حاجب الدهشة .. علم الدين عمر .. أرتريا ..رائحة النضال ومسار المستقبل..

لحكمة قديمة .. أستخلصتها..وخبأتها طي وجداني أحتفي حد الفرح بعبق الأمكنة وعبير الشعوب والثقافات ورائحة النضال الإنساني ونجاحاته العميقة وليست تلك التي تزول بزوال الملهم أو المؤثر ..ربما لشغف عندي قديم بالقراءات الإنسانية التي تتجاوز عوارض الحوادث وتنفذ مباشرة لما بين سطورها من مسببات ونتائج ..وقد كنت طفلاً حين زحمت الآفاق رايات النضال الوطني الأرتري لتحجز مكانة هذا الشعب العريق أو لتستردها من فك الأسد الأفريقي الجائع لكل ما من شأنه أنتياش سانحة التحرر الكبير من براثن الإستعمار المباشر لنير الصراعات الداخلية وبلورة مسار الإستعمار الحديث بأيدي سمراء شديدة التوتر والنهم
تابعت حينها شعارات الثورة الأرترية الممزوجة بالتحدي ..هنا من الخرطوم ..وأولئك النسوة والفتيات والرجال والصبيان يطوقون الأُفق بقسماتهم الوسيمة وقدودهم الرشيقة وأبتساماتهم المتحدية لا يلوون علي شيئ يضعون اللبنات الأولي لدولتهم الوليدة ..وشيئاً فشيئاً بدأت أتلمس خطوات هذا الشعب وهذه الأمة التي أنتحت من مشاعرنا ووجداننا مكاناً شرقيا ..بكامل الإشراق يبادروننا بالوفاء الصافي ونبتدرهم بالمودة الصادقة وقد عجزت كل الحادثات عن إثنائنا أو تبدلهم ..فأرتريا في ذاكرة السودانيين هي تلك الدولة الملهمة وذاك الشعب الشقيق الذي ينساب كما الأنسام المعطرة برائحة التاريخ نحو السودان ..حباً وكرامة ..
فكلما أدلهمت الخطوب كانت أرتريا وشعبها الأقرب لنا بمحبة من الآخرين بمنطق ..فالسودان ..الشقيق الأكبر لأرتريا هو عمق إستراتيجي إجتماعي وسياسي وإقتصادي كامل التفاصيل ومعلوم المآلات ..وقد ظللت أحتفي دائماً برؤية الرئيس أسياس أفورقي ..أكثر الزعماء الأفارقة قرباً من تحديات المنطقة وقدرة علي تقدير المواقف من الناس والأحداث وتعتريني حالة من الإرتياح والثقة في قدرته علي إحداث الفرق ..كما التاريخ..
فالرجل علي أي حال يمثل إمتداد مبدئي لكبار القارة وحكمائها ..تجربة وحنكة ومبادأة وقوة ..وقد تمكن من وضع أرتريا الحديثة كنقطة مضيئة في ليل أفريقيا رغم التحديات الجسيمة التي تواجهها من كل الزوايا ..فأسمرا هي عاصمة الشرق الأفريقي من الإنهيار وليست عاصمة أرتريا فحسب ويكفي أن تدير نظرك في السلام المجتمعي ومساحة الأمان التي تتمتع بها هذه المدينة التي يجهل الكثيرون سرها فكلمة السر في ريتا التي نحب هي الأمان ولو كان بالشدة ..فقد تفككت أعتي الدول وذابت أكبر الكيانات السياسية المصنوعة بفعل التراخي
أرتريا تجربة دولة وشعب جديرة بالإحتفاء علي و ربما خابت السهام التي حاولت تعكير العلاقة بين السودان وأرتريا بفعل أو قرار عارض ..فما بين الخرطوم وأسمرا أكبر من هذه المناوشات ..إذ لم يرتد صدي الصوت عقب حادثة القائم بالأعمال السوداني بأسمرا حتي أعلنت القوات المسلحة السودانية عن إستقبالها لقطع من البحرية الأريترية علي الساحل السوداني تنفيذاً لتوجيهات الرئيس أسياس أفورقي لتأكيد وقفة القيادة الأريترية مع الشعب السوداني في ظروفه الحالية وتوطيداً لعلاقات البلدين ..سيعود السودان قريباً لمنصات القيادة في أفريقيا وسنحفظ للأيدي الصديقة هذا الصنيع ولا عزاء للذين أستنوا سكاكينهم لأن الثور السوداني لم يسقط ولن .

مقالات ذات صلة