الكرامة .. تحليل :علم الدين عمر*
*بشر بمشاركة عاصفة في الجمعية العامة للأمم المتحدة..*
*الجنرال المحنك يقتنص الفرصة* …
*البرهان يردا علي بيان الرئيس الأمريكي في سابقة برتكولية..*
*أدخل مفهوم دعم وتمكين السلوك المدمر للمليشيات ..*
*انتزع من بين حروف الإعتراف الأمريكي تقدماً سياسياً ودبلوماسياً للسودان*
.. *حفل* بيان رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رداً علي بيان الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي لم يجد بداً وهو يتأهب لمغادرة البيت الأبيض بصورة نهائية منتصف نوفمبر المقبل من مخاطبة الوضع في السودان بالكثير من النقاط والإشارات التي تتسق مع تطورات المشهد السوداني في كافة المسارات حيث حلل خطاب البرهان البيان الأمريكي فيما يشبه السابقة البرتكولية في تاريخ السودان ..
*إذ لا* تستحضر الذاكرة السودانية أي بيان بهذا المستوي العميق في الشكل والمضمون .. *فالرئيس* البرهان يبدو أنه أنتهز هذه الفرصة التاريخية لتوديع رئيس أمريكي منتهية ولايته ويحاول فيما تبقي له من أيام قلائل علي الطاولة البيضاء التأثير علي مؤسسات تشكيل القرار الأمريكية حتي لا تقع بين أنياب خلفه اللدود دونالد ترامب الذي تمكن من الإطاحة به من السباق الرئاسي وأعاد للأذهان ذكري فترة رئاسة الحزب الجمهوري السابقة ..الصاخبة ..شديدة التوتر والخطورة علي مستقبل الكونفدرالية الأميركية بشكلها القديم …
*أمسك* البرهان بتلابيب البيان مؤمناً علي صحة ما ذكره الرئيس بايدن بشأن الهجمات الممنهجة واسعة النطاق التي تشنها مليشيا الدعم السريع علي عاصمة دارفور التاريخية مدينة الفاشر.. *مذكراً* في ذات الوقت بأنها لا تشكل سوى جزء بسيط من الفظائع التي إرتكبتها المليشيا في أجزاء أخري من السودان .. *وهو* بذلك إنما ينتزع من بين حروف هذا الإعتراف الأمريكي موقفاً وطنياً صلداً يجعل من الدولة السودانية بشقيها المدني والعسكري في حالة تقدم سياسي ودبلوماسي قوي ..
عبر عنه بمضي القوات المسلحة السودانية وفق هذه الإشارات بثبات في الإلتزام بمبادئ القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين كمؤسسة مسؤولة عن ذلك بموجب عقيدتها وقانونها وواجبها وأعراف المجتمع السوداني المعنية بالمحافظة عليه وعلي تراثه علي عكس المليشيا التي أظهرت (بشهادة بايدن وإقراره) إستهتاراً تاماً بحياة الإنسان والبنية التحتية المدنية والتراث الثقافي القديم للسودان ..فيما بدا كمخاطبة مباشرة للمؤسسات والمنظمات التي خاطبها بايدن من الأصل ..
*ومضي* البرهان لضرورة عدم إكتفاء المجتمع الدولي بإدانة هذه الجرائم بل طالبه بمحاسبة الدول التي تواصل دعم وتمكين السلوك المدمر للمليشيات وفي ذلك تجاوز مقصود لمفهوم الدعم المتعارف عليه والمتمثل في الإمداد اللوجستي والفني والتخطيطي لفكرة إقرار المنهج التدميري للدولة السودانية وإمضاء مخطط تفكيكها بإعتبار الحرب الحالية مجرد مرحلة من مراحل هذه المؤامرة المتدرجة ..مما يعكس فهماً عميقاً من القيادة السودانية لطبيعة المعركة ومترتباتها ومآلاتها ..
*قبل* أن يودع الرجل رسالته في السانحة الأخيرة لبريد الرئيس بايدن وفريقه قبل أن يغادروا بأن الحكومة السودانية..التي لا تنفصل عن قواتها المسلحة تظل منفتحة علي كافة الجهود الرامية لإنهاء هذه الحرب ( *المدمرة* ) ..هكذا وصفها البرهان ..وهكذا أراد لها أن توصف وهي علي إستعداد للعمل مع جميع الشركاء سعياً للتوصل لحل سلمي يخفف معاناة الشعب السوداني ويضع البلاد علي طريق الأمن والإستقرار وسيادة القانون والتداول الديموقراطي للسلطة .. *ثم أكد* أنه سيعمق المناقشات في هذا الشأن مع المسؤولين الأمريكيين خلال مشاركته (العاصفة) الحافلة بالكثير المثير الخطر في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع القادم ..
*وبذلك* تكون الحكومة السودانية قد تقدمت بخطوة واسعة ومباغتة في مستوي التفاعل مع الأحداث المتعلقة بالشأن السوداني حيث *فوجئت* الأوساط ببيان رئيس مجلس السيادة القائد العام المرحب المناقش ..المترجم للغة الإنجليزية رداً علي مخاطبة الرئيس بايدن .. *الأمر* الذي سينقل زيارة الرئيس البرهان لنيويورك لما هو أكبر وأكثر تأثيراً من المشاركة البرتكولية العادية في إجتماعات المنظمة الدولية إذ يتوقع المراقبون حشد المؤسسات الأمريكية المختلفة لخبرائها ومنظريها للدخول في سيل المناقشات التي سوق لها *الجنرال* الأكثر دهاءاً وخطورة بالنسبة للمصالح والعلاقات الأمريكية في المنطقة هذه الأيام فالرجل أوقع المؤسسات الأمريكية برده علي البيان في حقل الأشواك المزهرة وهو يخاطب مصالحها بذات لهجة مخاوفها .. *خاصة* بين يدي الصراع الإنتخابي الساخن الذي ينتظم دوائر الشعب الأمريكي .. *وربما* تتسابق الحملات الإنتخابية للجمهوريين والديموقراطيين علي حد السواء للإستماع للرجل وبالتالي ينجح الجنرال المحنك في إقتناص الفرصة التي قد *تغير* مجريات الأحداث في السودان.