عمار العركي يكتب : البعد السياسي للدعم الإماراتي لاثيوبيا هل يحقق توقُعنا قبل عام ونصف بأن : ( السيسي مصر سيواجه بمصير بشير السودان إلا إذا ؟ 2-2
▪️نوالي ما ابتدرناه في الحلقة السابقة ، والتي كنا قد تناولنا فيها العلاقات المصربة الاماراتية في ظل (التحالف العربي) ، وما اعتراها من بروز نفوذ وتموضع اقليمي اماراتي ، خصماً على نفوذ وتموضع (مصر) التاريخي.
▪️اوضحنا بأن السيسي وبمقابل الدعم الإقتصادى الخليجي قدم كثير من التنازلات السياسية التى أضرت ولازالت تضر بمصالح مصر الإستراتيجية فى السودان والمنطقة لصالح اثيوبيا المدعومة من الإمارات دعم إستراتيجي مُقدر ، مما جعل السيسى ومصر في وضعية شبيهة بوضعية البشير والسودان
▪️خاصةً في ظل تواصل الدعم الإماراتى لأثيوبيا وما طرأ من تطورات ومستجدات على مستوى العلاقات الاثيوبية المصرية الصومالية :-
1. سارع السيسي بالإنحياز الكامل ضد قطر بالرغم من التبرير المصري بوجود تهديد قطري مسبق قبل نشؤ التحالف – ودارت مصر في فلك “المقاطعة ثم الحصار ثم المصالحة” بحسب دوران السعودية والإمارات، إيفاءاً بتنازلاتها السياسية وتموضعها الاقليمي مقابل الدعم والانعاش الإقتصادي ، مقارنةً (بالبشير) الذي إلتزم الحياد تجاه قطر بالرغم من كل الضغوط الاقتصادية المتدرجة التي مورست عليها- خاصةً بعد الخلاف السعودي الاماراتي في اليمن الذي افضى إلى خروج الإمارات من جنوب اليمن وعزوفها عن الصرف على الحرب – حتى وصلت مرحلة ايقاف الدعم تزامناٌ مع بداية انفجار الأوضاع الداخلية في السودان.
2. الإمارات إستغلت هذا الوضع واستثمرته لمصلحتهاو في ظل – صمت إجبارى للمصلحة المصرية – وتخلصت من عبء (البشير) وإسقاطه بعد إضعافه اقتصادياً وشيطنته سياسياً، وصعود أصدقائها بما فيهم “دائرة البشير القريبة” الموالية لها مُسبقاً.
3. الآن السيسي مواجه بذات مصير البشير في ظل تزايد الضغط الخليجي عليه نتاج تنامي الخلافات السعودية الإماراتية وبروزها للسطح بعد ان كانت مكتومة ، ومساعي كل طرف لبناء تحالفات شخصية جديدة – بمغازلة قطر “العائدة” أو تحييدها ، وكسب ولاء “مصر” الحائرة – مطالب بتحديد موقفه من قطبي الخلاف حول القيادة والزعامة الخليجية العربية ، اما السعودية بثقلها السياسي ، واما الإمارات بثقلها الاقتصادي ؟ حيث لا ينفع الحياد الذي أضر بالبشير.
4. بدأت في مصر “التململات” الداخلية الشبيهة بالتململات السودانية بدايات الإحتجاجات التي ادت الى الثورة والتغيير بدعم اماراتي كبير بتوسيع نطاق دائرة الضائقة الإقتصادية (انخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، ارتفاع الأسعار ، ازمة الكتلة النقدية، ارتفاع معدلات التضخم ….الخ) مع فشل كل الحلول الإسعافية لإقتصاد يعتمد على الدعومات والمساعدات والقروض بنسبة كبيرة حتى بلغت الديون قرابة ال 160 مليار دولار ، في ظل تطبيق شروط البنك الدولي القاسية التي ستزيد “الطين بلة”.
5. واصل السيسي تقديم التنازلات “للإمارات” مقابل الإقتصاد ، تنازلات أضرت بمصالح مصر السياسية في المنطقة العربية والإفريقية ، مقابل دعم إقتصادي وعسكري اماراتي لأثيوبيا ضد مصر بشكل مباشر، وعلى سبيل المثال وليس الحصر نورد الدعم الاماراتي التالي :
6. في العام 2018 دعم بمبلغ 3 مليار دولار ، وفي العام 2019 وقعت الامارات اتفاقية تعاون ودعم عسكري مع اثيوبيا ، و استثمرت الامارات في 56 مشروعاً اثيوبياً في مجالات الزراعة والصناعة والحفر والتعدين والعقارات والصحة والفنادق.
