خبر و تحليل عمار العركي .. د. أماني الطويل : ماذا يعني سقوط المعقل الأخير للــجيش السوداني؟ الفاشر لن تسقط … وإن سقطت
1. تلقيت العديد من الاتصالات والإستفسارات والتعليق على مقال متداول في الوسائط السودانية بكثافة للدكتورة أماني الطويل حول تطورات الأوضاع بمدينة الفاشر ، ومآلات وآثار سقوطها في يد المليشيا ، وأن سقوط الفاشر – لا قدر الله – بحسب نص ملخص الدكتورة اماني الطويل ( سقوط الفاشر في يد قوات “الدعم السريع” يعني خلق واقع جديد يتعزز فيه موقعها العسكري والسياسي، كما سيزيد من تعقيد الوضع السياسي داخل السودان، وربما يؤدي إلى تغير في بعض التحالفات الداخلية والإقليمية، فضلاً عن تشكيل نقاط تلاق مع بعض المشاريع الدولية في منطقة الساحل الأفريقي).
2. سأختصر التعليق على توضيح بعض المعلومات والمعطيات الواقعية حول ما ورد في المقال.
3. دكتورة اماني ارتكزت على ثلاثة معطيات غير متماسكة لايصال فكرتها الأساسية والإيعازية من المقال ((سقوط الفاشر في يد قوات الدعم السريع وخلق واقع جديد يتعزز فيه موقعها العسكري والسياسي)) حيث ارتكزت على ثلاثة معطيات فقدت فاعليتها العسكرية الميدانية والسياسية الإجرائية حيث (حصار المليشيا للفاشر منذ مايو + اهتمام المبعوث الامريكي بريليو وتنبيهه المُستمر لمخاطر سقوط الفاشر” المروع ” الذي وصفه بالكارثة الإنسانية + “تحالف الألب” بقيادة امريكا) ، وهذه المعطيات من الضُعف بحيث تناقض الفكرة الاساسية لاسقاط الفاشر لان السؤال الذى لم تجيب عليه الدكتورة لماذا لم تسقط الفاشر رغم الحصار الذي استمر خمسة أشهر تخللها 155 هجوم للمليشيا من من جهات الفاشر الأربعة ؟؟ اضافة لوجود عامل يُفترض فيه المساعدة ، والذى اوردته الدكتورة بأن قوات الدعم السريع تسيطر على ولايات دارفور الأربعة والخامسة محاصرة كمعقل أخير للجيش ؟؟؟.
4. ضرب المثل باهتمام ” المبعوث الامريكي وتنبيهاته وتخوفاته ” فقد اتفق غالبية المحللين والمتابعين لاداء الرجل بأنه ضعيف وغير كفؤ يفتقد للحنكة والكياسة وتصريحاته المتناقضة في الادانة الصريحة للمليشيا وتحميلها وزر الجرائم الانسانية ، ويغض الطرف عن جريمة حصار المدنيين المستمرة منذ مايو ورفض المليشيا الخضوع لقرار مجلس الامن برفع حصارها، كذلك مطالبات الامم المتحدة وامريكا ؟؟ مما يفُسر بأن المليشيا ووفق الدعم والسند الدولي والإقليمي المعلوم فشلت في الإيفاء بوعده طيلة الخمسة أشهر ،مما ادخل الداعمين في حرج وارتباك وتخبط بدأ وتجسد في أداء المبعوث الأمريكى .
5. أما مُعطى وركيزة “تحالف الإلب” الذي برز للوجود لمداراة فشل الدعوة الأمريكية لمفاوضات “جنيف الإنسانية مجازاً” ،فلا أثر او تأثير له على الأرض خاصةً بعد المرونة والإيجابية التي ابدتها الحكومة السودانية بفتح معبر “أدري” لمدة ثلاثة شهور – رغم يقينها باستغلاله لدعم المليشيا – وهذا يحسب في خانة السيطرة والتحكم وليس خانة الضعف والإبتزاز ، وذهبت الحكومة أبعد من ذلك بالشروع في فتح معبر دنقلا وإبدائها الإستعداد لفتح أى معبر آخر.
