عثمان جلال يكتب/ رسالتي إلى قيادات التيار الاسلامي الوطني

(١)
الرؤية هي الحلم المثالي العظيم الملهم للمجتمع ، والرؤية والرسالة والقيم تشكل تحديات ووقدات إلهام يضعها القادة والخبراء لحفز المجتمع على بذل الجهد الفكري والتضحيات للعبور إليها . هكذا كان دأب القادة العظام عبر التاريخ
فلما ضاقت مكة والمدينة على الطليعة الاسلامية الاولى حتى بلغت القلوب الحناجر كان النبي صلى الله عليه وسلم بالمرصاد محفزا ومذكرا الصحابة ببشارات الرؤية وفيوضات الفتوحات الكبرى ، الله اكبر فتحت لي حصون كسرى وخيبر والله ليبلغن هذا الدين حتى يسير الراكب من عدن إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه.
بل حتى النبي صلى الله عليه وسلم عندما تعتريه حالات اليأس البشرية فعلك باخع نفسك على آثارهم تأتيه بشريات الرؤيا الربانية كما في ترميزات رحلة الإسراء والمعارج ثم يعود وهو اكثر يقينا وثباتا وتفاؤلا ببشريات الانتصار
فهذا الدين عزيز نفيس في مراحل تنزلاته وأطواره (كلا انها تذكرة فمن شاء ذكر في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة) ولذلك يجب أن يكون حملته بذات العزة والنفاسة والنبالة، هكذا كان قادته أمثال ابوجعفر المنصور ياسحابة شرقي وغربي أينما تمطرين يأتيني خراجك، وطارق بن زياد ، يابحر لو علمت ان خلفك أقوام لخضك مبشرا بدين الله.
(٢)
خلال الحرب الكونية الاولى والثانية كان قادة دول المحور والحلفاء يخططون لمرحلة ما بعد الحرب ، خطة مارشال لاعادة اعمار اوروبا، تجربة التخطيط في اعادة اعمار ألمانيا، بروز خبراء مدرسة الجودة في اليابان وامريكا وفي طليعتهم ديمنج وجوران وكروسبي. ايشيكاوا.
لقد كان التخطيط الاستراتيجي والتشغيلي المحرك لإعادة اعمار اليابان واوربا وإلمانيا بتعبير الخبير الاستراتيجي الالماني جيفري ديفندورف. وبثمارها تعرفون النتائج فألمانيا الاقتصاد الأول في اوروبا، واليابان الاقتصاد الثالث في العالم.
ان التخطيط والتخطيط الاستراتيجي لسودان ما بعد حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣م ينبغي ان يكون هو الشعار لصناعة مشروعات النهضة الوطنية الشاملة.
(٣)
إن حرب آل دقلو الارهابية طالت كل بنية ومؤسسات الدولة السودانية العامة والخاصة وقد دمرت الاقتصاد الوطني الذي تراكمت عليه النوازل منذ الازمة الاقتصادية العالمية الثانية ٢٠٠٨م، وخروج البترول من الدورة الاقتصادية بعد انفصال الجنوب يوليو ٢٠١١م ،والعقوبات الغربية والامريكية وجائحة كورونا وما أفرزته من اختلالات في الاقتصاد العالمي والوطني وفشل الحكومة الانتقالية بعد ثورة ديسمبر ٢٠١٨م في ادارة الازمة الاقتصادية، ثم حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣م.
ان من ايجابيات هذه الحرب ان كل المجتمع السوداني قد تداعى في جسارة ونبالة بالمال والنفس لمناصرة الجيش السوداني في معركته الوجودية وهذا التداعي المجتمعي الجسور وقدة بشارة للانتصار في ميدان المعركة العسكرية وإلهام لتأسيس النظام الديمقراطي المستدام وصناعة النهضة الاقتصادية والثقافية والمجتمعية وركيزتها وشعارها المجتمع القائد.
ثقتي ان هذه الحرب بكل مأسيها ومخازيها ستكون آخر النوازل والحروب في السودان.
(٤)
كل تحولات حركة الاسلام الكبرى منذ التأسيس ارتكزت على التخطيط الاستراتيجي والتفاعل مع المجتمع من التحول من جماعية صفوية الى حركة مجتمع تنشد التربية عبر التدافع الفكري والسياسي مع الأخر المغاير والمناقض لها.
ثم مرحلة المصالحة مع النميري عام ١٩٧٧م وكان شرط حركة الإسلام في التوقيع خلوا بيننا وبين الناس.ثم مرحلة الانفتاح الكبير خلال تجربة الجبهة الاسلامية القومية ١٩٨٥م.
ثم مرحلة النضج بعد ثورة ٣٠ يونيو ١٩٨٩م والتي كان مهادها الاستراتيجي مؤتمرات الحوار الوطني الشامل أغسطس ١٩٨٩م
(٥)
إن رسالتي المقتضبة لقيادات التيار الاسلامي الوطني بكل تمثلاته التنظيمية تتجلى في ضرورة تشكيل لجنة من الخبراء تكون بذرة لمشروع الوحدة الاستراتيجية وتجمع كوادرها بين التأهيل المهني والعلمي وتراكم وثراء التجارب العلمية والعملية سواء على المستوى الوطني والعالمي ووظائف هذه اللجنة التخطيط الاستراتيجي والتشغيلي لمرحلة ما بعد الحرب وذلك وفق الاولويات التالية :
١/ وحدة التيار الاسلامي الوطني، فالمفاصلات أحالت تجربة الانقاذ إلى مشروع سلطة يدار بالعقل التكتيكي ونتائجه انفصال الجنوب، وسقوط التجربة ، وصعود شلة العملاء قحت/ آل دقلو، مما ادى الى استلاب الدولة السودانية من الخارج الذي وظف جوقة العملاء لتدمير الدولة السودانية.
٢/ العمل على تشكيل الكتلة التاريخية الحرجة والتي تضم كل شركاء وشرفاء الوطن للتوافق حول الثوابت الوطنية وقضايا البناء الوطني والديمقراطية المستدامة
٣/ إعادة الاعمار مع استصحاب التجارب الإقليمية والدولية الناجحة
٤/ رتق النسيج المجتمعي وصيانة اللحمة الوطنية من صراع الهويات القاتلة واستصحاب التجارب الإقليمية والدولية في التعافي والوئام الوطني
٥/ حفز المجتمع السوداني للتداعي والمشاركة في ملحمة إعادة الاعمار
٦/ حفز أصدقاء وشركاء السودان من الدول والمنظمات ومؤسسات التمويل على المشاركة في إعادة وتأهيل قطاعات الاقتصاد السوداني
هذه هوادي عامة نأمل تنقيحها بالإضافات،وتنزيلها مفصلة في أوراق متخصصة وتعهدها بالعصف الذهني والمخرجات البناءة والعملية القابلة للتنفيذ.

الاحد: ٢٠٢٤/٩/٨م

مقالات ذات صلة