7. في 11نوفمبر 2020م اعلن عبد الله بن زايد وزير الخارجية الاماراتي أن الامارات تحرص على امن واستقرار اثيوبيا، بعدها اعلنت شركة (يورب اير) الاسبانية أن الامارات دعمت اثيوبيا عسكرياً.
8. وفي الفترة من 27 اكتوبر- 2 نوفمبر 2023م تسلمت أثيوبيا شحنة ضخمة من مركبات مدرعة من الامارات من طرازcalldus mcav-2.
9. وصلت اثيوبيا عبر طائرات c17 ، c130 التابعة لسلاح الجو الاماراتي ، 24 شحنة من قنابل الطارق وانظمة متطورة تتميز بمدى من 50 الى 200 كيلومتر .
10. في ديسمبر 2023م تم رصد ثلاثة رحلات لطائرات اماراتية “نيو واي كارقو”و “c17″ أقلعت من مطار ابوظبي وهبطت في مطار هرر ميدا العسكري الأثيوبي.
11. قدمت الامارات دعم مالي لاثيوبيا مكنها من تحديث منظومة جيشها الدفاعي ، وتحصلت على منظومة بانستراس الروسية للدفاع الجوي لتستخدمها فى حماية وتأمين سد النهضة.
12. ونحن في خواتيم اعداد هذا المقال طرأ مستجد آخر بأن قررت اثيوبيا قررت غلق بوابات سد النهضة، ما يعني وقف تدفق المياه لمصر والسودان واستمرار التخزين الخامس الذي يجري حاليا بدون تنسيق مع مصر والسودان ، مما دفع بالخارجية المصرية مخاطبة مجلس الأمن الدولى بخصوص الغلق والحجز الأثيوبى للمياه والذى وصفته في خطابها بانه ” استمراراً للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم الذي تطمح أغلب دوله لتعزيز التعاون والتكامل فيما بينها، بدلاً من زرع بذور الفتن والاختلافات بين شعوب تربطها وشائج الأخوة والمصير المشترك”
▪️*خلاصة القول ومنتهاه:*
▪️إن لم يستطيع السيسي تحييد وكسب رضا الخليج لتدخله فى السودان فعليه مخالفة البشير في ردة الفعل والتعامل مع الوضع ولا زالت الفرصة متاحة امامه لتدارك الأوضاع إذا قام بالأتى:-
▪ ️الوضوح والصراحة مع الشعب والمكونات السياسية المصرية واعلان التعبئة الوطنية لمواجهة ثغرة “التحدى الإقتصادى” وترك المعارضة والخلافات السياسية جانباً ، والإنتباه للطموح والمغامرات والإبتزازات “الخليجية”.
▪️الإسهام الجدي والفاعل بما يضمن تحقيق إستقرار في السودان ، وذلك بالنظر للأوضاع في السودان بمنطور واقعي وعملي ، وليس نظري استهلاكي (امن واستقرار السودان السياسي والإقتصادي ضمان وركيزة استراتيجية للإستقرار السياسي والإقتصادي لمصر ).
▪️نفض الغبار عن كرسي التموضع المصري الاقليمي الذي تنازلت عنه مصر طواعية ، والاستعادة “الحقيقية” لموقعها “المسلوب” .
▪️تكثيف العمل الدبلوماسي والتواصل باستثمار النفوذ المصري الإقليمي و العلاقات المصرية بالقوى الدولية المؤثرة و المهيمنة وحشد التأييد والدعم للموقف المصري.
▪️لابد للسيسي من تحديد موقف واضح من أقطاب الخليج المتنافسين حول كسب “مصر” ، وذلك وفق نظرية تحقيق المصالح “السياسية والإقتصادية الإستراتيجية الدائمة وليس التكتيكية المؤقتة ” ، لأن التوقيت والأزمة لا يجدي معها نهج الحياد ، او سياسة “اللعب على الحبلين” ، التي استخدمها “البشير” في وضعية وتحولات مشابهة فاضرت به وعجلت بسقوطه.