشكل وراء أفق الحرب وعلي آليات المجتمع المدني والدولة أن تتحرك الآن ..الآن من أقصى المجتمع لأدني السلطة للحيلولة دون إنفجار النسيج المجتمعي فهذا أوان الحكمة فقد أوشكت الحرب أن تضع أوزارها وهاهي الخرطوم علي تخوم التحرير ..ويمكنهم العودة بعدها لطاولات الأيادي المخلوعة في القاعات الباردة أو مقاعد التنظير الأشتر علي هوامش الحريق ..
أوشكت معركة الكرامة والتحرير علي النهاية والرئيس يخاطب العالم من المنصة الأقوي الأكثر تأثيراً ومباشرة من نيويورك والجيش ينفتح في كافة المحاور ..وتبقي معركة العقد الإجتماعي هي الأهم .
نعود