خبر وتحليل عمار العركي .. الدعم الاماراتى لأثيوبيا والقاعدة العسكرية المصرية في جيبوتي
1. مواصلةً لقراءتنا التحليلية لتطورات الأوضاع وتسارع الأحداث الإقليمية ذات التأثير المباشر على السودان ، جراء الدعم الإماراتي الإستراتيجي لدولة أثيوبيا ومليشيا الدعم السريع ضد السودان ومصر.
2. الدعم الإماراتي يتم وفق تصورات و سيناريوهات مختلفة يستهدف وجود الدولة السودانية ، ويهدف لترويض وتركيع الدولة المصرية كدولة مُعيقة وعقبة أمام المشروع (الأمريكي الإسرائيلي الإماراتي) بالمنطفة وإعادة رسم خارطتها بما يتماشى مع مصالح و اطماع و استحواذ تلك الدول.
3. كنا قد فصلنا في اشكال هذا الدعم الإماراتي الذي جعل من أثيوبيا تتحدى و تتعدى على مصر وتهدد مصالحها الإستراتيحية وأمنها المائي والقومي.
4. بلغ التهديد ذروته لمصر والمنطقة عقب ابرام اثيوبيا اتفاقيات مع الإقليم الصومالي الانفصالي (صومالاند) غير المعترف به ، والذي صاحبه تصعيد اثيوبي قولي وفعلي متنامي ضد مصر والصومال.
5. على ضوء ذلك وبعد أن استشعرت مصر خطورة الوضع ، نفضت الغبار عن كرسي تموضعها ونفوذها بالمنطقة وقامت بتحركات وإتصالات دبلوماسية رئاسية وعبر وزارة الخارجية والمخابرات المصرية.
6. تمكنت مصر في زمن وجيز قلب الطاولة على أثيوبيا بتحييد دول الطوق الأثيوبي وابرام اتفاقيات سياسية وعسكرية وامنية مع السودان ، اريتريا ، الصومال ، جنوب السودان.
7. قمة الصدمة لأثيوبيا و المفاجأة للدول الداعمة لها ومناوئة لمصر جاءت من جارتها ( جيبوتي )، فبحسب الإعلان الرسمي تم تفعيل البروكول الخاص بمنح مصر قاعدة عسكزية لوجستية وذلك بموجب مذكرة التفاهم السابقة والموقع عليها من قبل رئيسي البلدين في فبراير 2023م .
8. هذه الخطوة لها العديد من الدلالات والمؤشرات التي تجعل مصر متواجدة بشكل دائم على البحر الأحمر وتدور في المحيط الأثيوبي والفلك الإقليمي ، محققة اختراق ونفوذ لم تحققه حتى وهي في قمة نفوذها وتموضعها ، وهو ما عجزت، وتعجز عن تحقيقه كل من الامارات والسعودية.
9. ستستفيد مصر من تموضع جيبوتي وموقعها الإستراتيجي حيث تقع على الشاطيء الغربي لمضيق باب المندب، وتحدها إرتريا من الشمال، وإثيوبيا من الغرب والجنوب، والصومال من الجنوب الشرقي، وتطل شرقًا على البحر الأحمر وخليج عدن.
10. تعتبر أول قاعدة عسكرية مصرية خارحية ، تتيح لها التمركز والتواجد على الحدود الأثيوبية، والإطلالة الدائمة على مضيق باب المندب حيث تكون عين على قناة السويس والعين الأخرى على.قاعدتها العسكرية البحرية ( بريتس) المقامة منذ العام 2020م، والمطلة على البحر الأحمر والمعنية بتأمين جنوب مصر براً وبحراً.
11. هذا الحضور المصري بمثابة تموضع بشكل إستراتيجي شامل النواحي وواسع النطاق عسكرياً ، استخبارياً ، سياسياً ، إقتصادياً …الخ.
12. بذلك تكون مصر الدولة السابعة التي تنضم ( لنادي اللعيبة الدوليين الكبار ) الفائزين في ماراثون القواعد العسكرية في جيبوتي من بعد امريكا، الصين،فرنسا، اليايان ، ايطاليا ،اسبانيا.
13. هذا الحضور الافروشرق اوسطي الوحيد في مسرح البحر الأحمر لتأمين مصالح القوى الدولية المهيمنة والنافذة يمنح مصر مكانة دولية وأفضلية وأحقية في مسألة (أمن البحر الأحمر ) كدولة مشاطئة اضافة الى تموضعها الجديد في جيبوتي عند باب المندب الذي يُعد بوابة البحر الأحمر الجنوبية التي تكشف من بحر العرب وخليج عدن إلى كامل البحر الاحمر.
14. منح مصر ميزة الحضور المباشر والتأمين اللصيق لمنابع النيل بما يغير في كفة الصراع لصالح دول المصب (السودان ومصر) ضد دول المنبع التسعة خاصة الستة الموقعة على اتفاقية “عنتبي” المرفوضة من السودان ومصر.
16. لا نستبعد من خلال المستجدات الأخيرة والجهود المصرية أن تتراجع جنوب السودان عن توقيعها الاخير الذي منح الاتفاقية الشرعية القانونية والإجرائية في التطبيق.
17. فبالتالي ستخلق مصر نوعاً من التغيير في الحيوسياسية الخاصة بالإمارات و بأثيوبيا واسرائيل والتكتل الغربي المناويء لمصر او أي قوى أخرى ، بما يمكن مصر أن تكون الرقم الجديد في المعادلة وميزان القوى وانشاء تحالفات إقليمية لإفشال مخطط الحرب الإقليمية.
18. بذلك تكون مصر قد قفلت الطوق حول رقبة أثيوبيا عند شريان الحياة الوحيدة لديها – جيبوتي – وإن كانت نوايا اثيوبيا حسنة والغاية سليمة لتواضعت وقبلت بالعرض الجيبوتى الذي أعلن عنه وزير خارجية جيبوتي (محمود علي) بأن بلاده عرضت على إثيوبيا إمكانية إدارة كاملة لأحد الموانيء شمالي البلاد بغية خفض حدة التوتر المتصاعد في المنطقة.
*خلاصة القول ومنتهاه:-
ظلت مصر ومن خلال ثقلها السياسي والإقليمي التاريخي وبمخابراتها ممسكة بكل كروت اللعب في المنطقة و السودان و(مفاتيح الحلول) نتيجة لطبيعة العلاقة وفهمها وقراءتها الصحيحة لحقيقة الأوضاع ،والعقبة الوحيدة في طريقها هي نفوذ التدخلات الخارجية والإقليمية.
▪️تطورات الاوضاع تُحتم على السودان التركيز والقراءة المنطقية والواقعية للوضع الراهن الذي يقول أن (مصر) مواجهة بمؤامرة مدعومة ومسنودة أخطر من التي مر بها السودان.
*الآن جاء دور دعم مصر إقليمياً باعتبارها صمام آمان المنطقة ، فعلى السودان رغم ظروفه، والصومال رغم وضعه، واريتريا رغم حصارها ، وجيبوتي في التحالف مع مصر والوقوف معها، ففي الاتحاد والتحالف قوة وتكامل للادوار ، لأن الامارات ومن خلفها لا يستأسدون إلا على الدول القاصية.