د.بشير احمد محي الدين يكتب حلقات تاريخية عن التيه العظيم….. ثمانية أيام بعد كرري : وما حدث بعد كرري ودور الجعليين في ازمة فشودة
▪️في فترة وقوع معركة كرري اي ما بعد الجمعة 2 سبتمبر 1898 وما تلاها من ايام نحكي.
▪️فقد رجع الخليفة عبد الله من ميدان المعركة في الساعة الثالثة مساءاً إلى بيته بعد ان أيقن هزيمة جيشه ، جلس واكل عسل بسمن وأمر بنفخ امبايا ايذاناً بأن المعركة الثانية ستكون داخل ام درمان- التي كانت تتعرض لقصف من مدفعيه الهاوزر التي انزلت في توتي بعد الاستيلاء على طابيتها التي كان يقودها ود برتي – القصف طال قبه المهدي والسور-.
▪️لم يستجب احد لنداء امبايا فقد كان الهلع سيد الموقف والجيوش تتقدم عن طريق خور شمبات – بعد انسحاب عثمان دقنه منه- الكتيبة العاشرة سودانية كانت في راس السهم المهاجم هدفها القبض على الخليفة حياً.
▪️ركب الخليفة حماره الابيض المزين وخرج عن طريق ابو سعد- فقد جاء بحمار اجرب كما وصفه سلاطين وخرج بحمار دايراوي ابيض مزين- احتلت ام درمان وخرجت قوة بقيادة سلاطين والعرب الاصدقاء والكتيبة العاشرة تطارد الخليفة وركبه الصامت.
▪️يوم الخامس من سبتمبر1898 وصل قرية شقيق الماجديه- شمال الدويم وجنوب ام درمان- وصلت القوة المطاردة الشقيق وجدته غادرها بيوم نحو سهول كردفان.
▪️معلومات الاستخبارات التي ترد بكثافة بأن الخليفة سيهاجم ام درمان لذلك امر النقيب كتشنر الصغير- ابن اخت السردار كتشنر- ان يتحرك بالبارجة الحربية سلطان ويمشط النيل الازرق حتى الدويم والهدف منع أي امداد من اتجاه شرق النيل الابيض خصوصاً وأن الامير أحمد فضيل خرج بقوة قوامها اربعة الف ليدعم الخليفة- فزع من القضارف-
▪️نقف هنا والمشهد الخليفة هائم على وجهه يواجه غارات الاهالي ولا يلتفت بل متقدم نحو سهول شرق كردفان ويقل عنده الماء والزاد ويحمل عدد من الجرحى ومعنوياته منهارة تماماً.
▪️كان الخليفة ارسل حمله لمواجهة السواحين البيض- الفرنسيين في فشودة- قاد الحملة الأمير سيد صغير الجعلي الكليابي والامير احمد جمال الدين الجعلي النفيعابي عامل شات والامير البيتي التعايشي واشتبكوا مع الفرنسيين بقيادة مارشاند جان باستيت الشهير في الادبيات التاريخية بمارشند. ▪️لم يفلح سيد صغير الذي معه باخرتين صافية وتوفيقية وعدد 500 رجل في هزم السواحين البيض الذين تمركزوا في مباني قلعة المديرية القديمة وفتحوا نيران كثيفة في مواجهة المهديين .
▪️استقر رأي سيد صغير على طلب المدد وتحرك بالباخرة ذات الدواليب التوفيقية نحو ام درمان في نفس الوقت كانت البارجة المسلحة سلطان تجوب النيل الابيض- لم تتوافر معلومات تاريخية عن مقابله البارجة بالباخرة والمرجح انها مضت بسلام حتى مشرع الموردة في ام درمان ولم ترصدها قوات سلاطين والكتيبة العاشرة ايضاً وهذا لعمري أمر غريب.
▪️وصل سيد صغير في حوالي السادس او السابع من سبتمبر1898 مشرع الموردة وكتشنر يوسع في دائرة تأمين ام درمان ولم يلاحظ عبور الباخرة توفيقية إلى ام درمان لتربط في مشرع الموردة ونزل الامير المهدوي ييد صغير ليقابل الخليفة الذي هرب من ام درمان ولم يدر بخلد سيد صغير ان كرري وقعت وهزم سيده الخليفة المطارد.
▪️على الفور اعتقل وقدم للجنرال ونجت باشا الذي بدأ في استجوابه فوضح ما كان يقوم به من قتال سواحين بيض في اعالي النيل الابيض. لم يفهم قصده لكن ونجت بذكاء طلب منه رسم علم السواحين في ورقة ، رسم سيد صغير علم فرنسا، الدهشة والقلق ساد المكتب أنه تدخل فرنسي وعلى الفور شغلت خطوط التيلغراف بين ام درمان القاهرة والقاهرة لندن ولندن باريس وام درمان لندن وفي كل مرة تظهر معلومات جديدة فبقية جيش المهديين في مشرع غرازات الكلاب- شمال فشودة- ومعهم الامير احمد جمال الدين والبيتي التعايشي والباخرة الصافية- وقواتهم في انتظار المدد مدفعية وذخائر ورجال وذرة.
▪️على الفور امر كتشنر بالتحرك بعدد 10 بوراج حربية والكتيبة العاشرة السودانية- اشرس كتيبة في الحملة- وقرر التحرك بنفسه ومعه ونجت والميجور جاكسون- مدير فشودة فيما بعد- وترك ماكسويل قائداً في ام درمان وامر الجنرال هنتر لاحتلال ابو حراز مدني سنار الروصيرص ما عرف في الادبيات التاريخية بحملة النيل الازرق والتي واجهت حيش أحمد فضيل في جزيرة الداخله جنوب الروصيرص.في يوم العاشر من سبتمبر وصلت البوارج الحربية تخوم مديرية فشودة واعتقلت ما تبقى من جيش الخليفة وبدات ما عرف في الادبيات التاريخية ازمة فشودة.
▪️الغريب أن الميدان صغير والحركة العسكرية كانت كثيفة ( كلها ثمانية ايام فقط).
ملاحظة: العقيد ماكسويل كان أسوأ ضباط الحملة كان يعامل الجنود السودانيين بقسوة مبالغ فيها وبسببه وقع تمرد 1900 الشهير ، نحكي عنه إن كان في العمر بقية.
…… نواصل