6. اما (استباق الدعم العسكري الروسي في الوصول إلى الجيش السوداني، خصوصاً التسليح الجوي)، فقد فات الفوات على هذه الفرضية قبل فترة ، ومعلوم للجميع وصول الدعم الروسي بكل اشكاله بما فيه الجوي والذي ظهرت نتائجه في المليشيا وسقوط المئات بل الألاف منهم على اسوار وتخوم مدينة الفاشر بحسب توثيقات وفيديوهات وتصريحات قيادات وافراد المليشيا أنفسهم .
7. رغم هذا ، فلنفترض جدلاً فرضية سقوط الفاشر ، حتى نُبين ونوضح عدم دقة ما ذهبت اليه الدكتورة من أسباب ومآلات محلية واقليمية ، اولها (أن الصراع المُسلح في دارفور نتاج لصراع الاسلاميبن ومفاصلة الترابي البشير) ، هذا غير دقيق لأن الصراع المُسلح كان سابق لحكم الاسلاميبن في نهاية حكم الرئيس المغفور له المشير جعفر نميري ، وبنسبة كبيرة كان النزاع حول الموارد والرعي والزراعة والحواكير والتطور الى ما عُرف محلياً (بالنهب المُسلح).
8. السقوط الذي يؤدي إلى (السيناريو الليبي) بالنظر إلى تباين البئة الإجتماعية و السياسية والمكونات القبلية بين شرق ليبيا ، ودارفور ، خاصةً في فى الوضع الراهن الذي فقد فيه الدعم السريع سند ودعم حواضنه القبلية الرئيسة والمكونة لنسيجه القبلي نتيجة لتغول العنصر الأجنبي المرتزق على العنصر القبلي المحلب ، اضافةً الى توجد واصطفاف كل المكونات القبلية الدارفورية الافريقية والعربية المتضررة والتي وعت مؤخراً الى خطة التخلص منها ومحوها لإقامة دولة العطاوة وعرب الشتات تحت لافتة كيان ، كان ثم تلاشى باسم (قوات الدعم السريع).
9. اما الفصائل الدارفورية المتحالفة مع الجيش التي تجرب المجرب ، ولن تعود إلى حيث هي اقبلت منه ، فهذه الحركات خاضت تجربة الإستقواء بالاقليم والخارجية ليس من “اجل البقاء والوجود” ولكن كان من اجل التهميش وقسمة الموارد والسلطة ، وخاضت تجربة مريرة فاختارت طريق السلام والحوار الذي قاد إلى التحالف الحالي رغم مظالم التهميش والسلطة والثروة ، وذلك لأن العدو هذه المرة واحد ومشترك يستهدف الوجود والبقاء بتأمر وتدبير أجنحة اقليمية كانت في السابق تستقوى به ، فهل يعقل بعد سقوط دارفور أن ترمي الحركات المتحالفة مع الجيش بنفسها في أحضان ذات الأجنحة الإقليمية المتربصة؟؟
10. الفقرة اعلاه تنقلنا مباشرة لتناول الدكتورة اماني الطويل لمسألة الزغاوة ، والقبائل الإفريقية الدارفورية ، وفرضية تحالف الدعم السريع – بعد اسقاط الفاشر – مع الرئيس التشادي ضد الزغاوة هنا وهناك .. الخ ، هذه الاحتمالات كانت واردة في السابق ، ولكن هذه الحرب غيرت في كثير من القناعات والموروثات البينية المشتركة في البلدين ، فمن كان يظن بان ًكاكا” الابن يهدم موروث الأب الزعيم “ديبي” ويغدر بقبيلة والده الذي حكم بها تشاد استقراراً وسلاماً ، ويتحالف مع عدوه اللدود (الدعم السريع وعرب الشتات) ، فالقراءة الحقيقة بأن “كاكا” في مأزق شعبي تشادي ، لا قبلي زغاوي ، كذلك قوات الدعم السريع سابقاً ، المليشيا والمرتزقة الأجنبية والإقليمية حالياً امام رفض ومقاومة دارفورية متصاعدة امام غزو خارجي ، ليس تمرد داخلي لذلك … لن تسقط – بعون الله – وإن سقطت.